حذّرت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، الأحد، من خطر توقّف المساعدات الإنسانية إلى البلد الغارق منذ قرابة ثمانية أشهر في الحرب.
كما أعربت سلامي عن قلقها بشأن مصير 20 مليون سوداني، أي أكثر من 40% من السكّان، لا تستطيع الوكالة الأممية الوصول إليهم بسبب ظروف الحرب.
وقالت المسؤولة الأممية إنّ "الوضع الكارثي بعد ثمانية أشهر من الصراع الدامي".
ومنذ 15 نيسان، يدور نزاع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وبحسب سلامي، فقد سجّلت الأمم المتحدة 12 ألف قتيل نتيجة المعارك، لكن يرجّح أن يكون العدد أقلّ بكثير من عدد الضحايا الفعلي للحرب التي أدّت أيضاً إلى "تشريد حوالي سبعة ملايين شخص، وهو ما يشكّل أكبر نزوح في العالم".
وأكدت سلامي أنّه على الرّغم من تأزم الأوضاع، إلا أنّه "يجب علينا التأقلم مع الموارد المحدودة"، مشيرة إلى أنّ الأمم المتحدة تحتاج "نحو 2,6 مليار دولار لم تتلقّ منها حتى الآن سوى 38,6%".
وتابعت محذرة "في مرحلة ما لن تكون لدينا الموارد حتى إذا نجحنا في الوصول (إلى المتضرّرين)".
- نصف السكّان -
وتوضح أنّه في الوقت الحالي "يحتاج حوالي 24,7 ملايين شخص إلى مساعدات إنسانية"، أي نصف سكّان البلاد.
وتضيف "حتى الآن، لم نتمكّن سوى من الوصول إلى أربعة ملايين شخص ونستهدف الوصول إلى 18 مليونًا" يحتاجون إلى المساعدة في "الصحة والمياه والغذاء والصرف الصحي".
ولم تتمكن الأمم المتحدة إلا مؤخراً من إمكانية وصول محدودة، عبر تشاد، إلى مناطق في إقليم دارفور الشاسع في غرب السودان والذي أعربت الأمم المتحدة عن خشيتها من أن ترقى الفظائع التي يشهدها إلى "إبادة جماعية".
وأبدى الأمين العام للمجلس النروجي للاجئين يان إيغلاند، القلق ذاته تجاه تقديم المساعدات الإنسانية في السودان.
وقال لفرانس برس "بعد سنوات من العمل الإنساني، لم أر مثل هذه الكارثة المروّعة والتي لا تحظى سوى بالقليل سواء من الاهتمام أو الموارد".
وأشار إلى ملايين السودانيين "العالقين وسط تبادل إطلاق النار والتفجيرات والعنف العرقي"، مؤكّداً أنّهم يعيشون "أسوأ أوقاتهم ونحن (منظمات الإغاثة) لسنا هناك".
-"شعب بحاجة إلى السلام"-
وتُعتبر الخرطوم من أكثر المناطق صعوبة للوصول إليها خصوصا وأنها شهدت شرارة الحرب الأولى إلى أن تحولت إلى ما يشبه الثكنة العسكرية التي لا يزال يحاصر فيها ملايين السكان.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، انسحبت الأمم المتحدة إلى بورتسودان، المدينة الواقعة في شرق البلاد على البحر الأحمر بمنأى عن الحرب وتمتلك الميناء والمطار الوحيدين العاملين في البلاد.
ومنذ ذلك الحين اقتصرت أنشطة الأمم المتحدة إلى حد كبير على شرق البلاد والذي يقع تحت سيطرة الجيش.
وقالت سلامي "ما زلنا نواجه تحديات كبيرة نتيجة لانعدام الأمن والوصول إلى بعض المناطق الساخنة مثل الخرطوم".
ومع فشل المفاوضات لوقف إطلاق النار بين الطرفين، انقسمت البلاد بين القوتين العسكريتين المتنازعتين ما يعرّض المساعدات المرسلة إلى المدنيين المتضرّرين لمتاهة من نقاط التفتيش التابعة للجانبين.
وقالت سلامي "يتعيّن علينا إجراء عملية تفاوض معقّدة حتى نتمكن من نقل مواد الإغاثة" إلى من يحتاجونها.
ومطلع الشهر الجاري أنهى مجلس الأمن الدولي بعثة الأمم المتحدة السياسية في السودان بناء على طلب الخرطوم.
والشهر الماضي، قالت الحكومة في الخرطوم إن المهمة "لم تعد تلبّي احتياجات وأولويات" السودان، وطالبت بإنهائها "فوراً".
ورفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس كلّ الاتّهامات الموجهة إلى المنظمة الدولية، مشيراً بأصابع الاتّهام إلى البرهان ودقلو "الجنرالين اللذين يتجاهلان تماماً مصالح شعبهما".
وفي هذا الصدد قال إيغلاند "لا يوجد حلّ إنساني لهذه الحرب".
وقالت سلامي "نريد أن يتوصل الطرفان إلى وقف لإطلاق النار... شعب السودان بحاجة إلى السلام".