أجرى قادة من الشرق الأوسط اجتمعوا في قطر مشاورات حول ما سيحدث بعد الحرب في غزة، لكنهم أعربوا عن معارضتهم الشديدة لإرسال قواتهم أو قوات دولية إلى القطاع الذي دمره القصف الإسرائيلي.
تعد القضية الفلسطينية التي تحظى بتضامن واسع من الشعوب العربية مسألة حساسة بالنسبة لقادة المنطقة. وفي منتدى الدوحة السنوي الذي اختتم الاثنين، كررت قطر القول بأنها لن ترسل قوات لتحقيق الاستقرار في الوضع بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني "لن يقبل أحد في المنطقة... إنزال قوات على الأرض (بعد) أن وطأتها دبابة إسرائيلية. هذا غير مقبول".
لكنه عارض أيضا إرسال أي قوة دولية إلى غزة في ظل الظروف الحالية. وقال "لا ينبغي لنا أن نتحدث دائما عن الفلسطينيين وكأنهم بحاجة إلى وصاية".
مثَّل الفلسطينيين في المنتدى السلطة الفلسطينية التي تتولى إدارة الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل في حين تسيطر حماس على غزة . وعلى الرغم من الخلافات بينهما، قال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية إنه لا يمكن القضاء على حماس.
وقال للمنتدى إنها "جزء لا يتجزأ من الفسيفساء السياسية الفلسطينية".
ولكن القضاء على حماس هو ما توعدت به إسرائيل وتسعى إليه من خلال حربها التي تشنها ردًا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 240 رهينة، للسلطات الإسرائيلية.
وأدى الهجوم البري والبحري والجوي الإسرائيلي الذي أعقب ذلك إلى مقتل ما لا يقل عن 18400 شخص في قطاع غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقًا لوزارة الصحة في حكومة حماس.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد محادثة مع الرئيس الأميركي جو بايدن أن هناك "خلافًا" بين الحليفين بشأن "ما بعد حماس".
وأعرب عن أمله في "أن يتمّ التوصل إلى اتفاق هنا" لكنه تعهّد "بعدم تكرار خطأ (اتفاقات) أوسلو" في إشارة إلى اتفاقات السلام الموقعة في الولايات المتحدة عام 1993.
فبموجب هذه الاتفاقات، تعيّن على إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية أن تعترف الواحدة بالأخرى وأن يُقام حكم ذاتي فلسطيني انتقالي لمدة خمسة أعوام وهي الفترة المناسبة لوضع اللمسات الأخيرة على تسوية الملفات الأساسية مثل وضع مدينة القدس والمستوطنات ومصير اللاجئين وغيرها.
- في قلب النزاعات -
وحذر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة من أن الفشل في التعامل مع "ما يأتي لاحقًا" بعد الحرب قد يعني "مشاهد أبشع خلال عام أو عامين".
وأعرب عن أمله في أن تكون الحرب بمثابة "جرس إنذار" خصوصًا وأن النزاع يهدد بإشعال حرب إقليمية أوسع نطاقا.
شجعت الحرب قوى على صلة بإيران الدعامة لحماس على شن هجمات على القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها في العراق وسوريا واليمن، بينما تخوض إسرائيل اشتباكات شبه يومية عبر حدودها الشمالية مع حزب الله في لبنان.
وقال رئيس الوزراء القطري إن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني "في قلب كل النزاعات في المنطقة". وأضاف أن "ما يخرج من غزة كل يوم لا يؤثر فقط على تلك القوى في لبنان أو اليمن، بل يؤثر أيضا على جيل كامل قد تدفعه مثل هذه الصور إلى التطرف".
لكن لم تُطرح توجهات أو سياسات ملموسة خلال المنتدى الذي لم يضم ممثلين رفيعي المستوى من الفاعلين الإقليميين الرئيسيين، المملكة العربية السعودية ولبنان ومصر.
أشارت الولايات المتحدة، الحليف الديبلوماسي والعسكري الرئيسي لإسرائيل، في السابق إلى أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تتولى إدارة كل من غزة والضفة الغربية في أعقاب توقف القتال.
لكن الفلسطينيين يقولون إن الوضع يتطلب استجابة جوهرية، تأخذ على محمل الجد، كما قال اشتيه، قيام "دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على جميع الأراضي الفلسطينية".
قالت قطر التي تستضيف قيادة حماس، إنها ما زالت تواصل جهودها للتوصل إلى هدنة جديدة مثل تلك التي أعلنت الشهر الماضي وتم خلالها التوقف مدة أسبوع عن القتال وتبادل عشرات الرهائن الإسرائيليين مقابل سجناء فلسطينيين وإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر.
لكن رئيس الوزراء القطري حذر من أن القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة "يضيق فرص" التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وأضاف "تقع على عاتقنا جميعا مسؤولية جماعية لوقف القتل والعودة إلى طاولة (المفاوضات) من أجل التوصل إلى حل دائم".