استهدف قصف إسرائيلي جديد قطاع غزة، الثلثاء، رغم الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على حماس، والتنديد الدولي المتزايد بالخسائر الفادحة في صفوف المدنيين في القطاع المحاصر.
ويتوقع أن يصوت مجلس الأمن الدولي الثلثاء على مسودة جديدة لقرار يدعو إلى "وقف عاجل ودائم للأعمال القتالية للسماح بوصول المساعدة الإنسانية من دون عوائق إلى قطاع غزة"، بعد الهجوم الذي نفذته حركة حماس في 7 تشرين الأول على إسرائيل.
وكانت الولايات المتحدة التي أكّدت الاثنين أنّها "ستواصل تزويد" إسرائيل الأسلحة والذخائر في حربها ضدّ حماس، استخدمت حق النقض ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة، مع تنديدها في الوقت نفسه في الأيام الأخيرة بالضربات "العشوائية" التي ينفّذها الجيش الإسرائيلي.
وانطلقت شرارة الحرب في 7 تشرين الأول بهجوم غير مسبوق شنّته حماس داخل إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، أوقع نحو 1140 قتيلا، غالبيتهم من المدنيين، كما اقتيد نحو 250 رهينة إلى القطاع، وفقا للسلطات الإسرائيلية، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة.
وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل "القضاء" على حماس وبدأت هجوما واسع النطاق تسبب بدمار هائل في قطاع غزة. وأوقع القصف 19667 قتيلا على الأقل، نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لحكومة حماس الثلثاء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 131 جنديا منذ بدء عملياته البرية في 27 تشرين الأول الماضي.
وليل الاثنين الثلثاء، استهدف قصف إسرائيلي مدينتَي رفح وخان يونس (جنوب) ووسط غزة، بحسب مراسلين لوكالة فرانس برس.
أ ف ب
- "قصف في كل غزة" -
وقُتل الثلثاء 20 فلسطينيا في قصف لمدينة رفح، بحسب حركة حماس، من بينهم أربعة أطفال والصحافي عادل زعرب.
في هذه المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر والتي تؤوي عشرات آلاف النازحين الذين فروا من القتال في الشمال، كان ناجون يبحثون بين أنقاض مبنى منهار في الصباح وينتشلون جثثا.
وقال جهاد زعرب لوكالة فرانس برس "ليس هناك مكان آمن. نحن نازحون من مدينة غزة. جئنا إلى هنا، دمرت منازلنا. هناك قصف في كل غزة".
من جهته، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك "اليوم، يضطر الفلسطينيون للجوء إلى مناطق تزداد صغرا (...) فيما تقترب العمليات العسكرية شيئا فشيئا" منهم.
وأضاف "إنهم محاصرون في جحيم. لم يعد هناك مكان يذهبون إليه في غزة".
وفي القطاع الذي تخضعه إسرائيل لحصار كامل منذ التاسع من تشرين الأول، نزح نحو 1,9 مليون نسمة، أي 85 في المئة من السكان، بسبب الحرب، وفق الأمم المتحدة.
واضطر كثير من السكان للفرار مرات عدة وأقاموا في مخيمات محرومين من الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير الإثنين إلى أنّ "الحكومة الإسرائيلية تستخدم تجويع المدنيين أسلوبا للحرب في قطاع غزة المحتل، ما يشكّل جريمة حرب".
وردّت الحكومة الإسرائيلية بوصف المنظمة بأنها "منظمة معادية للسامية ومعادية لإسرائيل".
ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي إنه عثر على عبوة ناسفة في عيادة طبية في الشجاعية في مدينة غزة قرب مدرسة ودمرّ أنفاقا لحماس وقتل ناشطين في الحركة خلال العمليات الأخيرة في قطاع غزة.
وفي الضفة الغربية المحتلة، فجر الجيش الإسرائيلي فجر الثلثاء منزل فلسطيني يتهمه بتنفيذ هجوم مسلح أدى إلى مقتل إسرائيليَين في آب الماضي في بلدة حوارة جنوب نابلس على ما أكد الجيش وشهود عيان.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه "دمر شقة منفذ العملية في حوارة التي قتل فيها شاي وأفيعاد نيجركار في بلدة عقربا".
ودوت صفارات الإنذار في تل أبيب معلنة إطلاق حماس صواريخ من غزة سقطت في وسط البلاد.
كذلك، أفاد الجيش الإسرائيلي أنه عقب تحذيرات بشأن اختراق جوي معادٍ إلى شمال إسرائيل، نجحت منظومة الدفاع الجوي في اعتراض هدف جوي مشبوه أطلق من لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية. وفعّلت تحذيرات خاصة بالصواريخ بسبب خطر سقوط شظايا من الصاروخ المعترض.
وقبيل ذلك، أعلن الجيش أن مقاتلاته قصفت "أهدافا إرهابية" لحزب الله في لبنان، بما فيها "بنى تحتية إرهابية ومجمعات عسكرية ومنشأة لتخزين الأسلحة ومواقع إطلاق" صواريخ.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحماس أشرف القدرة "نستغرب الصمت الدولي وهو يرى المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي شمال غزة في ظل عدم توافر خدمات صحية نتيجة تدمير المستشفيات وإخراجها عن الخدمة ما يعني إصرار الاحتلال على الإبادة الجماعية".
بدوره، أعلن فضل نعيم مدير المستشفى الاهلي وهو من آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل في شمال قطاع غزة، توقف المستشفى عن العمل الثلثاء بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي.
وحاصر الجيش الإسرائيلي المستشفى واعتقل عددا من الأطباء والممرضين والجرحى، بحسب ما أعلن مدير المستشفى لوكالة فرانس برس.
وبحسب نعيم "استشهد 4 مواطنين متأثرين بجروحهم التي أصيبوا بها أمس".
أ ف ب
- توترات في البحر الأحمر -
كثيرة هي بؤر التوتر في المنطقة حيث يسود تخوّف من اتسّاع نطاق النزاع، خصوصا بسبب تصاعد هجمات الحوثيين في اليمن التي تستهدف حركة الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر.
وقال المتمردون الحوثيون الثلثاء إنهم "لن يوقفوا" عملياتهم العسكرية في البحر الأحمر رغم تشكيل الولايات المتحدة تحالفا دوليا للتصدي لها في الممر الملاحي الدولي.
وقال المسؤول الحوثي محمد البيتي على منصة "إكس"، "حتى لو نجحت أميركا في حشد العالم كله فإن عملياتنا العسكرية لن تتوقف إلا بتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة والسماح بدخول الغذاء والدواء والوقود لسكانها المحاصرين مهما كلفنا ذلك من تضحيات".
في المقابل أكدت وزارة الدفاع الأميركية الثلثاء أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر تمثل تهديدا لحرية التجارة العالمية.
بدوره، أفاد مكتب بنيامين نتنياهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدث مع نظيره الهندي ناريندرا مودي وبحثا في "أهمية ضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب الذي تهدده اعتداءات الحوثيين بمبادرة إيرانية، والمصلحة العالمية هي منع الإضرار بالاقتصاد والتجارة الدولية، وكذلك باقتصادَي الهند وإسرائيل".
وأضاف البيان أن "رئيس الوزراء الهندي أشار إلى أن حرية الملاحة هي حاجة عالمية أساسية ويجب حمايتها".
في غضون ذلك، تتواصل المفاوضات من أجل هدنة جديدة.
وأفاد موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" وليام بيرنز أجرى في وارسو محادثات مع مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ورئيس وزراء قطر تهدف إلى إجراء مفاوضات جديدة لإطلاق سراح رهائن.
وأعربت حماس مرة أخرى عن استعدادها لصفقة تبادل أسرى لكن "بعد وقف لإطلاق النار".
وتعارض إسرائيل وقف إطلاق النار الذي من شأنه، وفقا لها، أن يترك السيطرة على قطاع غزة لحركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل منظمة إرهابية.
وأدت هدنة استمرت سبعة أيام الشهر الماضي إلى الإفراج عن 80 رهينة كانت محتجزة في قطاع غزة في مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وعلى الصعيد الديبلوماسي، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن وزير الخارجية إيلي كوهين يقوم الأربعاء بزيارة لقبرص حيث سيلتقي نظيره ويبحث في "تسريع إقامة ممر بحري من قبرص إلى قطاع غزة".