غابت أجواء احتفالات عيد الميلاد المعتادة عن شوارع مدن سورية عدّة، ولن تكون هناك مسيرات تجوب الشوارع أو تهاني بعدما أعلنت الكنائس الرئيسية في البلاد الاكتفاء بالصلاة تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
في مدينة حلب في شمال البلاد، يقول مطران السريان الكاثوليك مار ديونوسيوس، أنطوان شهدا، لوكالة "فرانس برس": "في فلسطين، في المكان الذي وُلِد فيه السيد المسيح، الناس يتألّمون".
هذه السنة، تغيب شجرة الميلاد الكبيرة عن حي العزيزية في حلب. كانت تنتصب في الساحة كل سنة ويتجمهرُ حولها العشرات بملابس ملونة يلتقطُون الصور. وخَلَت الساحة هذه السنة من الزينة أو الإضاءة.
ويُقول شهدا: "في سوريا ألغينا الاحتفالات والاستقبالات الرسمية في كنائسنا تضامناً مع ضحايا القصف في غزة واقتصرنا فقط على الصلوات لربنا حتى تتوقف الحروب في العالم وفي الشرق".
وأعلنت الكنائس الرئيسية الثلاث في سوريا أنّه "نظراً للظروف الراهنة وخصوصاً في غزة، يعتذر البطاركة عن عدم تقبّل المعايدات والتهاني في عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، ويكتفون بالصلوات مرسلين البركة لكل أبنائهم".
ووقَّع البيان كل من بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، وبطريرك السريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثاني، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي.
"لا فرصة للفرح"
وقبل بدء النزاع الدامي في سوريا في 2011، كان تعداد المسيحيين في سوريا يزيد عن 1,2 مليون نسمة من اجمالي عدد السكان الـ24 مليون، لكن عدداً كبيراً منهم هاجر الى خارج البلاد جراء الحرب.
وخلال سنوات النزاع، بهتت أجواء احتفالات عيد الميلاد بشكل عام في سوريا على وقع المعارك ثم الأزمة الاقتصادية وتداعياتها المعيشية على السكان.
وإن كانت الاحتفالات استعادت بعضاً من عافيتها خلال السنوات الماضية مع تراجع المعارك، إلّا أنّها لم تعد يوماً إلى ما كانت عليه سابقاً خصوصاً على وقع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أنتجتها الحرب.
هذه السنة، غابت الاحتفالات بشكل شبه تام عن كنائس وشوارع وأسواق دمشق التي اعتادت أن تجوبها في هذا الوقت من كل عام فرق الكشافة، فتقرع الطبول وتنفخ الأبواق، ويسير خلفها العشرات يتنقلون بين كنيسة وأخرى.
ولم تُزيّن الأشجار المضاءة شوارع العاصمة التي ليس للميلاد حضور فيها اليوم سوى في سوق عيد في وسط المدينة.
وقد اكتفت الكنيسة المريمية التابعة لبطريركية الروم الأورثوذكس بوضع زينة وأضواء خفيفة وشجرة صغيرة في باحتها.
بدلاً من شجرة الميلاد، اكتفت راشيل حداد (66 عاماً) بإشعال بعض الشموع في منزلها للصلاة من أجل أن يحلّ السلام على قطاع غزة.
وتقول حداد التي تتسمّر يومياً أمام شاشة التلفاز تتابع أخبار غزة لـ"فرانس برس": "هذه السنة حزينة للغاية، بدأناها بالزلزال (المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط) واختتمناها بالحرب في غزة". وتضيف: "لم تكن هناك فرصة للفرح".
ليست حرب غزة وحدها التي حالت دون احتفال حداد بالميلاد، بل حزنها أيضاً على وقع الأزمة المعيشية في بلدها وما يرافقها من غلاء في الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي وشح في المحروقات.
وتقول: "إذا لم يكن هناك كهرباء، فكيف سترى الزينة والأضواء؟".