تواصل إسرائيل القتال في محاولة لفرض سيطرتها الكاملة على شمال قطاع غزة في مواجهة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في وقت ناقش فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأميركي الأوضاع في الحرب المستمرة منذ 11 أسبوعاً.
جاء ذلك بعد يومين من إصدار مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، قراراً دعا فيه إلى زيادة المساعدات للقطاع لكنّه لم يصل إلى حد المطالبة بوقف إطلاق النار.
وتصاعد دخان كثيف فوق مدينة جباليا في شمال القطاع أمس السبت والتي تضم أيضاً أكبر مخيم للاجئين في غزة. وأفاد سكان باستمرار الضربات الجوية والقصف من دبابات إسرائيلية قالوا إنها توغلت داخل المدينة.
وقال البيت الأبيض إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ناقشا بالتفصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، بما في ذلك "أهدافها ومراحلها" والحاجة إلى حماية أرواح المدنيين وتأمين إطلاق سراح باقي الرهائن.
وذكر مكتب نتنياهو أنّه "أوضح أن إسرائيل ستواصل الحرب إلى حين تحقيق كل أهدافها بالكامل".
وتواصل الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل، في الوقت الذي تُعبّر فيه عن القلق إزاء تزايد عدد القتلى وتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة المكتظ بالسكان.
ويقول مسؤولون أميركيون إنّهم يريدون، ويتوقّعون من إسرائيل، أن تُحوّل عملياتها العسكرية في قطاع غزة قريباً إلى مرحلة أقل كثافة يمكن خلالها تنفيذ المزيد من العمليات محدّدة الهدف التي تُركّز على قيادة "حماس" وبنيتها التحتية.
وقال بايدن للصحافيين: "لم أطلب وقف إطلاق النار"، كما قال مكتب نتنياهو إنّه شكر بايدن على موقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي.
وبعد أيام من الجدل لتجنُّب التهديد الأميركي باستخدام حق النقض (فيتو)، أصدر مجلس الأمن يوم الجمعة قراراً يحضّ على اتخاذ خطوات عاجلة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية "بشكل موسع وآمن ودون عوائق وتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية".
وتم تخفيف نبرة القرار مقارنة بالمسودات السابقة التي دعت إلى إنهاء فوري للحرب المستمرة منذ 11 أسبوعاً وتخفيف سيطرة إسرائيل على توصيل المساعدات ممّا مهد الطريق أمام التصويت الذي امتنعت عنه الولايات المتحدة.
وتعارض الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تعهّدت بالقضاء على "حماس"، وقف إطلاق النار معتبرتين أن ذلك سيسمح للحركة بإعادة تنظيم صفوفها وتسليحها.
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس السبت، أنّ عدد القتلى ارتفع إلى 20258 ويُعتقد بأنّ آلاف الجثث الأخرى لا تزال تحت الأنقاض. وأدت الحرب إلى نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2,3 مليون نسمة تقريباً.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم، مقتل 154 جنديّاً منذ أن بدأت الاجتياح البري للقطاع في 20 تشرين الأول.
"يقصفون ليل نهار" قال كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، يوم الجمعة، إنّ قوات الجيش حقّقت سيطرة عملياتية شبه كاملة على شمال قطاع غزة وتستعد لتوسيع الهجوم البري ليشمل مناطق أخرى في القطاع مع التركيز على الجنوب.
وكتب يسرائيل كاتس، وزير الطاقة الإسرائيلي والعضو في حكومة الحرب، على منصة "إكس": "ينبغي أن نمضي قُدماً من أجل كل جندي سقط أيضا. حتى القضاء على (حماس). حتى استعادة الرهائن".
تأمر إسرائيل السكان بمغادرة المناطق الشمالية من قطاع غزة، لكنّ قوّاتها تقصف أيضاً أهدافاً في الأجزاء الوسطى والجنوبية من القطاع الساحلي الصغير.
وقال زياد، وهو مسعف وأب لستة أطفال، لـ"رويترز": "أين يجب أن نذهب؟ لا يوجد مكان آمن... يطلبون من الناس التوجه إلى دير البلح (وسط غزة) حيث يقصفون ليل نهار".
ولفت رمزي العايدي، وهو من سكان غزة، إلى أنّ "هؤلاء أشخاص يعني الأصل بأن يكونوا آمنين في بيوتهم ومحميين بموجب القانون، لكن... القانون الدولي قد سقط... لو كانت إسرائيل هي من تقع مكان الفلسطينيين لقامت الدنيا ولم تقعد".
بدورها، أعلنت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أنّها دمّرت خمس دبابات إسرائيلية في محيط جباليا ممّا أدّى إلى سقوط أفراد طواقمها بين قتيل ومصاب بعد إعادة استخدام صاروخين غير منفجرين أطلقتهما إسرائيل في وقت سابق.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّه أطلق طلقات خادعة في منطقة عيسى بمدينة غزة لاستدراج عشرات المسلحين إلى مبنى كان بمثابة مقر لحركة حماس في شمال القطاع.
وجاء في البيان: "وجّهت القوات البرية والمخابراتية التابعة للجيش الإسرائيلي طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي لضرب المبنى، والقضاء على الإرهابيين"، وفق وصفه.
ونشر الجيش أيضاً مقطعا مصوّراً قال إنه يظهر أنفاقاً لـ"حماس" في منطقة عيسى.