تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة القتال في غزة حتى القضاء على "حماس" متحدياً الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وسط مخاوف من احتمال انتشار الصراع مع تبادل القوات الأميركية وجماعات متحالفة مع إيران الهجوم مجدّداً.
وقال نتنياهو، الذي زار القوات الإسرائيلية في شمال غزة أمس الاثنين، لنواب من حزب ليكود الذي يتزعمه إنّ الحرب أبعد ما تكون عن نهايتها ورفض ما وصفها بأنها تكهّنات إعلامية بأن حكومته قد تدعو إلى وقف القتال.
وذكر أنّ إسرائيل لن تنجح في إطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى "حماس" دون ممارسة الضغط العسكري.
وقال نتنياهو: "لن نتوقف. الحرب ستستمر حتى النهاية، حتى اكتمالها، ليس أقل من ذلك".
وفي مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أمس الاثنين، أكد نتنياهو على ثلاثة شروط مسبقة لتحقيق السلام: يجب تدمير "حماس"، ويجب نزع سلاح غزة، ويجب استئصال التطرف في المجتمع الفلسطيني.
وتتعرض إسرائيل لضغوط من أقرب حلفائها، الولايات المتحدة، كي تقلص حملتها العسكرية وتحد من عدد القتلى المدنيين في الهجوم الذي تشنه انتقاماً من هجوم "حماس" المباغت عبر الحدود في السابع من تشرين الأول.
وقالت السلطات في غزة التي تديرها حركة "حماس" إن حوالي 20700 شخص قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي على القطاع، منهم 250 في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وتعرّضت القوات الأميركية لهجوم من مسلحين تدعمهم إيران في العراق وسوريا بسبب دعم واشنطن لإسرائيل في حربها على "حماس" في قطاع غزة.
وفي أحدث اشتباك بين الطرفين، نفذ الجيش الأميركي ضربات جوية انتقامية أمس الاثنين في العراق بعد هجوم بطائرة مسيّرة شنّه مسلّحون متحالفون مع إيران على قاعدة أميركية في أربيل، ممّا أدّى إلى إصابة ثلاثة جنود أميركيين أحدهم في حالة حرجة.
وقال الجيش الأميركي إنّ الضربات الجوية قتلت "عدداً من مقاتلي كتائب حزب الله" ودمرت عدة منشآت تستخدمها الجماعة.
وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، في بيان: "تهدف هذه الضربات إلى محاسبة تلك العناصر المسؤولة بشكل مباشر عن الهجمات على قوات التحالف في العراق وسوريا وتقليل قدرتها على مواصلة الهجمات. سنحمي قواتنا دائماً".
وتعرض الجيش الأميركي لمئة هجوم على الأقل في العراق وسوريا منذ بدء الحرب بين إسرائيل و"حماس" في تشرين الأول، وعادة ما يكون ذلك بمزيج من الصواريخ والطائرات المسيرة الملغومة.
وتضغط واشنطن منذ أسابيع على إسرائيل لاتخاذ المزيد من الخطوات لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين من خلال تحديد المناطق الآمنة وفتح الطرق الإنسانية أمام الناس للفرار. لكن عدد القتلى مستمر في الارتفاع وتشتد العمليات الإسرائيلية أكثر.
وتحدثت جيما كونيل، التي تقود فريقاً إنسانيّاً تابعاً للأمم المتّحدة وتعمل في غزة منذ عدة أسابيع، عما قالت إنها "رقعة شطرنج بشرية" يفر بداخلها آلاف الأشخاص الذين نزحوا عدة مرات بالفعل، وأضافت أنه ليس هناك ما يضمن أن وجهتهم القادمة ستكون آمنة.
وقالت كونيل، رئيس فريق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، التي زارت حي دير البلح وسط قطاع غزة أمس الاثنين "هناك مساحة صغيرة متبقية هنا في رفح لدرجة أنّ الناس لا يعرفون إلى أين سيذهبون، ويبدو الأمر وكأن الناس يتم نقلهم حول رقعة شطرنج بشرية لأن هناك أمر إخلاء في مكان ما".
وأضافت لـ"رويترز": "الناس يفرون من تلك المنطقة إلى منطقة أخرى. لكنهم ليسوا آمنين هناك".
وردّاً على طلب للتعليق، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنّ "الجيش يتّخذ كل الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين لكن المسلحين الفلسطينيين يستخدمون المدنيين كدروع بشرية، وهو ما تنفيه حماس".
ضربات جوية جديدة
في وقت مبكر من اليوم الثلثاء، تحدّث سكان فلسطينيون عن وقوع عدّة غارات جوية بالقرب من مستشفى ناصر في خان يونس، أكبر منشأة طبية في جنوب قطاع غزة.
وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إنّ سبعة أشخاص قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل في حي الأمل بمدينة خان يونس.
ونعى الفلسطينيون أكثر من 100 شخص قال مسؤولو الصحة في غزة إنهم قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية ليلة عيد الميلاد، وهي واحدة من أكثر الليالي دموية في الحرب المستمرة منذ 11 أسبوعاً بين إسرائيل و"حماس".
وفي جنازة أمس الاثنين في غزة، انتحب فلسطينيّون بجوار جثامين 70 شخصاً على الأقل قال مسؤولون فلسطينيّون من قطاع الصحة إنهم لاقوا حتفهم في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مخيم المغازي في وسط القطاع المحاصر.
وأصدر البابا فرانسيس رسالة شديدة اللهجة قال فيها إنّ الأطفال الذين يموتون في الحروب، بما في ذلك في غزة، هم "يسوع الصغير اليوم"، وقال إنّ الضربات الإسرائيلية تجني "حصاداً مروّعاً" من المدنيين الأبرياء.
وفي الوقت نفسه، لم تسفر الجهود الديبلوماسية عن الكثير لمساعدة الفلسطينيين.
وقال مصدران أمنيان مصريان لـ"رويترز" أمس الاثنين إنّ "حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي" المتحالفتين رفضتا اقتراحاً مصريّاً بالتخلي عن السلطة في قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار. وذكر المصدران أنّ "حماس" والجهاد رفضتا تقديم أيّ تنازلات بخلاف إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
ويُعتقد بأنّ الحركتين ما زالتا تحتجزان أكثر من 100 رهينة من بين 240 احتجزوا خلال هجومهما في السابع من تشرين الأول على بلدات في إسرائيل التي تقول إنه أدى لمقتل 1200 شخص.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذئذ ودكت أجزاء كبيرة منه. واضطرت الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى النزوح، وتقول الأمم المتحدة إن الأوضاع في القطاع كارثية.