دخلت الحرب بين إٍسرائيل وحركة "حماس" السبت أسبوعها الثالث عشر، بينما تواصل القصف المدمّر على قطاع غزة حيث السكان "منهكون" في ظل غياب أي بوادر لوقف إطلاق نار.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت إنّ الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد "حماس" ستستمر "أشهراً عدة"، مجدِّدا تعهده القضاء على الحركة الفلسطينية في قطاع غزة.
ويشهد وسط القطاع المحاصر وجنوبه الذي يضمّ عدداً كبيراً من النازحين الفلسطينيين قصفاً مكثفاً ليلاً ونهاراً.
وواصل سكان قرية الزوايدة في وسط قطاع غزة الجمعة انتشال جثث من تحت الأنقاض بعد غارات إسرائيلية.
وقال مدير الدفاع المدني في المحافظة الوسطى رامي العائدي "قمنا بانتشال تسعة شهداء من عائلة مسالمة جداً"، مضيفاً "تمّ استهداف منزلين مجاورين".
في الجنوب، تصاعدت أعمدة الدخان في سماء مدينة رفح. وقالت أم لؤي أبو خاطر (49 عاماً) التي نزحت من خان يونس جنوب بسبب الحرب، إلى مخيم موقّت للاجئين في رفح "كفانا من هذه الحرب! نحن منهكون تماماً. ننزح باستمرار من مكان إلى آخر وسط البرد".
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة السبت أنّ العمليات العسكرية الإسرائيلية خلّفت 21672 قتيلاً في القطاع المحاصر، معظمهم من النساء والأطفال والمراهقين، منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول.
وأكدت الوزارة مقتل 165 شخصاً وإصابة 250 آخرين خلال الساعات الـ 24 الماضية، مضيفةً أنّ 56165 شخصاً جُرحوا منذ 7 تشرين الأول.
واندلعت الحرب مع شنّ حركة "حماس" هجوماً غير مسبوق على إسرائيل خلّف نحو 1140 قتيلاً، بحسب السلطات الإسرائيلية معظمهم مدنيون. واقتيد خلال الهجوم نحو 250 رهينة إلى قطاع غزة لا يزال 129 منهم محتجزين، وفق إسرائيل.
وبعدما توعّدت بالقضاء على حركة "حماس"، تقصف إسرائيل القطاع بشكل متواصل وتشنّ هجوماً برياً فيه منذ 27 تشرين الأول أودى بحياة 170 جندياً حتى الآن، وفقاً للجيش الاسرائيلي.
- تدمير أنفاق -
وفي حين دُمّرت أجزاء كبيرة من شمال قطاع غزة خلال الأسابيع الأولى من الحرب، نشر الجيش الإسرائيلي السبت صوراً لأنفاق تابعة لـ"حركة حماس" قال إنه كشفها خلال عملياته. وأفاد بأنها مجهّزة بالكهرباء وبأنظمة للتهوئة ولمياه الصرف الصحي، وبغرف للراحة والصلاة.
وأكّد في بيان أنه فجّر هذه الشبكة الموجودة تحت الأرض الجمعة وأظهرت صور جوية عصف انفجار ضخم.
واضطر 85 في المئة من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون إلى الفرار من منازلهم بسبب الحرب، وفقاً للأمم المتّحدة، وهم يواجهون وضعاً إنسانياً كارثياً.
وحذّرت وزارة الصحة في غزة في بيان من "مخاطر المجاعة والجفاف الذي يصيب 1,9 مليون نازح ومشرد يفتقدون للمأوى المناسب والماء والطعام والدواء والأمان".
وتدخل عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، عشرات شاحنات المساعدات يومياً إلى القطاع الذي تفرض عليه إسرائيل حصاراً شاملاً، وهو عدد غير كاف بالمقارنة مع الحاجات.
وجدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الجمعة دعوته إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، في حين حذّرت "منظمة الصحة العالمية" من تزايد خطر انتشار الأمراض المعدية بين سكان غزة.
- "أسوأ سنة في حياتي" -
وقال أحمد الباز (33 عاماً) النازح إلى رفح "2023 هي أسوأ سنة في حياتي. كانت سنة دمار وخراب. عشنا مأساة لم يعرفها حتى أجدادنا".
ويواصل الوسطاء الدوليّون جهودهم للتوصّل إلى هدنة جديدة في المعارك، بعد هدنة أولى استمرّت أسبوعاً في أواخر تشرين الثاني، وأتاحت إطلاق سراح اكثر من 100 رهينة وادخال مساعدة إنسانية محدودة الى غزة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السبت في مؤتمر صحافي "الحرب ستستمر أشهراً عدة حتى يتم القضاء على "حماس" وعودة الرهائن".
وأضاف "سنضمن أن غزة لن تشكل بعد الآن تهديدا لإسرائيل"، مشيراً إلى أنّ حوالى ثمانية آلاف مقاتل فلسطيني قُتلوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
وتابع: "نحن نحرم "حماس" من قدراتها تدريجاً... وسنقضي على قادتها أيضاً".
وكان موقعاً "أكسيوس" الإعلامي الأميركي و"واي نت" الإسرائيلي نقلاً عن مصادر إسرائيليّة لم يكشفا عن هويتها، أنّ قطر أبلغت إسرائيل بأنّ "حماس" وافقت على مبدأ استئناف المحادثات بهدف إطلاق سراح أكثر من أربعين رهينة مقابل وقف لإطلاق النار.
ووصل وفد من حركة "حماس" الجمعة إلى القاهرة للبحث في مقترح مصري لوقف إطلاق النار على ثلاث مراحل، ينص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن عشرات الرهائن والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف الأعمال القتالية.
في تل أبيب، تجمّع مئات المتظاهرين مساء السبت مطالبين الحكومة بوضع "خطة شاملة" لإعادة جميع الرهائن.
وهتف المتظاهرون "أعيدوهم إلى الديار الآن"، بحسب مراسل لـ"وكالة فرانس برس".
وقالت موران ستيلا ياناي، وهي من الرهائن الذين أطلق سراحهم الشهر الماضي "الشيء الأكثر رعباً في غزة هو أن تصبح منسيّاً".
- مقتل مقاتلين موالين لطهران في سوريا -
وندّدت حركة "حماس" السبت بموافقة الإدارة الأميركية الجمعة "بشكل طارئ"، ومن دون المرور بالكونغرس، على بيع ذخائر مدفعية من مخزون الجيش الأميركي لإسرائيل بقيمة 147,5 مليون دولار، تتضمن قذائف من عيار 155 ملم ومعدات أخرى.
واعتبرت في بيان أنّ "تزويد الإدارة الأميركية للاحتلال مجدداً بقذائف مدفعية مشاركة فعلية في حرب الإبادة التي يشنها ضد الأطفال والمدنيين العزّل في غزة".
وتثير الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" توتراً في المنطقة وسط مخاوف من اتساع نطاقها.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية السبت أنّ الجيش الإسرائيلي قتل فلسطينياً بالرصاص في الضفة الغربية المحتلة. وأفاد الجيش بأنّه اشتبه في قيامه بتنفيذ عملية دهس.
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967، تصاعداً في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس".
ومنذ ذلك الحين، قتل أكثر من 317 فلسطينيّاً بنيران الجيش أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفقاً لأرقام وزارة الصحّة الفلسطينية.
وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية تبادل قصف يومي بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" اللبناني.
ونعى "حزب الله" في بيانات متلاحقة السّبت أربعة من عناصره قال إنّهم قُتلوا "على طريق القدس"، وهي التسمية التي يطلقها على عناصره الذين يقتلون في ضربات إسرائيلية منذ بدء الحرب في غزّة.
من جانب آخر، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 23 مقاتلاً موالياً لإيران السبت جراء غارات جوية رجّح أن تكون طائرات إسرائيلية نفّذتها في شرق سوريا، ومقتل أربعة مقاتلين آخرين في شمال سوريا في غارة إسرائيلية. ولم تؤكد إسرائيل هذه الغارات.
كما أفاد المرصد عن تعرّض قاعدتين أميركيتين في محافظة دير الزور في شرق سوريا لهجمات بالصواريخ ومسيّرة، مشيراً إلى وقوف مجموعات مدعومة من إيران وراءها.
وتعرّضت القوات الأميركية في العراق وفي سوريا لعشرات الهجمات منذ منتصف تشرين الأول أي بعد عشرة أيام من بدء الحرب بين "حماس" وإسرائيل.