عام قاتم بالنسبة الى الفلسطينيين والإسرائيليين ينتهي الأحد في ظل غياب أي مؤشرات الى إمكانية وضع حدّ قريبا للحرب المستعرة في قطاع غزة والتي تعتبر الأكثر عنفا في الأراضي الفلسطينية وقد تلت هجوما على إسرائيل هو الأكثر دموية في تاريخها.
لم تهدأ الغارات الجوية الإسرائيلية، ولم تتوقف المعارك البريّة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حماس، فيما يسود اليأس بين سكان القطاع المحاصر الذين يعانون تداعيات الحرب اليومية.
وقتل 48 فلسطينيًا على الأقل في قصف ليلي على مدينة غزة ولا يزال عديدون تحت الأنقاض.
وقال محمد بطيحان وهو من سكان غزة "بعد الانفجار أتينا إلى المنطقة ووجدنا شهداء أينما كان".
وقال شهود إن ضربة أخرى قتلت 20 شخصًا كانت تؤويهم جامعة الأقصى في غرب مدينة غزة.
وقُتل وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق يوسف سلامة الأحد بغارة إسرائيلية على منزله في قطاع غزة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" ووزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 12 مقاتلًا فلسطينيًا في عدد من المعارك البرية وفي القصف الجوي والمدفعي، مشيرًا إلى أنه عثر على أنفاق لحماس ومتفجرات مزروعة في روضة أطفال.
وأسفر القصف الإسرائيلي على قطاع غزة الذي يترافق منذ 27 تشرين الأول مع عمليات برية، عن مقتل 21822 شخصا على الأقل، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، هي أعلى حصيلة لأي عملية إسرائيلية حتى الآن.
وأفادت الوزارة عن سقوط 56451 جريحا منذ بدء الحرب، في وقت أصبحت معظم مستشفيات غزة إما خارج الخدمة أو متضررة ومكتظة.
واندلعت الحرب بعدما شنت حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول أودى بحياة نحو 1140 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لوكالة فرانس برس تستند الى بيانات رسمية.
وقتل 170 جنديا إسرائيليا داخل غزة، وفق الجيش، فيما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي قتل حوالى ثمانية آلاف "إرهابي" حتى الآن.
وقبل أيام، أعلنت إسرائيل أن جنودها دمروا مخبأ زعيم حماس في غزة يحيى السنوار الذي يلقّبونه "الرجل الحي الميت"، المتصل بشبكة أنفاق واسعة في مدينة غزة.
- "معاناة إنسانية رهيبة" -
وتفرض إسرائيل منذ التاسع من تشرين الأول حصارا محكما على قطاع غزة الذي كان يخضع أصلا للحصار منذ العام 2007، تاريخ سيطرة حركة حماس عليه، ما تسبّب بنقص حاد في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب والوقود والدواء.
ولا تكفي قوافل المساعدات اليومية التي تدخل القطاع للتخفيف من معاناة السكان، وفق الأمم المتحدة التي أشارت الى نزوح أكثر من 85 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليوني نسمة.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من الخطر المتزايد لانتشار أمراض معدية. وأعلنت الأمم المتحدة أن غزة "على بعد أسابيع" فقط من الدخول في مجاعة.
ومع احتدام الحرب، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "المعاناة الإنسانية الرهيبة" و"العقاب الجماعي" للمدنيين الفلسطينيين.
ويدعو غوتيريس مع العديد من زعماء العالم بشكل متكرر إلى وقف إطلاق نار فيما تعهدت إسرائيل مواصلة حربها حتى القضاء على حماس.
من جهته، دافع نتنياهو الأحد عن "أخلاقية" الحرب رافضا اتهامات جنوب إفريقيا للدولة العبرية أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب "إبادة ضد الشعب الفلسطيني".
وصرح نتنياهو لدى بدء اجتماع لحكومته في تل أبيب "سنواصل حربنا الدفاعية التي لا مثيل لعدلها وأخلاقيتها"، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي يتصرف "بأكبر قدر ممكن من الأخلاقيات" في قطاع غزة.
وقال إن الجيش "يبذل كل ما بوسعه لتفادي إصابة مدنيين، فيما تفعل حماس كل ما أمكنها لإلحاق الأذى بهم وتستخدمهم دروعا بشرية".
وكان نتنياهو أكّد السبت أن الحرب ستستمر "أشهرا عدة"، مجدِّدا تعهده القضاء على الحركة الفلسطينية.
وأضاف في مؤتمر صحافي "سنضمن أن غزة لن تشكّل بعد الآن تهديدا لإسرائيل".
داخل غزة، ترجو العائلات الفلسطينية التي دُفع العديد منها للنزوح إلى أقصى جنوب القطاع مع اقتراب جبهة القتال، أن تهدأ الحرب.
وقال محمود أبو شحمة من مخيم للنازحين في رفح عند الحدود مع مصر "كنا نأمل بأن يأتي العام 2024 في ظل ظروف أفضل وبأن نحتفل برأس السنة في منازلنا مع عائلاتنا".
وأضاف أبو شحمة (33 عاما) النازح من خان يونس بجنوب قطاع غزة أيضا "نأمل بأن تنتهي الحرب ويكون بإمكاننا العودة إلى منازلنا والعيش بسلام".
- عائلات رهائن يائسة -
اقتيد خلال الهجوم نحو 250 رهينة إلى قطاع غزة لا يزال 129 منهم محتجزين، وفق إسرائيل، بعد إطلاق سراح أكثر من 100 منهم في صفقة تبادل أسرى وهدنة استمرت أسبوعا أواخر تشرين الثاني.
وتظاهر مساء السبت أكثر من ألف شخص في تل أبيب للضغط على حكومة نتنياهو لإعادة الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال نير شافران (45 عاما) "آمل بأن يتم التوصل إلى اتفاق آخر وإن كان جزئيا أو أن يتم الإفراج عن بعضهم. أحاول التشبّث بكل ذرة أمل".
أ ف ب
ويواصل الوسطاء الدوليون جهودهم للتوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار.
ويبحث وفد من حركة حماس في القاهرة في مقترح مصري لوقف إطلاق النار على ثلاث مراحل.
ونقل موقعا "أكسيوس" الإعلامي الأميركي و"واي نت" الإسرائيلي عن مصادر إسرائيلية لم يكشفا هويتها، أن قطر أبلغت إسرائيل بأنّ حماس وافقت على مبدأ استئناف المحادثات بهدف إطلاق سراح أكثر من أربعين رهينة مقابل وقف لإطلاق النار.
وردا على سؤال حول المفاوضات، قال نتنياهو السبت إن حماس "أعطت مجموعة من الإنذارات التي رفضناها"، مضيفا "نشهد تحوّلا معينا، (لكن) لا أريد إثارة آمال"، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
ودعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الأحد إلى عودة المستوطنين اليهود إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، معتبرًا أن فلسطينيي القطاع يجب أن يتم "تشجيعهم" على الهجرة إلى دول أخرى.
- جبهات متعددة في الشرق الأوسط -
وفاقمت حرب غزة التوتر في المنطقة.
واستهدف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن مرارا سفنا في البحر الأحمر بضربات أشاروا إلى أنها نصرة للفلسطينيين في غزة.
وأعلن الجيش الأميركي الأحد إغراق ثلاثة زوارق تابعة للحوثيين وقتل طواقمها ردًا على ثاني هجوم في أقلّ من 24 ساعة على حاملة حاويات في البحر الأحمر، في حين علّقت شركة ميرسك المالكة للسفينة العبور في المنطقة لمدة 48 ساعة.
وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) عبر منصّة "إكس" إن مروحيات أميركية "استجابت لنداء استغاثة من جانب +ميرسك هانغتشو+"، وهي سفينة حاويات دانماركية ترفع علم سنغافورة قالت إنها تعرضت لهجوم من جانب أربعة قوارب تابعة للحوثيين.
وأكد مصدران في ميناء الحديدة مقتل عشرة حوثيين في القصف الأميركي على الزوارق.
كما تشهد الحدود الاسرائيلية اللبنانية تبادل قصف يوميا بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.
وأكّد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الأحد أن إسرائيل "ليست في موقع أن تفرض خياراتها" في ما يتعلق بوجوده في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل.
وحذّر نتنياهو السبت من أنه "إذا كان حزب الله يريد تمديد الحرب، فسيتعرّض لضربات لم يشهد مثيلا لها من قبل، كما سيكون الحال بالنسبة لإيران".
في سوريا، قُتل 23 مقاتلاً موالياً لإيران السبت من جراء غارات جوية رجّح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تكون طائرات إسرائيلية نفّذتها في شرق سوريا، وقتل أربعة مقاتلين آخرين في شمال البلاد في غارة إسرائيلية. ولم تؤكد إسرائيل هذه الغارات.