واصلت إسرائيل قصف غزة، الأربعاء، بعدما أكد الجيش استعداده "لكل السيناريوهات" عقب اتهام حماس له بقتل أحد أبرز قيادييها صالح العاروري في ضربة قرب بيروت توعّد حزب الله اللبناني أنها لن تمرّ دون "عقاب"، وسط مخاوف من اتساع رقعة حرب غزة.
ورغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن عملية الاغتيال ليل الثلثاء، إلا أنه يُعتقد على نطاق واسع بأنها تقف وراء قتل العاروري (57 عاما)، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأحد مؤسسي جناحها العسكري (كتائب عز الدين القسام) في الضفة الغربية المحتلة التي يتحدر منها.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في مؤتمر صحافي إن قواته "في حالة تأهب (...) دفاعا وهجوما. نحن على أهبة الاستعداد لكل السيناريوهات".
وقصف الجيش الإسرائيلي مجددا أهدافا في غزة خلال الليل بينها مدينة رفح (جنوب) حيث ذكر شهود عيان بأن الناجين توجّهوا إلى مستشفى النجار حيث وصلت جثث قتلى بينهم طفل.
توعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول.
وأودى الهجوم بنحو 1140 شخصا في إسرائيل معظمهم مدنيّون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند الى بيانات رسميّة. كما أخذ نحو 250 شخصا رهائن، لا يزال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب أرقام الجيش الإسرائيلي.
أ ف ب
وردت إسرائيل بقصف عنيف ترافق منذ 27 تشرين الأول مع هجوم بري، ما أدى الى مقتل 22313 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، إضافة الى إصابة أكثر من 57 ألفا، وفق آخر أرقام وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
تلّقب إسرائيل زعيم حماس في غزة يحيى السنوار بـ"الرجل الحي الميت" وتعهّدت أيضا قتل قادة آخرين في الحركة المصنّفة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها "إرهابية".
وفي ظل الحرب المستمرة منذ ثلاثة أشهر تقريبا، يتبادل حزب الله القصف يوميا تقريبا مع إسرائيل عبر الحدود، لكن الطرفين تجنّبا حتى الآن الدخول في حرب شاملة.
وقالت مهى يحيى من مركز كارنيغي للشرق الأوسط لفرانس برس إن قتل العاروري يعد "تصعيدا كبيرا". لكنها أضافت "لا أعتقد بأن حزب الله ستكون لديه رغبة في جر لبنان إلى نزاع كبير في هذه اللحظة والتوقيت بالتحديد نظرا إلى الوضع الإقليمي".
وتحركت مجموعات أخرى في العراق واليمن على وجه التحديد، إذ هاجم المتمرّدون الحوثيون سفن شحن في البحر الأحمر الذي يعد ممرا رئيسيا لشحنات التجارة العالمية.
ودان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قتل العاروي الذي وصفه بـ"العملية الإرهابية الجبانة" التي "تثبت بأن الكيان الصهيوني وبعد أسابيع من جرائم الحرب والإبادة الجماعية والدمار في غزة والضفة الغربية الفلسطينية، لم يحقق أيًا من أهدافه رغم الدعم المباشر من البيت الأبيض".
- "تطور خطير" -
وأكد حزب الله في بيان أن قتل العاروري يعد "تطوّراً خطيراً".
وقال "نعتبر جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري ورفاقه الشهداء في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداءً خطيرًا على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته... وتطورًا خطيرًا في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة".
ومن المقرر أن يتحدّث الأمين العام للحزب حسن نصرالله في وقت لاحق الأربعاء في مناسبة محددة مسبقا.
واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي العملية محاولة "لتوريط" لبنان في حرب غزة، بينما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل إلى "تجنّب أيّ سلوك تصعيدي وخاصة في لبنان".
وفي الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ 1967 وتشهد تصاعداً في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب في غزة، دعت السلطة الفلسطينية إلى إضراب عام حدادا عليه.
أ ف ب
ودان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية "الجريمة التي تحمل هوية مرتكبيها" محذرا "من المخاطر والتداعيات التي قد تترتب" عليها.
نزح معظم سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليوني شخص وأجبروا على التوجّه إلى الجنوب حيث يعيش العديد منهم حاليا في مراكز إيواء وخيام مكتظة.
وحذّرت وكالات تابعة للأمم المتحدة من الأزمة الإنسانية المتفاقمة. لكن الحرب تواصلت رغم الجهود الرامية للتوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار على غرار الهدنة التي دامت أسبوعا أواخر تشرين الثاني وسمحت بإطلاق سراح أكثر من مئة رهينة.
- "ماذا فعل لإسرائيل؟" -
ووقعت ضربة أخرى استهدفت مخيم النصيرات للاجئين الثلثاء في وسط غزة حيث سارع فلسطينيون لإنقاذ الضحايا وانتشال الجثث من تحت الأنقاض.
وقال أحد المقيمين فيه ويدعى غازي درويش "هناك 12 شهيدا تقريبا حتى الآن، معظمهم أطفال. ما هو الذنب الذي ارتكبوه؟ بينهم ابني البالغ من العمر شهرا واحدا، ماذا فعل لإسرائيل؟ ابني الآخر يبلغ خمس سنوات واستشهد هو الآخر".
وجنوبا في خان يونس، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني بأن إسرائيل قصفت مقره مرّتين، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص الثلثاء.
وندّد المدير العام لمنظمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بالقصف الذي اعتبره "غير مقبول"، قائلا إن "النظام الصحّي في غزّة منهار أساساً".
في الأثناء، أعرب إسرائيليون عن قلقهم حيال مصير سائر الرهائن الذين ما زالوا في غزة ويعتقد بأنهم محتجزون في أنفاق في ظل تواصل المعارك والقصف.
أ ف ب
واستذكرت رهينة سابقة تدعى روتي مندر (78 عاما) من كيبوتس نير عوز الذي دمّره هجوم حماس 50 يوما قضتهم قيد الاحتجاز.
وروت عبر نيويورك تايمس كيف قتل عناصر حماس ابنها وخطفوها مع ابنتها وحفيدها وزوجها الذين ما زالوا مفقودين.
وكتبت أنها أبقيت داخل غزة "في غرفة صغيرة في الطابق الثاني من مستشفى" تحت حراسة رجل قال لها إنه لولا حماس "ما كان ليملك المال أو الفرص".
وتابعت "المفارقة المريرة هي أنه بسبب حماس، كلانا لم نعد نملك شيئا الآن"، مضيفة "آمل بأن يعيش الشعبان أخيرا بسلام جنبا إلى جنب. وأعرف أنه إذا بقيت حماس في السلطة، فلن يحصل ذلك قط".