تزايدت المخاوف من احتمال توسّع رقعة الحرب الجارية منذ ثلاثة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة بعدما قُتل القيادي البارز في الحركة صالح العاروري بضربة طائرة مسيرة اتهمت حماس إسرائيل بتنفيذها في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأودى انفجاران الأربعاء في جنوب إيران قالت طهران إنهما "إرهابيان" بأكثر من 100 شخص، ما زاد من أجواء التصعيد والتوتر في المنطقة.
وتواصلت العمليات العسكرية اليوم في قطاع غزة، وسجلت معارك بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حماس، كما تعرضت مناطق عدة في القطاع المحاصر لقصف إسرائيلي عنيف.
في الضفة الغربية المحتلة، سجل يوم حداد على القيادي في حماس الذي أعلن لبنان والحركة الفلسطينية أنه استهدف بمسيرة إسرائيلية في مكتب للحركة في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. ويتحدّر العاروري من قرية عارورة في الضفة الغربية.
وبدأ قبل قليل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله بإلقاء كلمة في ذكرى مقتل سليماني، قال إنه سيتحدث فيها أيضا عن مقتل العاروري. وكان حزب الله أعلن الثلثاء أن "الجريمة لن تمرّ أبدًا من دون رد وعقاب".
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في مؤتمر صحافي الثلثاء بعد مقتل العاروري، إن قواته "في حالة تأهب (...) دفاعا وهجوما. نحن على أهبة الاستعداد لكل السيناريوهات".
أ ف ب
ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن عملية الاغتيال التي وقعت مساء الثلثاء، إلا أن حماس ولبنان اتهما الدولة العبرية بالوقوف وراء قتل العاروري (57 عاما)، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأحد مؤسسي جناحها العسكري (كتائب عز الدين القسام) في الضفة الغربية.
وقال حزب الله الثلثاء "جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري... اعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته"، مشددا على أنّها "لن تمرّ أبدا من دون رد وعقاب".
وفي ظل الحرب المستمرة منذ ثلاثة أشهر تقريبا، يتبادل حزب الله القصف يوميا تقريبا مع إسرائيل عبر الحدود.
ودان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قتل العاروري الذي وصفه بـ"العملية الإرهابية الجبانة" التي "تثبت أن الكيان الصهيوني وبعد أسابيع من جرائم الحرب والإبادة الجماعية والدمار في غزة والضفة الغربية الفلسطينية، لم يحقق أيًا من أهدافه رغم الدعم المباشر من البيت الأبيض".
- "تصفية حسابات" -
وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول.
وأودى الهجوم بنحو 1140 شخصا في إسرائيل معظمهم مدنيّون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند الى بيانات رسميّة. كما أخذ نحو 250 شخصا رهائن، لا يزال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب أرقام الجيش الإسرائيلي.
وترد إسرائيل بقصف عنيف يترافق منذ 27 تشرين الأول مع هجوم بري، ما أدى الى مقتل 22313 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، إضافة الى إصابة أكثر من 57 ألفا بجروح، وفق آخر أرقام وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
ونزح معظم سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليوني شخص وأجبروا على التوجّه إلى الجنوب حيث يعيش العديد منهم حاليا في مراكز إيواء وخيام مكتظة.
أ ف ب
وقال مسؤولون إسرائيليون مرارا إنهم سيستهدفون قادة حماس، وسبق لهم أن أعلنوا استهداف وقتل عدد من قياديي الحركة داخل قطاع غزة. وأقرت حركة حماس بمقتل عدد من قادتها العسكريين.
وتعهّد رئيس الموساد الإسرائيلي الأربعاء أن يصل جهاز الاستخبارات إلى جميع قادة حماس.
وقال ديفيد برنيع إن جهاز الاستخبارات "ملتزم تصفية الحسابات مع القتلة الذين وصلوا إلى غلاف غزة في السابع من تشرين الأول" ومع قيادة حماس.
وأضاف برنيع "سيستغرق الأمر وقتا، تماما كما حدث بعد مذبحة ميونيخ، لكننا سنضع أيدينا عليهم أينما كانوا".
وتابع "على كل أم عربية أن تعلم أنه إذا شارك ابنها بشكل مباشر أو غير مباشر في مذبحة السابع من (تشرين الأول) فإن دمه مهدور".
في الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ 1967 وتشهد تصاعداً في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب في غزة، دعت السلطة الفلسطينية إلى إضراب عام حدادا على العاروري الذي قتل مع ستة أشخاص آخرين، بينهم قياديان في كتائب القسام.
ودان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية "الجريمة التي تحمل هوية مرتكبيها" محذرا "من المخاطر والتداعيات التي قد تترتب" عليها.
- "ما الذنب الذي ارتكبوه؟" -
وتواصل وكالات تابعة للأمم المتحدة التحذير من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. ولم تنجح الجهود الرامية للتوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار على غرار الهدنة التي استمرت أسبوعا أواخر تشرين الثاني وسمحت بإطلاق سراح أكثر من مئة رهينة.
في مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة الذي تعرض الثلثاء لقصف عنيف، قال غازي درويش بينما كان فلسطينيون يعملون على إنقاذ الضحايا وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، "هناك 12 شهيدا تقريبا حتى الآن، معظمهم أطفال. ما الذنب الذي ارتكبوه؟ بينهم ابني البالغ من العمر شهرا واحدا، ماذا فعل لإسرائيل؟ ابني الآخر يبلغ خمس سنوات واستشهد هو الآخر".
أ ف ب
في خان يونس في جنوب القطاع، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن إسرائيل قصفت مقره مرّتين، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص الثلثاء.
وندّد المدير العام لمنظمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بالقصف الذي اعتبره "غير مقبول"، قائلا إن "النظام الصحّي في غزّة منهار أساساً".
في الأثناء، أعرب إسرائيليون عن قلقهم حيال مصير بقية الرهائن الذين ما زالوا في غزة ويعتقد أنهم محتجزون في أنفاق في ظل تواصل المعارك والقصف.
واستذكرت رهينة سابقة تدعى روتي مندر (78 عاما) من كيبوتس نير عوز الذي دمّره هجوم حماس 50 يوما قضتهم قيد الاحتجاز.
وروت عبر صحيفة "نيويورك تايمس" الأميركية كيف قتل عناصر حماس ابنها وخطفوها مع ابنتها وحفيدها وزوجها الذين ما زالوا مفقودين.
وكتبت أنها أبقيت داخل غزة "في غرفة صغيرة في الطابق الثاني من مستشفى" تحت حراسة رجل قال لها إنه لولا حماس "ما كان ليملك المال أو الفرص".
وتابعت "المفارقة المريرة هي أنه بسبب حماس، كلانا لم نعد نملك شيئا الآن"، مضيفة "آمل بأن يعيش الشعبان أخيرا بسلام جنبا إلى جنب. وأعرف أنه إذا بقيت حماس في السلطة، فلن يحصل ذلك قط".
- انفجارا ايران -
في إيران، قُتل 103 أشخاص جرّاء انفجارين وقعا بفارق دقائق قرب مرقد رئيس فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني في محافظة كرمان (جنوب)، وجرح 141 شخصا، وفق وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية.
ووقع الانفجاران بالتزامن مع إحياء الذكرى الرابعة لمقتل سليمان في ضربة أميركية في بغداد وقتل معه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس وآخرون.
ووقع الانفجاران وسط حشود من المشاركين في ذكرى السليماني.
ولم تتبن أي جهة حتى الآن التفجيرين. لكن التلفزيون الحكومي صنّفهما "هجوما إرهابيا".
أ ف ب
ولم تقدم السلطات الإيرانية بعد تفاصيل بشأن التفجيرين. الا أن وكالة أنباء "تسنيم" نقلت عن مصادر مطلعة لم تسمّها، قولها إن "حقيبتين تحملان متفجرات انفجرتا" على الطريق المؤدي الى مسجد صاحب الزمان حيث مقبرة سليماني.
وكان سليماني قائدا لفيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، وأحد أبرز القادة العسكريين للجمهورية الإسلامية، وصاحب دور محوري في رسم استراتيجيتها في الشرق الأوسط على مدى أعوام طويلة.