أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للعاهل الأردني الملك عبد الله، اليوم الأحد، أن واشنطن تعارض التشريد القسري للفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية المحتلة، وعبّر عن أمله في إطلاق محادثات بشأن مستقبل غزة.
يواصل بلينكن، الأحد، جولته المكثفة في الشرق الأوسط، داعيا إلى تفادي توسع نطاق الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وعقد بلينكن الأحد محادثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ونظيره أيمن الصفدي وزار أحد مراكز برنامج الأغذية العالمي في عمّان.
وأفاد الديوان الملكي في بيان إن الملك أكد لبلينكن "أهمية دور الولايات المتحدة بالضغط باتجاه وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية للقطاع بشكل كاف ومستدام".
وجدد العاهل الأردني "رفض المملكة لمحاولات الفصل بين غزة والضفة الغربية باعتبارهما امتدادا للدولة الفلسطينية الواحدة"، ورفض "التهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والذي يشكل خرقا واضحا للقانون الدولي".
وحذّر من "التداعيات الكارثية" لتواصل الحرب، مؤكدا ضرورة "وضع حد للأزمة الإنسانية المأسوية في القطاع".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن بلينكن، شدد خلال اجتماعه مع الملك عبد الله في عمان، على "رفض الولايات المتحدة للتشريد القسري للفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة والحاجة الماسة لحماية المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية من عنف المستوطنين المتطرفين".
كذلك، قال بلينكن خلال زيارته مركزا لبرنامج الأغذية تخزن فيه مساعدات مخصصة لغزة "من الضروري أن نزيد الى الحد الأقصى، المساعدة للناس المحتاجين ليس للوصول الى غزة فحسب، إنما أيضا أن يتم توزيعها الى الناس في كل أنحاء غزة متى وصلت" القطاع.
وأضاف "سنعمل على ذلك أيضا في الأيام المقبلة".
وكان بلينكن وصل الى عمّان السبت بعد محطتين في تركيا واليونان.
وأكد وزير الخارجية السبت قبيل مغادرته مطار خانيا بجزيرة كريت اليونانية، انه "يجب علينا ضمان عدم اتساع النزاع" في غزة حيث دخلت الحرب شهرها الرابع.
وأضاف أن "أحد أوجه الخوف الحقيقية هي الحدود بين إسرائيل ولبنان ونريد أن نفعل كل ما هو ممكن للتأكد من عدم تصعيد الوضع".
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، يتبادل حزب الله اللبناني وإسرائيل القصف يوميا عبر الحدود. وزادت المخاوف من تصاعد التوتر على هذه الجبهة بعد مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح الغاروري بضربة جوية منسوبة لإسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلثاء.
وأعلن الحزب السبت إطلاق أكثر من 60 صاروخا باتجاه "قاعدة مراقبة جوية" في شمال اسرائيل، واضعا ذلك في إطار "الرد الأولي" على اغتيال العاروري. وشنّت إسرائيل بدورها سلسلة من الغارات على مناطق بجنوب لبنان.
وأشار بلينكن إلى أن "الكثير من المحادثات التي سنجريها خلال الأيام المقبلة مع جميع حلفائنا وشركائنا ستدور حول الإجراءات التي يمكنهم اتخاذها باستخدام نفوذهم وعلاقاتهم لضمان عدم اتساع هذا النزاع".
- "دور حيوي" -
وأشار بلينكن بشكل خاص إلى "الدور الحيوي" الذي يمكن أن تلعبه تركيا في هذا الصدد، بعد أن أجرى مباحثات السبت في اسطنبول مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتثير الحرب المستعرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي دخلت شهرها الرابع الأحد، مخاوف من تفاقمها مع تزايد العنف ليس فقط على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ولكن أيضًا في العراق وسوريا والبحر الأحمر.
وتعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، اقتيد نحو 250 شخصا واحتُجزوا رهائن ولا يزال 132 منهم داخل القطاع.
في المقابل، أدى القصف الإسرائيلي على القطاع مترافقا مع هجوم بري اعتبارا من 27 تشرين الأول إلى مقتل 22835 شخصا غالبيتهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وشدّد بلينكن على "ضرورة منع توسّع النزاع، وزيادة المساعدات الإنسانية، والحد من الضحايا المدنيين، والعمل من أجل سلام إقليمي دائم، والتقدّم في اتجاه إقامة دولة فلسطينية".
ويتوقع أن تكون تصوّرات "اليوم التالي" لانتهاء الحرب في غزة، بما يشمل إعادة إعمار القطاع وإدارته، أيضا في صلب المحادثات التي سيجريها بلينكن مع شركائه العرب الذين يؤكدون أن الأولوية هي لوقف دائم لإطلاق النار.
وبعد الأردن، يتوجه بلينكن إلى قطر التي أدت دور الوسيط في هدنة بين إسرائيل وحماس أواخر تشرين الثاني أتاحت إطلاق رهائن من غزة في مقابل معتقلين فلسطينيين. ويلتقي هناك الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي يتولى أيضا منصب وزير الخارجية.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن سيناقش في الدوحة الجهود المبذولة لتحرير ما يزيد على 100 رهينة يُعتقد بأنهم ما زالوا محتجزين لدى حماس بعد انهيار اتفاق سابق توسطت فيه قطر.
ويختتم بلينكن يومه في أبوظبي، قبل أن يتوجه إلى السعودية الاثنين، ثم إلى إسرائيل حيث يتوقع أن يجري محادثات أكّد أنها "لن تكون سهلة".
وتريد واشنطن من جيران إسرائيل العرب لعب دور في إعادة إعمار غزة وإدارتها وأمنها إذا حققت إسرائيل هدفها المتمثل في القضاء على حماس التي تدير القطاع منذ عام 2007.
وقال المسؤول الأميركي إن الوفد سيجمع رؤى الدول العربية بشأن القضية الحساسة المتعلقة بمستقبل غزة قبل أن ينقل هذه المواقف إلى إسرائيل في الأيام المقبلة، معترفا بأنه ستكون هناك فجوة كبيرة بين رؤى الأطراف المختلفة للقطاع.