أسقطت القوات الأميركية والبريطانية أكثر من 20 طائرة مسيرة وصاروخًا فوق البحر الأحمر أطلقها الحوثيون في اليمن، في ما وصفته لندن الأربعاء بأنه "أكبر هجوم" ينفذّه الحوثيون المدعومون من إيران منذ بدء حرب غزة.
وتبنى الحوثيون الأربعاء الهجوم قائلين إنه كان يستهدف "سفينة أميركية كانت تقدّم الدعم" لإسرائيل، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وقال الجيش الأميركي إن السفن الحربية والطائرات التابعة للحلفاء الغربيين أسقطت مساء الثلثاء 18 طائرة مسيرة وثلاثة صواريخ في أحدث تدخل عسكري لها في البحر الأحمر.
وأكد وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس أن المدمرة البريطانية إتش إم إس دايموند تدخلت بإطلاق "مدافعها وصواريخ سي فايبر" بعدما اتجهت المسيرات "نحوها ونحو سفن تجارية في المنطقة" مضيفًا أنها نجحت "إلى جانب السفن الحربية الأميركية، في صد أكبر هجوم للحوثيين" في البحر الأحمر.
وفي تصريح لاحق، قال شابس لشبكة سكاي نيوز إنه "ما من شك" في تورط طهران في هذه الهجمات وفي توفير الأسلحة والمعلومات الاستخبارية للحوثيين. وأضاف "طفح الكيل ... يجب أن نكون واضحين مع الحوثيين بأن هذا يجب أن يتوقف، وهذه هي رسالتي البسيطة لهم اليوم: تابعوا بعناية ما سيحدث".
يأتي ذلك بعد أسبوع من التحذير الذي وجهته 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة للحوثيين من أنهم سيواجهون عواقب إذا لم يوقفوا استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات المائية للتجارة العالمية.
وخلال الأسابيع الماضية، شنّ الحوثيون أكثر من 25 عملية استهداف لسفن تجارية يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامنًا مع قطاع غزة الذي يشهد حربًا مع إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول.
- "ردّ أوليّ" -
وبعد ساعات، جاء في بيان للحوثيين تلاه المتحدث العسكري باسمهم العميد يحيى سريع "نفذتِ القواتُ البحريةُ والقوةُ الصاروخيةُ وسلاحُ الجوِّ المسيرُ في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ عمليةً عسكريةً مشتركةً بعددٍ كبيرٍ من الصواريخِ البالستيةِ والبحريةِ والطائراتِ المسيرةِ استهدفتْ سفينةً أميركيةً كانتْ تقدمُ الدعمَ للكِيانِ الصِّهيوني".
ولم يحدّد البيان مكان الهجوم وزمانه.
لكنّ قياديًا حوثيًا لم يكشف عن اسمه أوضح لوكالة فرانس برس أن العملية "نُفّذت في البحر الأحمر" مؤكدًا أنها نفسها التي تحدث عنها الأميركيون والبريطانيون في وقت سابق.
من جانبه، أكد توفيق الحميري مستشار وزارة الاعلام في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً لفرانس برس أن "هذا الهجوم يُعتبر الأكبر الذي نُفّذ من قبل القوات المسلحة اليمنية منذ اتخاذ قرار منع سفن" يعتبرون أنها مرتبطة بإسرائيل، من عبور البحر الأحمر.
وأكد الحوثيون أن الهجوم الأخير يأتي "كردٍ أوليٍّ على الاعتداءِ الغادرِ الذي تعرضتْ لهُ قواتُنا البحريةُ من قِبلِ قواتِ العدوِّ الأميركيِّ" في 31 كانون الأول، والذي أسفر عن مقتل عشرة عناصر كانوا على متن زوارق هاجمت سفينة تجارية.
والسبت الماضي توعّد رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، أبرز مسؤول سياسي لدى حركة "أنصار الله" (الحوثيين) واشنطن بالردّ على مقتل عناصر من قوات البحرية. ونقلت وكالة أنباء "سبأ نت" اليمنية التابعة للحوثيين عنه قوله أمام قيادات عسكرية وأمنية، إن "دماء شهداء القوات البحرية دشنت معركة جديدة مع العدو الأميركي والرد عليه آن لا محالة".
وكانت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) قالت في بيان إنّ "الحوثيين المدعومين من إيران شنّوا هجوماً معقّداً بطائرات مسيّرة هجومية أحادية الاتّجاه إيرانية التصميم، وصواريخ كروز مضادّة للسفن، وصاروخ بالستي مضادّ للسفن، من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن باتجاه جنوب البحر الأحمر".
وأوضح البيان أنّ القوات الأميركية والبريطانية المنتشرة في المياه المجاورة أسقطت في المجموع 18 مسيّرة وصاروخين مجنحين (كروز) وصاروخاً بالستياً.
وأوضحت سنتكوم في بيانها أنّ التصدّي لهذا الهجوم الحوثي الجديد تولّته مقاتلات إف18 أقلعت من على متن حاملة الطائرات الأميركية آيزنهاور وثلاث مدمرات أميركية والمدمرة البريطانية.
- بلينكن يتّهم إيران -
وهذه المواجهة هي الأحدث منذ أن شكلت الولايات المتحدة قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات الشهر الماضي لحماية طرق الشحن في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين التي تعرّض 12 بالمئة من التجارة العالمية للخطر.
وينضوي الحوثيون الذين يسيطرون على أجزاء واسعة من شمال اليمن أبرزها العاصمة صنعاء، في "محور المقاومة" الذي تقوده طهران ويضمّ أطرافًا أخرى مناهضة لإسرائيل تدعمها طهران مثل حزب الله اللبناني وفصائل عراقية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.
واتّهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء إيران بـ"مساعدة وتحريض" الحوثيين على استهداف السفن.
وقال بلينكن "لقد ساعدت إيران وحرضت على هذه الهجمات (بتوفير) التكنولوجيا والمعدات والاستخبارات والمعلومات، وبات لذلك تأثير حقيقي".
وتقدّم الجمهورية الإسلامية دعمًا سياسيًا للحوثيين لكنّها تنفي تقديمها الدعم العسكري لهم.
وتكثّف الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، تحذيراتها للحوثيين من "عواقب" هجماتهم، بدون تحديد طبيعة الخطوات المحتملة.
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت هذه العواقب ستشمل إيران، قال بلينكن "حاولنا مرارًا أن نوضح لإيران، كما فعلت دول أخرى أيضًا، أن الدعم الذي تقدّمه للحوثيين، بما في ذلك لهذه الأفعال، يجب أن يتوقف" مضيفًا "ليس من مصلحتهم (الإيرانيين) رؤية الصراع يتصاعد".
وقال شابس في بيانه الأربعاء "لقد أوضحت المملكة المتحدة وحلفاؤها في السابق أن هذه الهجمات المخالفة للقانون غير مقبولة على الإطلاق، وإذا استمرت فإن الحوثيين سيتحملون العواقب... سنتخذ الإجراءات اللازمة لحماية أرواح الأبرياء والاقتصاد العالمي".