اقتربت المعارك العنيفة من المستشفيات في مدينة خان يونس بقطاع غزة الأربعاء بعد أن قالت إسرائيل إنها كثفت هجومها على المدينة التي تتركز فيها المواجهة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وعبرت الأمم المتحدة عن مخاوفها بشأن مصير الآلاف من النازحين الذين لجأوا إلى مستشفيات أكبر مدن جنوب قطاع غزة وهم الآن محاصرون بداخلها.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه "طوق" المدينة التي يتحدر منها مسؤول حماس في غزة يحيى السنوار المتهم بأنه وراء التخطيط لهجوم 7 تشرين الاول الذي أشعل الحرب.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) "وردت أنباء عن قتال عنيف بالقرب من المستشفيات في خان يونس، بما في ذلك الأقصى وناصر والأمل، مع أنباء عن محاولة فلسطينيين الفرار إلى مدينة رفح الجنوبية".
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية نقلاً عن مسعفين "لا يمكن لأحد الدخول أو الخروج (من مستشفى ناصر) بسبب القصف المستمر". وأفاد المسعفون أيضًا أن الموظفين كانوا يحفرون القبور في أرض المنشأة "بسبب الأعداد الكبيرة المتوقعة من الوفيات".
وقال مكتب "أوتشا" إن حوالي 18 ألف شخص نزحوا من منازلهم موجودون في مستشفى ناصر وحده.
وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس فلسطينيين فروا من خان يونس يصلون إلى رفح على متن شاحنات صغيرة مع أمتعتهم.
وقالت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس إن مستشفيات غزة استقبلت جثث 210 أشخاص في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.
وقالت حكومة حماس إن "عشرات الدبابات الإسرائيلية تحاصر مستشفى ناصر من جميع الجهات باستثناء ممر لخروج النازحين".
- 'منطقة عازلة' -
اندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حماس غير المسبوق في إسرائيل في السابع من تشرين الأول الذي أسفر عن مقتل 1140 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسميّة.
وخُطف خلال الهجوم أيضا نحو 250 شخصا نُقلوا إلى قطاع غزّة حيث لا يزال 132 منهم محتجزين، بحسب السلطات الإسرائيلية. ويرجح أنّ 28 على الأقل لقوا حتفهم.
وردّا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة، وتنفّذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة أتبعت بعمليات برية منذ 27 كانون الأول، ما أسفر عن سقوط 25700 قتيل معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأصيب 63740 شخصاً في غزة بجروح منذ بداية الحرب في حين يعاني القطاع المحاصر من نقص حاد في الغذاء والماء والوقود والأدوية.
وتتعرض حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضغوط متزايدة لإنهاء الحرب تصاعدت بعد مقتل 24 جنديا الاثنين في أفدح حصيلة يومية للجيش منذ بدء عملياته البرية في غزة.
وقال الجيش إن 21 منهم وهم من جنود الاحتياط قتلوا عندما أطلقت عليهم قذائف صاروخية.
وقال قائد الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي "لقد سقطوا في معركة بالقرب من السياج الحدودي خلال عملية دفاعية في المنطقة التي تفصل البلدات الإسرائيلية عن غزة".
وقالت صحيفة نيويورك تايمس نقلا عن مسؤولين إسرائيليين إنهم قتلوا خلال عملية إسرائيلية لهدم جزء من حي فلسطيني في إطار خطة لإنشاء "منطقة عازلة" داخل غزة على طول الحدود مع إسرائيل.
من جهته، استنكر الأمين العام للأمم المتحدة الثلثاء رفض إسرائيل حل الدولتين واعتبره "غير مقبول" ومن شأنه إطالة أمد النزاع في غزة.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي الثلثاء من أن الظروف في غزة تزداد سوءا. وقالت الناطقة باسم البرنامج في الشرق الأوسط عبير عطيفة إن "اكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون مستويات كارثية من انعدام الامن الغذائي ويتزايد خطر المجاعة كل يوم حيث يحد الصراع من توفير المساعدات الغذائية الحيوية للمحتاجين".
- "لا شيء نأكله" -
وفي مدينة غزة المدمرة، قال نازحون هجرتهم الحرب إنهم موجودون في منطقة نزاع جديدة من دون طعام ولا ماء. وقالت أم داهود الكفرنة، وهي من النازحين، عن الجيش الإسرائيلي "حاصرونا ستة أيام وتركونا من دون أي شيء نأكله أو نشربه بينما يقصفوننا من الجو والبحر وبالدبابات".
وأعلن البيت الأبيض أن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك "موجود في القاهرة" وسيُجري زيارات أخرى في المنطقة بهدف التوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح الرهائن مقابل وقف القتال.
وأوضح الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أن "إحدى المسائل التي يناقشها (ماكغورك)هي إمكان التوصّل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح الرهائن، ما يتطلّب هدنة إنسانية لمدّة معيّنة".
وتابع "المحادثات جادة للغاية بشأن محاولة التوصل إلى اتفاق آخر لتحرير رهائن".
ووصل إلى القاهرة أيضا الثلثاء وفد من حركة حماس التي تحكم قطاع غزة "للبحث مع قادة أجهزة الاستخبارات المصرية في مقترح جديد لوقف إطلاق النار"، وفق مصدر فلسطيني قريب من المحادثات.
وقال مصدر مقرب من حماس لوكالة فرانس برس إن المحادثات في العاصمة المصرية ستستمر الأربعاء.
- تصعيد في المنطقة -
تفاقم الحرب في غزة مخاطر اتساع رقعة النزاع مع تصاعد أعمال العنف بين إسرائيل وحلفاء حماس الموالين لإيران، خصوصا حزب الله اللبناني والمتمردين الحوثيين في اليمن.
وأعلن الجيش الأميركي أنه نفذ ضربات ليلية استهدفت فصائل موالية لإيران في العراق ومواقع للحوثيين في اليمن.
اعتبر مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أن الضربات الأميركية الأخيرة "لا تساعد على التهدئة" منددا ب "اعتداء صارخ للسيادة العراقية". وقال "على الجانب الأميركي الضغط لإيقاف استمرار العدوان على غزة بدلاً من استهداف وقصف مقرات مؤسسة وطنية عراقية".
وحذر اللواء يحيى رسول المتحدث باسم القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية من أن "هذا الفعل المرفوض، يقوّض سنوات من التعاون... ويؤدي إلى تصعيد غير مسؤول، في وقت تعاني منه المنطقة من خطر اتساع الصراع، وتداعيات العدوان على غزّة".
وفي اليمن، قال الجيش الأميركي إنه دمر صاروخين مضادين للسفن كانا يشكلان "تهديدا وشيكا".
وهذه الهجمات هي الأحدث في سلسلة من الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا بهدف الحد من قدرة الحوثيين على استهداف الشحن التي يقولون إنهم يهاجمونها لارتباطها بإسرائيل ونصرة للفلسطينيين في غزة.