مع مقتل ثلاثة جنود أميركيين في ضربة بالأردن، تجد الولايات المتحدة نفسها تنجر أكثر فأكثر إلى حرب بالوكالة مع إيران كان الرئيس جو بايدن يأمل تفاديها ولا يزال يسعى لاحتوائها منعا لاشتعال المنطقة.
فبعد الهجوم بطائرة مسيّرة الذي استهدف الأحد قاعدة في الأردن قرب الحدود السورية واتهمت واشنطن فصائل مدعومة من إيران بالوقوف خلفه، اشتدّ الضغط على بايدن الذي توعد برد "ملائم".
وقال غوردن غراي، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، لوكالة فرانس برس "هذا ما كان العديد منا يخشاه على ما أعتقد، وما كانت الإدارة تخشاه بالتأكيد، وما كان حلفاء الولايات المتحدة سواء عرب أو غير عرب يخشونه: أن تقوم إيران بحسابات خاطئة، أن ترتكب خطأ كهذا وترغم الولايات المتحدة على الرد بمستوى أعلى بكثير".
وهذه المرة الأولى التي يُقتل فيها جنود أميركيون في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 تشرين الأول، وهذا ما يبدل الوضع حتما.
وجاءت الضربة بعد أكثر من 150 هجوما بمسيرات وصواريخ نفذتها مجموعات موالية لإيران على القوات الأميركية في العراق وسوريا.
وتبنت معظم هذه الهجمات "المقاومة الإسلامية في العراق" المؤلفة من فصائل مدعومة من إيران والتي تعلن التحرك دعما للفلسطينيين وتطالب برحيل القوات الأميركية من العراق.
كذلك يصعّد الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران أيضا، هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ما يشدد الضغط على الولايات المتحدة للرد، وهو ما فعلته بشن هجمات على أهداف للحوثيين في اليمن.
- "عند منعطف" -
وكان الرد الأميركي حتى الآن مدروسا، واقتصر بشكل أساسي على ضربات ترمي إلى إضعاف قدرات هذه المجموعات على إطلاق صواريخ وقذائف ومسيّرات.
لكن ذلك لم يكن له التأثير الرادع المطلوب.
وبعد الضربة في الأردن، رأى أليكس بليتساس من مركز "المجلس الأطلسي" للدراسات في العاصمة الأميركية أن واشنطن أمام "تحدّ، هو أن تضمن بأن يكون الرد على قدر كاف من القوة لمنع أي هجمات جديدة على القوات الأميركية، بدون أن يتسبب باندلاع حرب جديدة في المنطقة".
ويردد المسؤولون الأميركيون باستمرار أنهم لا يريدون تصعيدا وما زالوا يأملون احتواء النزاع الذي يهدد بالتمدد.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الإثنين تعليقا على الهجوم الأخير أنه "لا نسعى إلى حرب مع إيران".
من جهتها، نفت إيران أي ضلوع لها في الهجوم وحذرت من تصعيد في المنطقة. لكن أليكس فاتانكا، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن قال "إننا أمام منعطف".
- "مواجهة عسكرية؟" -
ويرى أن هدف إيران منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل الذي أشعل الحرب في قطاع غزة، هو "تفادي الحرب مع إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن اغتنام هذه الفرصة للضغط على البلدين في إطار خطة أبعد مدى".
وقال إن "الولايات المتحدة على غرار إيران، غير مهتمة بتصعيد إقليمي" لا تكون عواقبه محسوبة.
وأعلن بايدن عند دخوله البيت الأبيض أنه يؤيد حوارا مع إيران ولا سيما لإحياء الاتفاق الدولي المبرم مع إيران لاحتواء برنامجها النووي والذي انسحب منه سلفه دونالد ترامب من طرف واحد.
غير أن الحوار لم يفض إلى نتيجة وتم التخلي عنه عمليا بعد حملة القمع التي قابلت بها السلطات الإيرانية موجة الاحتجاجات غير المسبوقة إثر وفاة الفتاة مهسا أميني في أيلول 2022.
ويجد الرئيس الأميركي المرشح لولاية ثانية، نفسه الآن أمام خيار صعب ما بين الاستمرار في سياسة ردع، أو تسديد ضربة قوية بما تنطوي عليه من مخاطر تصعيد.
ويعتبر غوردون غراي أن الولايات المتحدة قد ترد بضرب "هدف عسكري أو هدف للحرس الثوري داخل إيران".
وشدد على أن إدارة بايدن "حرصت على عدم إبداء رد فعل مسرف وتمرير رسالة بأن الهجمات لن تكون مقبولة".
لكنه تابع أن "القادة الإيرانيين لم يفهموا هذه الرسالة للأسف، وأعتقد أن هذا يزيد فرص حصول مواجهة عسكرية".