وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى السعودية الاثنين في جولة جديدة تهدف لضمان التوصل إلى هدنة في الحرب بين إسرائيل وحماس، بينما يتواصل القتال في جنوب غزة.
وفي خامس زيارة يقوم بها إلى المنطقة منذ الهجوم الذي شنّته حماس داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول وأدى إلى اندلاع الحرب، يتوقع بأن يتوقف بلينكن في السعودية وإسرائيل ومصر وقطر.
وشدد قبل الزيارة على ضرورة "الاستجابة بشكل عاجل إلى الاحتياجات الإنسانية في غزة"، بعدما دقّت مجموعات الإغاثة مراراً ناقوس الخطر حيال التداعيات المدمّرة للحرب التي تقترب من دخول شهرها الخامس، على الجيب المحاصر.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنّ "الجيش الإسرائيلي يخوض عمليّة برية هي الأعقد في تاريخ الحروب".
وأضاف: "تمكنا من القضاء على عدد من كتائب حماس وباتت في حكم العدم. وكتيبة خان يونس في حماس على وشك الانهيار".
وتابع: "حماس ظنت أن "حزب الله" سيساعدها وأن جيش الدفاع سيخشى الخسائر وهو ما لم يتحقق. ونتأهب في البر والجو من أجل تمكين مواطنينا من العودة إلى منازلهم في الشمال".
ولفت غالانت: "إذا اندلعت حرب في الشمال ستكون هناك أثمان صعبة لإسرائيل لكنها ستكون أصعب للبنان وحزب الله".
وأردف: "نعتزم الوصول إلى رفح لكن لا يمكنني القول متى وكيف".
وقال الفلسطيني سعيد حمودة الذي فر من منزله في جنوب قطاع غزة باتّجاه مدينة رفح الجنوبية الواقعة عند الحدود مع مصر "الوضع لا يمكن وصفه".
باتت رفح التي أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق من انفجار الوضع فيها في ظل تفاقم "اليأس" تؤوي أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة بعدما نزحوا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وقال حمودة "سواء امتلكت مليون أو مئة دولار فالوضع هو ذاته".
تقدّم الجيش الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي جنوباً باتّجاه المدينة الحدودية، محذّراً من أنّ قواته البرية قد تدخل رفح في إطار العملية الرامية "للقضاء" على حماس.
وصباح الاثنين، أفادت مصادر "فرانس برس" عن سماع دوي قصف مدفعي في مناطق شرق رفح وخان يونس، المدينة الرئيسية في غزة.
تفيد إسرائيل بأن عناصر حماس أعدّوا في خان يونس لهجوم السابع من تشرين الأول، وبأن كبار المسؤولين في حماس يختبئون في المدينة.
قُتل 128 شخصاً، معظمهم نساء وأطفال، في القصف الإسرائيلي ليل الأحد الاثنين في القطاع المحاصر، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأكد المكتب الإعلامي التابع لحكومة حماس بأن القصف الإسرائيلي تواصل على وسط وجنوب القطاع الساحلي، بما في ذلك على مسافة قريبة من المستشفيات.
وأعلن الجيش الإسرائيلي بأن جنوده في شمال ووسط قطاع غزة "قتلوا عشرات الإرهابيين" وتشتبك مع مسلحين من حماس في منطقة خان يونس.
بينما أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة مهاجمة قوات إسرائيلية جنوب غرب مدينة غزة.
- لا يوجد اتفاق بعد -
ويتوقع بأن يناقش بلينكن لدى وصوله إلى المنطقة مقترح هدنة وُضع خلال اجتماع عقده كبار المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والمصريين والقطريين في باريس الشهر الماضي.
بات التحرّك الديبلوماسي أكثر إلحاحاً مع ازدياد الهجمات التي تشنّها مجموعات مدعومة من إيران تضامناً مع حماس، ما دفع الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مضادة.
ينصّ مقترح الهدنة الجديد على وقف القتال لمدة ستة أسابيع مبدئياً، بينما تفرج حماس عن الرهائن مقابل أسرى فلسطينيين، وفق مصدر في الحركة الإسلامية.
لكن حماس أكدت أنه لم يتم بعد التوصل إلى أي اتفاق بينما أعرب بعض المسؤولين الإسرائيليين عن معارضتهم لأي تنازلات.
اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول وأسفر عن مقتل نحو 1160 شخصاً، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية.
كما احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 132 بينهم ما زالوا في غزة، و28 منهم على الأقل يُعتقد أنهم قُتلوا، بحسب أرقام صادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وتعهدت إسرائيل القضاء على حماس، وأطلقت هجوماً عسكرياً واسعاً أسفر عن مقتل 27478 شحصت غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
يعيش سكان غزة في ظروف إنسانية قاسية، وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عبر منصة التواصل الاجتماعي إكس إن "هناك محدودية شديدة في الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي وسط القصف المستمر".
والإثنين، اتهمت الوكالة الجيش الإسرائيلي بشن ضربة من البحر على قافلة مساعدات غذائية كانت تستعد لدخول شمال قطاع غزة.
وكتب توماس وايت مسؤول الوكالة في القطاع على منصة اكس "لحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى". ويسيطر الجيش الإسرائيلي بشكل كامل على المجال البحري قبالة قطاع غزة في المتوسط.
يطال جدل حاد الأونروا نفسها بعدما اتُّهم 12 من موظفيها بالتورط في هجوم السابع من تشرين الأول الذي شنته حماس.
وعلّقت أكثر من عشر دول، على رأسها الولايات المتحدة، تمويل الوكالة بعد ورود الاتهامات.
وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقال الأحد من أن وقف تمويل الأونروا يمثّل تهديداً وجودياً للوكالة التي توفر "مساعدات حيوية لأكثر من 1,1 مليون شخص في غزة يعانون من جوع كارثي وتفشي الأمراض".
وأعلنت الأمم المتحدة بأنها ستدقق في عمليات الهيئة.
وأعلنت إسبانيا الاثنين الإفراج عن مساعدات طارئة بقيمة 3,5 مليون يورو للاونروا.
وقبل مغادرته متوجهاً إلى المنطقة، أفاد بلينكن بأن الأزمة الإنسانية ستكون من بين القضايا التي سيركز عليها.
- غضب حيال الرهائن -
تأتي زيارة بلينكن إلى الشرق الأوسط في وقت صرّح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير لصحيفة وول ستريت جورنال "بدلاً من أن يقدم لنا دعمه الكامل، ينشغل (الرئيس الأميركي جو) بايدن في تقديم المساعدات الإنسانية والوقود (لغزة) التي تذهب لحماس". وجاء ذلك في أعقاب فرض واشنطن عقوبات على أربعة مستوطنين في ظل تصاعد العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
بينما رد نتنياهو على بن غفير قائلاً: "لست بحاجة إلى مساعدة لمعرفة كيفية إدارة علاقاتنا مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مع الوقوف بثبات عند مصالحنا الوطنية".
وفضلاً عن الانقسامات ضمن حكومته، يواجه نتانياهو أيضاً غضباً شعبياً حيال مصير باقي الرهائن.
وتظاهر المئات في تل أبيب السبت للمطالبة بانتخابات مبكرة.
وفي ختام لقاء مع نتنياهو في القدس، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الاثنين إلى "وقف عنف المستوطنين" الاسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة.
ومنذ اندلاع الحرب، هناك تبادل يومي للقصف منذ أشهر بين إسرائيل و"حزب الله".
والإثنين، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنّ "الوقت ينفد" للتوصل إلى حل ديبلوماسي في جنوب لبنان.
وقال كاتس لنظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه إنّ "إسرائيل ستتحرك عسكرياً لإعادة المواطنين الذين تم إخلاؤهم من منازلهم" إلى منطقتها الحدودية الشمالية في حال عدم التوصل لحل ديبلوماسي لوضع حد للعنف.