يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن القادة الإسرائيليين، الأربعاء، لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة تشمل إطلاق سراح رهائن، مع دخول الحرب بين إسرائيل وحركة حماس شهرها الخامس.
وفيما كانت طائرة بلينكن تهبط في تل أبيب، كان يتواصل القصف والقتال على مسافة أقل من مئة كيلومتر إلى الجنوب، في مدينتي خان يونس ورفح في غزة، بحسب شهود عيان.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس بأنّ قصفاً إسرائيلياً استهدف مدينة خان يونس ورفح المجاورة، التي لجأ إليها مئات الآلاف من النازحين الذين باتوا يخشون من تنفيذ هجوم بري في المنطقة.
من جهتها، ذكرت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس أنّ مئة شخص قُتلوا منذ مساء الثلثاء في مختلف أنحاء القطاع.
وأضافت أنّ "الاحتلال يواصل جريمة حصار واستهداف مستشفى ناصر ومنع إدخال الأدوية والمياه والطعام ويستهدف محيط المستشفى"، مشيرة إلى أنّه يقوم بـ"تخريب... واحتجاز واعتقال كوادر طبية ومصابين ومرضى ومرافقيهم في مستشفى الأمل".
ومنذ بداية الحرب، دمرت أحياء بالكامل بسبب القصف الإسرائيلي وهجّر 1,7 مليون شخص من بين حوالى 2,4 مليوني نسمة يعيشون في القطاع.
ويتكدس أكثر من 1,3 ملايين نازح في رفح في أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر، أي خمسة أضعاف عدد سكانها الاصليين، من أصل عدد سكان غزة وسط ظروف إنسانية ومعيشية يائسة، بحسب الأمم المتحدة.
لكن هذه المدينة قد تكون الهدف التالي لإسرائيل. فقد حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مساء الإثنين من أنّ الجيش "سيصل إلى أماكن لم يقاتل فيها بعد (...) حتى آخر معقل لحماس، أي رفح".
كما أشار الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لايركه إلى أن "تصعيدا للقتال في رفح قد يؤدي إلى خسائر كبيرة في أرواح المدنيين. علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب ذلك".
وقالت دانة أحمد (40 عاماً) وهي نازحة من مدينة غزة (شمال) مع أطفالها الثلاثة وعدد آخر من أفراد عائلتها في خيمة غرب مدينة رفح، "لم ننم طيلة الليل. صوت الطائرات لم يتوقف، القصف أصبح قريباً وعنيفاً في رفح، أشعر بالرعب من أنّ إسرائيل ستبدأ عملية برية في رفح".
- "فيلم رعب" -
وأضافت "هم (الجيش الإسرائيلي) من طلبوا من الناس التوجّه إلى رفح، أين سنذهب؟ الوضع كارثي. أشعر أنّي أعيش فيلم رعب لا ينتهي ".
ويأتي ذلك فيما يقوم بلينكن بالجولة الخامسة في الشرق الأوسط، حيث زار الثلثاء مصر وقطر اللتين تؤديان دوراً رئيسياً في جهود الوساطة، قبل أن يصل ليل الثلثاء الأربعاء إلى تل أبيب.
وأكّدت حماس الثلثاء أنها قدّمت ردها إلى الوسطاء المصريين والقطريين على اقتراح الهدنة الذي طرحه مسؤولون أميركيون وقطريون ومصريون نهاية كانون الثاني في باريس، من دون الخوض في التفاصيل.
وأفاد مسؤول أميركي طلب عدم كشف اسمه أن أمير قطر أبلغ بلينكن الثلثاء برد حماس مع بداية اجتماعهما في الدوحة.
والأسبوع الماضي أفاد مصدر في الحركة أن الاقتراح يشمل ثلاث مراحل وينصّ في المرحلة الأولى على هدنة تمتدّ على ستة أسابيع تطلق خلالها إسرائيل سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني، في مقابل الإفراج عن 35 إلى 40 رهينة محتجزين في غزة، على أن يتسنّى دخول ما بين 200 إلى 300 شاحنة مساعدات يوميا إلى غزة.
وكان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أعلن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بلينكن في الدوحة "تلقّي ردّ من حركة حماس بشأن اتفاق الإطار يتضمن ملاحظات، وهو في مجمله إيجابي".
وقال آل ثاني إنه "متفائل" لكنّه رفض مناقشة ردّ حماس بالتفصيل نظرا إلى "الظروف الحسّاسة".
ولاحقا أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ جهاز الاستخبارات "الموساد" يدرس ردّ حماس على مقترح التهدئة وقال في بيان إنّ "الوسيط القطري أبلغ الموساد برد حماس. يجري المسؤولون المعنيون بالمفاوضات تقييما لتفاصيل (هذا الرد) بتمعّن".
ومن المقرر أن يلتقي بلينكن نتنياهو بعد أربعة أشهر بالتحديد من اليوم التالي لبدء الحرب.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأول عقب هجوم غير مسبوق على إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام رسمية.
كذلك، احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 132 بينهم ما زالوا في غزة، و29 منهم على الأقلّ يُعتقد أنّهم قُتلوا، بحسب أرقام صادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وتردّ إسرائيل على هجوم السابع من تشرين الأول بحملة قصف مركز أتبعتها بهجوم بري واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 27585 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
- "عمل كثير" -
أتاحت هدنة أولى استمرت أسبوعا في نهاية تشرين الثاني إدخال مساعدات إلى القطاع وإطلاق سراح 105 رهائن مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين.
وفي الدوحة قال بلينكن "لا يزال هناك عمل كثير يتعيّن القيام به. لكننا ما زلنا نعتقد أن الاتفاق ممكن وضروري، وسنواصل العمل بلا كلل لتحقيقه".
واعتبر أن المقترح الذي تم التوصل إليه خلال اجتماع في باريس نهاية كانون الثاني/يناير يفتح الأفق أمام "تهدئة طويلة الأمد" وأمام "الإفراج عن رهائن وزيادة المساعدات" إلى غزة التي تواجه أزمة إنسانية "كارثية" وفق الأمم المتحدة، وقد شدد على أن هذا الأمر "سيكون مفيدا للجميع".
إلا أن حركة حماس تطالب بوقف إطلاق نار وليس هدنة جديدة، فيما تشدّد إسرائيل على أنها لن توقف نهائيا حربها على غزة إلا بعد "القضاء" على حركة حماس وتحرير كلّ الرهائن وتلقّي ضمانات بشأن الأمن في أراضيها.
والثلثاء نقل بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نتنياهو قوله "نحن على مسار النصر الكامل ولن نتوقف. إنه موقف الغالبية الساحقة من الشعب".
وخارج غزة، ما زالت التوترات تتصاعد في المنطقة بين إسرائيل وحلفائها من جهة ومن جهة أخرى إيران و"محور المقاومة" الذي يضم، بالإضافة إلى حماس، حزب الله اللبناني ومجموعات مسلّحة في العراق والمتمردين الحوثيين في اليمن.
ومساء الثلثاء، قال الجيش الإسرائيلي إنه حصل على وثائق "تثبت" تحويلات بقيمة 154 مليون دولار من إيران لحماس في الفترة الممتدة من 2014 إلى 2020.
وخلال الليل، قتل ثمانية أشخاص على الأقل بينهم مدنيون في قصف جوي إسرائيلي استهدف منطقة حمص في وسط سوريا بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.