قصف الجيش الإسرائيلي، اليوم، مناطق في مدينة رفح الحدودية جنوب قطاع غزة حيث نزح أكثر من نصف سكان غزة بعد يوم من رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اقتراحاً لإنهاء الحرب في القطاع.
وقال نتنياهو، أمس، إنّ الشروط التي طرحتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أجل وقف لإطلاق النار سيشمل أيضاً الإفراج عن المحتجزين لدى الحركة "مضلّلة" وتعهد بمواصلة القتال، وقال إنّ "النصر بات قريباً وعلى بُعد أشهر فقط".
وجاء الرفض في أعقاب جهود ديبلوماسية مكثّفة لإنهاء الصراع الدائر منذ أربعة أشهر ونصف الشهر قبل هجوم إسرائيلي محتمل على رفح التي يقيم فيها أكثر من مليون شخص حاليّاً. ويعيش العديد منهم في خيام موقّتة ويفتقرون إلى الغذاء والدواء.
وحذّرت وكالات إغاثة من وقوع "كارثة إنسانية" إذا نفذت إسرائيل تهديدها باقتحام إحدى آخر المناطق المتبقية التي لم تدخلها قواتها خلال هجومها البري على قطاع غزة.
وقال أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس، إنّ التوغّل في رفح على الحدود مع مصر "سيفاقم كابوساً إنسانيّاً واقعاً بالفعل وستكون له عواقب إقليمية لا يمكن وصفها".
ولفت سكان في رفح إلة أنّ طائرات إسرائيلية قصفت مناطق في رفح صباح اليوم مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصاً بسبب غارات على منزلين. كما قصفت دبابات بعض المناطق شرق رفح مما زاد من مخاوف السكان من هجوم بري وشيك.
ويقول عماد (55 عاما) وهو نازح وأب لستة أبناء: "احنا ظهرنا للسلك الحدودي ووجوهنا للبحر، وين بدنا نروح؟".
وأضاف في حديث لـ"رويترز": "ما في مكان نروحه، مليون بني آدم واكتر من مليون بني ادم بيسألوا نفس السؤال؛ وين بدنا نروح ؟".
مسعىً ديبلوماسيّ
رغم رفض إسرائيل اقتراح "حماس"، فمن المقرر إجراء مزيد من المحادثات وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولته الخامسة في المنطقة منذ بداية الحرب إنه يرى فرصة لمزيد من التفاوض.
وقال بلينكن، في مؤتمر صحافي عُقِد في ساعة متأخّرة من أمس الأربعاء، في تل أبيب، إنّ بنوداً في الاقتراح الذي طرحته "حماس" احتوت على أمور "غير مشجعة" بشكل واضح من دون تحديد ماهيتها.
وأضاف: "لكننا أيضا نرى فرصة لمواصلة المفاوضات لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى اتفاق. وهذا ما نعتزم القيام به".
ووصل وفد من "حماس" يرأسه القيادي البارز في الحركة خليل الحية إلى القاهرة اليوم لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار مع مصر وقطر اللتين تتوسطان في أحدث مسعى ديبلوماسي.
وقالت مصادر أمنية مصرية إنّه من المتوقع أن يلتقي الوفد برئيس المخابرات المصرية عباس كامل وفريق الوساطة المصرية في غزة.
وأشار وزير الخارجية المصري سامح شكري، من نيقوسيا، إلى أنّ مصر تعمل مع جميع الأطراف لإيجاد حل لإنهاء الصراع وحث المجتمع الدولي على ممارسة المزيد من الضغوط للسماح بدخول المساعدات إلى غزة.
وقال للصحافيين إنّ "المعاناة الإنسانية في غزة لا يمكن تصورها، ونظام الدعم الإنساني على وشك الانهيار، والتهديدات بتوسع خطير للصراع حقيقية".
كما شرع العاهل الأردني الملك عبد الله في مهمة دبلوماسية تهدف إلى إنهاء الحرب، إذ بدأ جولة في عواصم غربية تشمل لقاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن.
واقترحت "حماس" وقفاً لإطلاق النار لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر، يتم خلالها إطلاق جميع المحتجزين في غزة وسحب القوات الإسرائيلية من القطاع والتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب.
وجاء عرض حماس ردّاً على مقترح وضعه قادة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية وسلمه وسطاء قطريون ومصريون للحركة الأسبوع الماضي.
وقال ستة مسؤولين ومستشارين إسرائيليين لشبكة "إن.بي.سي نيوز" إنّ "إسرائيل ستكون مستعدة للسماح لرئيس حماس في غزة يحيى السنوار بمغادرة القطاع مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن، وحل حكومة حماس".
تزايد عدد القتلى
ذكر الجيش الإسرائيلي، اليوم، إنّ قواته قتلت أكثر من 20 مسلّحاً فلسطينيّاً في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية.
وأضاف أنّ قواته ألقت القبض على عشرات المسلحين المشتبه منهم اثنان يقول إنهما ربما شاركا في هجوم "حماس" على إسرائيل.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أنّ ما لا يقل عن 27840 فلسطينيّاً قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي، وأصيب أكثر من 67 ألف آخرين، وسط مخاوف من دفن آلاف آخرين تحت الأنقاض.
واستمر القصف الإسرائيلي على مدينتي خان يونس ودير البلح وسط قطاع غزة طوال الليل، مما أدى إلى مقتل الصحافي في تلفزيون فلسطين نافذ عبد الجواد وابنه.
وأطلقت إسرائيل اليوم 71 فلسطينيّاً اعتقلتهم خلال هجومها على قطاع غزة، من بينهم 19 امرأة.
ويواجه نتنياهو، الذي تراجعت شعبيته في الداخل، ضغوطا شعبية لمواصلة العمل مع وسطاء دوليين للتوصل إلى اتفاق في غزة، وهو جيب ساحلي مكتظ بالسكان يبلغ عدد سكانه حوالي 2,3 مليون نسمة.
ومن المقرّر أن يلتقي بلينكن اليوم الخميس بمسؤولين إسرائيليين كبار وأفراد عائلات الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة.