يخشى فلسطينيون يقطنون مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة ويعتمدون على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في التعليم والرعاية الصحية من توقف الخدمات الأساسية مع تعليق عدة دول مانحة تمويلها للوكالة وسط اتهامات لموظفين فيها بالمشاركة في هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول.
وينصب معظم التركيز بشأن مصير الوكالة على عملياتها الطارئة في غزة التي دمرتها الحرب حيث تلعب دورا حاسما في جهود الإغاثة لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليوني نسمة.
لكن الوكالة تعد أيضا شريان حياة للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك الضفة الغربية حيث تخدم أكثر من 870 ألف شخص، وتدير 96 مدرسة و43 منشأة أولية للرعاية الصحية.
وقال محمد المصري، أحد سكان مخيم الدهيشة للاجئين قرب بيت لحم "إذا تم إلغاء الأونروا، فستتوقف أي مساعدة للمواطنين، بالأخص المخيمات، لأنها تعتمد على مساعدات الأونروا ولا يوجد أي مساعدات خارجية".
وأعلنت الأونروا الشهر الماضي فصل بعض موظفيها بعد اتهامات إسرائيلية بأن 12 من الموظفين، وعددهم 13 ألفا في غزة، شاركوا في هجوم السابع من تشرين الأول الذي شنه مسلحو حماس على بلدات حدودية إسرائيلية.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز 250 رهينة في غزة وفقا للإحصائيات الإسرائيلية. وتقول السلطات الصحية في غزة إن الحرب الجوية والبرية التي تشنها إسرائيل على القطاع أسفرت عن مقتل أكثر من 28 ألف شخص.
وجددت الاتهامات ضد الأونروا مطالب إسرائيلية قائمة منذ فترة طويلة بتفكيك الوكالة التي يرى الجانبان أنها مرتبطة بشكل وثيق بمشكلة اللاجئين التي يعود تاريخها إلى قيام دولة إسرائيل عام 1948 وتكمن في قلب الصراع المستمر منذ عقود.
وفر أو طُرد نحو 700 ألف فلسطيني، أي نصف السكان العرب في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني قبل 75 عاما، ولجأ كثيرون منهم إلى دول عربية مجاورة حيث يقيم أحفادهم حاليا. وتطورت المخيمات التي عاشوا فيها بعد 1948 إلى بلدات.
وفي ظل غياب تسوية دائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يحتفظ هؤلاء بوضع اللاجئين، بمن فيهم من يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويؤكدون حقهم في العودة إلى أراضيهم داخل حدود إسرائيل.
وترفض إسرائيل ذلك قائلة إنهم اختاروا المغادرة وليس لهم الحق في العودة. وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشهر الماضي المطالبة بإغلاق الأونروا، قائلا إنها "تسعى إلى الإبقاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين".
لاجئون
كان داود فرج في العاشرة من عمره عندما تحول أفراد عائلته إلى لاجئين. ويبلغ حاليا 85 عاما، وعاش معظم حياته في مخيم عايدة للاجئين في الضفة الغربية قرب القدس.
وقال فرج "قطع المساعدات بيضر كتير ناس مش أنا بس"، مشيرا إلى خدمات الأونروا في مجالي التعليم والصحة بالمخيم.
وقالت الأونروا إنها تأمل أن يراجع المانحون قرارات التمويل في غضون أسابيع قليلة بعد صدور تقرير مبدئي عن الاتهامات الإسرائيلية واستجابة الوكالة لها.
ورجحت الوكالة نفاد الأموال اللازمة لتقديم الخدمات بحلول نهاية فبراير شباط في حال عدم استئناف التمويل.
وقال كاظم أبو خلف، المتحدث باسم وكالة الأونروا في الضفة الغربية "إذا استمر الحال على ما هو عليه، فمن الممكن بالفعل أن نضطر في وكالة الغوث إلى أن نذهب إلى السيناريو الأسوأ، هذا السيناريو الكابوسي المرعب بالنسبة لنا، وهو النظر في مسألة وقف عملياتنا، ليس في قطاع غزة فحسب، إنما أيضا في مناطق عملياتنا الأخرى".
وأمام مركز عمليات الأونروا في الضفة الغربية بالقدس، تحدث نائب رئيس بلدية المدينة أرييه كينغ خلال احتجاج لإسرائيليين يطالبون بإغلاق الوكالة.
وقال كينغ "حان الوقت أن تقرر حكومة إسرائيل التعامل مع هذه المنظمة باعتبارها عدو"، بينما رفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها "اطردوا الأونروا".