قال مسؤول في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) اليوم الخميس إن غزة ستحتاج إلى "خطة مارشال" جديدة للتعافي من الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، مضيفا أن الأضرار تعادل بالفعل نحو أربعة أمثال ما تعرض له القطاع في حرب سابقة.
وذكر ريتشارد كوزول رايت المدير في أونكتاد خلال اجتماع للأمم المتحدة في جنيف "هذا سيحتاج إلى خطة مارشال جديدة" في إشارة إلى خطة للتعافي الاقتصادي لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأضاف أن الأضرار تبلغ بالفعل أربعة أمثال تلك التي لحقت بغزة خلال الحرب التي استمرت سبعة أسابيع في عام 2014.
ما هي هذه الخطّة؟
خطة مارشال هي خطة اقتصادية أُطلقت بمبادرة من وزير الخارجية الأميركي الأسبق جورج مارشال، من أجل مساعدة البلدان الأوروبية على إعادة إعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية وبناء اقتصاداتها من جديد، وذلك عبر تقديم هبات عينية ونقدية بالإضافة إلى حزمة من القروض الطويلة الأمد.
وألقى جورج مارشال كلمة أمام خريجي وطلبة جامعة هارفارد بمناسبة الاحتفالات السنوية للجامعة في 5 حزيران 1947، تحدّث خلالها عن أن وضع العالم خطير وأشار إلى التكلفة الباهظة التي تكبدتها الاقتصادات الأوروبية بسبب الحرب العالمية الثانية والآثار الاجتماعية المترتبة على ذلك.
وأضاف قائلا أنه من المنطقي أمام هذا الوضع أن تعمل الولايات المتحدة كل ما في وسعها من أجل إعادة العافية إلى الاقتصاد الأوروبي لأن الاستقرار السياسي والسلام مرهونين بذلك.
وكانت الولايات المتحدة متخوفة من أن تقع المجتمعات الأوروبية تحت إغراء الأحزاب الشيوعية بسبب ما ساد أوروبا بعد الحرب من الجوع والفقر والبطالة واليأس. كما استقر لدى الساسة الأميركيين قناعة بأن أوروبا لا تستطيع أن تعافي نفسها دون مساعدة من الولايات المتحدة، وأن المصالح الإستراتيجية لأميركا ستكون في خطر إن سقطت أوروبا في فلك الاتحاد السوفياتي.
وشدد مارشال في كلمته على أن المبادرة للعمل من أجل تعافي الاقتصادات الأوروبية ينبغي أن تأتي من الدول الأوروبية نفسها عبر تقديم خطة عمل مشتركة.
قبلت سبع عشرة دولة أوروبية الاستفادة من المشروع هي: بريطانيا، فرنسا، ألمانيا الغربية، بلجيكا، هولندا، إيطاليا، سويسرا، لوكسمبورغ، النمسا، الدانمارك، السويد، النرويج، أيرلندا، آيسلندا، البرتغال، اليونان، وتركيا. أما الاتحاد السوفياتي فقد رفض الانضمام إلى المشروع ومنع الدول الواقعة تحت تأثيره في أوروبا الشرقية مثل بولونيا وتشيكوسلوفاكيا من الانضمام إلى المشروع، مع أن الدعوة وجهت إليهم جميعا.
تقدمت الدول الأوروبية التي اجتمعت في باريس بخطة إلى الخارجية الأميركية وعُرضت على الكونغرس الذي صوت لصالحها، ثم تبناها الرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان في 3 نيسان 1948 من خلال التوقيع على قانون أُطلق عليه "برنامج الانتعاش الأوروبي".
وأُسندت مهمة تنفيذ المشروع على الجانب الأميركي إلى إدارة التعاون الاقتصادي التي أُحدثت بمقتضى هذا القانون، وأُنشئت المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي (التي تحولت لاحقا إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) على الجانب الأوروبي.
وزعت إدارة التعاون الاقتصادي الأميركية أكثر من 13 مليار دولار خلال السنوات الأربع، وشكلت الهبات ما يقارب 85 في المئة من هذا المبلغ، أما الباقي فقد أعطي على شكل قروض طويلة الأمد. حصلت بريطانيا لوحدها على 26 في المئة من هذه الأموال، وحصلت فرنسا على 23 في المئة، وتقاسمت البلدان الأخرى الباقي.
تُوِّج مشروع مارشال بنجاح كبير شهدت عليه الإنجازات الاقتصادية التي حققتها البلدان الأوروبية المستفيدة من المشروع، حيث بلغت معدلات نمو ناتجها القومي الإجمالي ما بين 15 و25 في المئة خلال فترة تنفيذه.