دخلت المفاوضات حول الصيد والزراعة خلال المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية المنعقد في أبوظبي، الثلثاء، في صلب المواضيع لكنّها تبدو صعبة، في حين تتجه الأنظار إلى الهند التي يُنتظر وصول وزيرها.
عام 2022، تم التوصل إلى اتفاق بعد أكثر من عشرين عامًا من المحادثات، لمنع المساعدات التي تدعم الصيد الجائر والصيد غير القانوني وصيد الأسماك المستغلّة بشكل مفرط وكذلك الصيد غير المنظّم في أعالي البحار، مع تضمينه بعض المرونة للدول النامية.
ويأمل وزراء التجارة في الدول الأعضاء في المنظمة التوصل إلى حلّ للمسائل التي بقيت عالقة مذاك، وتحديدًا منع تقديم المساعدات التي تدعم الصيد الجائر والقدرة المفرطة على الصيد، إلا في حال كانت تندرج في إطار آلية لإدارة موارد مصايد الأسماك على أساس معايير الاستدامة.
وأكد المفوض الأوروبي للتجارة فالديس دومبروفسكيس الثلثاء لوكالة فرانس برس أن هناك رغبة في إنهاء المفاوضات حول هذه المسألة خلال جولة المفاوضات في أبوظبي، مشيرًا إلى ان الأوروبيين "منفتحون" على الحوار بشأن المرونة التي ستُمنح للدول النامية طالما "لا تقوّض" أهداف الاستدامة.
وقال مصدر ديبلوماسي رفض الكشف عن اسمه لفرانس برس: "لذا ينبغي أن يكون هناك القليل من التنازل والإرادة السياسية لإعطاء الزخم النهائي"، مذكّرًا بأن القرارات تُتخذ بالإجماع في المنظمة.
وتنقسم آراء المنظمات غير الحكومية في هذا الشأن، حتى لو أن عددًا كبيرًا منها يؤكد أن الاتفاق سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح.
وقال إرنستو فيرنانديث مونيي من منظمة "بيو تشيريتبل تراستس" لفرانس برس إن "فرض حظر واضح مع عدد قليل من الاستثناءات قد يكون على الأرجح الحلّ الأمثل"، مشيرًا إلى أن "وجود اتفاق أكثر أهميّة من عدم التوصل إليه".
ولم يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ لأنّه لم يصادق عليه العدد الكافي من الدول.
وأشار مصدر ديبلوماسي فرنسي بدون الكشف عن اسمه، إلى أن اختتام الجولة الثانية من المفاوضات حول الصيد بنتيجة ملموسة هو "أولوية". وأضاف "لدينا بعض المواضيع الحساسة، وسنجري بعض المناقشات، لا سيما مع الهند ومع بعض البلدان، لكننا واثقون نسبيًا من قدرتنا على إبرام هذا الاتفاق أخيرًا في المؤتمر الوزاري الثالث عشر" للمنظمة.
ويصف بعض الديبلوماسيين الهند بأنها "العنصر المعرقل" أو "الشريك الصعب"، ويثير غياب وزيرها عن المؤتمر المنعقد في أبوظبي، تساؤلات، علمًا أنه يُنتظر وصوله الأربعاء.
وحرص مسؤولون كثرُ في المنظمة بينهم المديرة العامة للمنظمة النيجيرية نغوزي أوكونجو-إيوالا إعلى تأكيد أن الوفد الهندي كبير وأن الوزير أبلغ مسبقًا عن تأخره بسبب الحملة الانتخابية في بلاده.
- صيد "تقليدي" -
ومن شأن النص أن يقسم البلدان الأعضاء في المنظمة إلى ثلاث مجموعات، مع إخضاع الدول التي تقدم أكبر قدر من المساعدات، بما في ذلك البلدان النامية، لقواعد أكثر صرامة.
وسيتمّ منح مرونة لدول نامية أخرى، وتطالب الهند بفترة انتقالية تمتدّ على 25 عاماً، وهي فترة يعتبرها البعض طويلة جدًا.
وتطرح مسألة النطاق الجغرافي التي يعتبر فيه الصيد "تقليديًا" وبالتالي معفى من القواعد، مشكلة، إذ يقترح مشروع الاتفاق أن يكون النطاق 12 أو 200 ميلًا بحريًا. وأكد مندوب مسؤول عن قضايا التجارة إن 200 ميلًا بحريًا هي مسافة "هائلة".
ويبدو الأوروبيون حذرين بشأن حظر دعم الوقود لمصايد الأسماك، لكن دومبروفسكيس أكد الثلثاء أنه "لا يعتقد أن هذا يشكل نقطة محورية في هذه المفاوضات".
وهناك أيضاً توترات حول ما إذا كان الاتفاق يذكر العمل القسري على سفن الصيد، وهو موضوع مهمّ بالنسبة للأميركيين، ولكن دول أخرى مثل الصين وتايلاند ينظرون إليه بنظرة قاتمة.
أما ملف الزراعة، الذي تبيّن أنه شائك للغاية خصوصًا بعد التظاهرات الأخيرة التي نظمها مزارعون في أوروبا والهند، فسيكون أيضًا موضع مفاوضات شاقة، لكنّ التوقعات بإحراز تقدم يُذكر، منخفضة للغاية.
ولا ينبغي للوزراء حتى أن يتفقوا على برنامج عمل. ومع ذلك، توسّلت أوكونجو-إيوالا إليهم بأن يفعلوا ذلك.
وقالت: "نظراً لأهمية القضية هذا الأسبوع، أناشدكم التوصل إلى نتيجة بشأن الزراعة حتى لو كان ذلك لإنشاء منصة" لمزيد من المناقشات.
وأشار مدير قسم الزراعة في منظمة التجارة العالمية إدويني كيسي إلى أن "المسألة الأصعب هي مسألة المخزون العام من المواد الغذائية"، لضمان الأمن الغذائي للشعوب.
وتطالب العديد من الدول، في مقدّمتها الهند، بتحويل اتفاق موقت في هذا الشأن تم التوصل إليها عام 2013، إلى اتفاقية دائمة.