في مواجهة الوضع الإنساني الكارثي في غزة، حيث تُحذّر الأمم المتحدة من أن المجاعة أصبحت "شبه حتمية"، بدأت دول مانحة تقديم المساعدات جوّاً عبر إلقائها بمظلات.
بعد خمسة أشهر من الحرب، انخفضت كمية المساعدات الإنسانية التي تصل بالشاحنات بشكل كبير، فيما يواجه سكان القطاع المحاصر نقصاً خطيراً في الغذاء والماء والدواء.
وبدأت طائرات عسكرية أجنبية إلقاء مساعدات إنسانية للسكان. وحتى الآن، نظّمت طائرات أردنية بدعم من دول مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا، معظم عمليات الإسقاط.
وحذت حذوها الخميس طائرات مصرية وإماراتية.
وقال عماد دغمش، وهو من سكان حي الصبرة في وسط قطاع غزة، لوكالة "فرانس برس"، إنّه تمكّن من الحصول على مياه للشرب وبعض المواد الغذائية بفضل تلك العمليات لكن لم يكن هناك ما يكفي لجميع من كانوا ينتظرون المساعدات.
وأضاف: "حصلت على علب وأكياس فيها معكرونة ومياه من مساعدات المظلات، شاهدنا المظلات في السماء وتابعتها وذهبت أنا وثلاثة من أولاد عمي (...) في النهاية أخذت أكياس معكرونة وجبن لكن أولاد عمي لم يتمكنوا من الحصول على شيء".
أزمة إنسانية
ووصلت المساعدات الإنسانية إلى حدها الأدنى منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول.
وفي شمال قطاع غزة حيث بدأ الهجوم الإسرائيلي، اضطر العديد من السكان لتناول العلف.
وأكّدت وزارة الصحة التابعة في غزة، الجمعة، أنّ عشرات الأطفال توفّوا بسبب "سوء التغذية والجفاف".
وفي مواجهة هذا الوضع الكارثي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستشارك "خلال الأيام المقبلة" في عمليات إنزال المساعدات.
وقال: "خلال الأيام المقبلة، سننضم الى أصدقائنا في الأردن وآخرين بتوفير مساعدات إضافية من الغذاء والمؤن ملقاة من الجو".
لكنّ مسؤولاً أميركيّاً اعتبر أنّ عمليات إسقاط المساعدات هذه "لا يمكن أن تكون إلّا قطرة في محيط" مقارنة بحاجات السكان.
وبالإضافة إلى الأخطار المرتبطة بإسقاط حزم ثقيلة في مناطق مكتظة، أكد سكان من غزة لوكالة "فرانس برس" أنّ العديد من تلك الطرود انتهى بها الأمر في البحر.
وقال هادي غبون (30 عاماً)، وهو من سكان مخيم الشاطئ ويقيم مع زوجته وأطفاله الخمسة في مدرسة ايراء في حي الرمال، إنّ "معظم المساعدات سقطت في البحر اليوم، وأيضاً المظلات التي سقطت الخميس والأربعاء كلها سقطت في البحر إلّا عدد قليل جدّاً قرب شاطئ غزة".
وأضاف أنّ هناك حاجة إلى "مساعدات بمئات الأطنان لمواجهة المجاعة وإطعام الناس".
"تُشكّل تحدياً"
واعتبر الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ينس لايركه، أنّ عمليات إنزال المساعدات الجوي تطرح "العديد من المشكلات".
وأوضح أنّ "إرسال المساعدات بهذه الطريقة يجب أن يكون الملاذ الأخير" مضيفا "النقل البري هو ببساطة أفضل وأكثر فعالية وأقل كلفة".
لكنه حذّر من أن مجاعة في القطاع المحاصر "أصبحت شبه حتمية، ما لم يتغيّر شيء".
وتتّهم الأمم المتحدة الجيش الإسرائيلي بمنع وصول المساعدات إلى غزة "بشكل منهجي".
وتقول منظمات إنسانية، من بينها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إنّ الطريقة الأفضل لتوصيل المساعدات هي أن تفتح إسرائيل المعابر الحدودية وتسمح لقوافل الشاحنات بالدخول وإتمام عمليات التوصيل بشكل آمن.
من جهته، أكد ناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، لصحافيين، أنّ قرابة ألف شاحنة تنتظر على الحدود المصرية.
وأضاف ستيفان دوجاريك: "عمليات إنزال المساعدات جوّاً تُشكّل تحدّياً، لكن كل الخيارات تبقى مطروحة".
وقد تكون هذه العمليات مكلفة جدّاً أيضاً.
وصرّح جيريمي كونينديك، رئيس منظمة "ريفيوجيز إنترناشونال" لشبكة "بي بي سي"، الجمعة، أنّ طائرة يمكنها إسقاط ما يعادل حمولة شاحنتين، لكن بكلفة أكثر بعشرة أضعاف.
وأضاف: "بدلاُ من إسقاط المواد الغذائية من الجو، يجب ممارسة ضغوط قوية على الحكومة الإسرائيلية للسماح بتسليم المساعدات عبر قنوات تقليدية تسمح بتسليم المساعدات على نطاق أوسع".