واصل الوسطاء في القاهرة جهودهم، الاثنين، للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة بعد أن كثّفت الولايات المتحدة ضغوطها من أجل وقف القتال وإدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأفادت وزارة الصحة في القطاع المدمر الذي تسيطر عليه حماس ويعاني من نقص حاد في الغذاء جراء الحرب المستمرة منذ قرابة خمسة أشهر إن 124 شخصا قتلوا خلال 24 ساعة في القصف الإسرائيلي.
واجتمع وسطاء قطريون ومصريون وأميركيون بموفدين من حركة حماس في غياب ممثلين لإسرائيل، في القاهرة لليوم الثاني من المحادثات التي تهدف إلى وقف القتال قبل بدء شهر رمضان في 10 أو 11 آذار.
وتحدثت قناة "القاهرة" الإخبارية القريبة من الاستخبارات المصرية عن "تقدّم ملحوظ" سجّل الأحد خلال المحادثات التي قالت إنها استؤنفت الاثنين. وهو ما أكده مسؤول من حماس طلب عدم الكشف عن اسمه.
وقالت القناة نقلا عن "مصدر رفيع المستوى" قوله إن "مصر تبذل جهودا حثيثة للتوصل إلى اتفاق هدنة قبل شهر رمضان".
ويفترض أن تشمل الهدنة إطلاق سراح رهائن محتجزين في غزة ومعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية وإدخال مزيد من المساعدات.
وتريد حماس أن تسحب إسرائيل جميع قواتها من غزة، في حين يصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن الجيش سيواصل حملته لتدمير حماس، بما في ذلك في رفح في أقصى جنوب القطاع حيث يتكدّس نحو 1,5 مليون فلسطيني معظمهم نازحون.
وطالبت إسرائيل أيضًا، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، بقائمة بأسماء جميع الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة. وهي تقدّر أن عددهم 130 من أصل 250 خطفوا خلال الهجوم الذي نفذته حركة حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول. ويقدّر أن 31 من الذين لا يزالون في غزة قد قتلوا.
وقال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان في كلمة ألقاها في بيروت الاثنين في مؤتمر دعم للفلسطينيين "نؤكد للصهاينة ولشريكهم الولايات المتحدة في هذا العدوان، بأن ما عجزوا عن فرضه في الميدان، لن يؤخذ بالسياسة".
وأضاف "إن أي مرونة في التفاوض حرصاً على دماء شعبنا، ولوضع حدّ لآلامه الكبيرة وتضحياته في حرب الإبادة، يوازيها استعداد كامل في الدفاع عن شعبنا".
ودعت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس الأحد إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في قطاع غزة، وانتقدت إسرائيل بسبب شح المساعدات في حين يتضور الغزّيون جوعا.
وقالت هاريس "على الحكومة الإسرائيلية فعل المزيد لزيادة المساعدات بشكل ملموس. لا توجد أعذار"، مضيفة أن على إسرائيل "أن تفتح نقاط عبور جديدة" و"ألا تفرض قيودا غير ضرورية على إيصال المساعدات".
وأضافت "تدعي حماس أنها تريد وقف إطلاق النار. حسنا، هناك اتفاق مطروح على الطاولة. وكما قلنا، على حماس الموافقة على هذا الاتفاق"، مشيرة في الوقت نفسه الى وجوب "إزالة التهديد الذي تشكله حماس على شعب إسرائيل".
أ ف ب
- غانتس في واشنطن -
وجاءت تصريحات هاريس في وقت يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطًا في عام انتخابي بسبب دعمه الثابت لإسرائيل وارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة، والذي بلغ اليوم 30534، معظمهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
ومن المقرّر أن تلتقي هاريس ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، في وقت لاحق الاثنين، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس في واشنطن. وغانتس عضو في حكومة نتنياهو الحربية، لكنه أيضًا منافس سياسي وسطي لرئيس الوزراء اليميني المخضرم.
وفي دلالة على الانقسامات السياسية داخل إسرائيل، انتقد وزير التعاون الإقليمي دودي أمسيلم زيارة غانتس الى الولايات المتحدة في منشور على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" قائلا "سيد غانتس، دخولك إلى الحكومة كان يهدف إلى الوحدة في فترة طارئة، لا الى أن تكون حصان طروادة".
على الأرض في قطاع غزة، تتواصل الحرب بلا هوادة. وأفاد شهود عيان عن وقوع معارك عنيفة في حي الزيتون بمدينة غزة ومدينة خان يونس الجنوبية.
وتوعّدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعد هجومها غير المسبوق الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وقال المكتب الإعلامي لحكومة حماس إن "عشرات الغارات الجوية" و"القصف المدفعي المكثف" أصابت مناطق عدة في أنحاء غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ "غارات محدّدة الأهداف" في منطقة خان يونس، وقتل 15شخصًا وصفهم بأنهم "إرهابيون" الأحد واعتقل العشرات المرتبطين بفصائل فلسطينية مسلحة.
أ ف ب
- "برميل بارود" -
ولا تزال صور آلاف الفلسطينيين الذين هرعوا نحو قافلة مساعدات دخلت شمال قطاع غزة الخميس ومقتل أكثر من 100 منهم في تدافع، وفق ما قالت إسرائيل، وإطلاق نار وفق الفلسطينيين، ماثلة في الأذهان، في مؤشر واضح على حالة الجوع السائدة بين سكان القطاع المحاصر والمدمّر.
وقالت حركة حماس وشهود إن القوات الإسرائيلية فتحت النار على الحشد، في حين قال الجيش الإسرائيلي إن معظم الضحايا تعرضوا للدهس حتى الموت أو صدمتهم الشاحنات أثناء التدافع للحصول على الطعام، وأقرّ بإطلاق النار "بسبب الشعور بوجود تهديد"، لكن ليس نحو القافلة.
وحذّرت الأمم المتحدة مجددا الجمعة من أن مجاعة في قطاع غزة "أصبحت شبه حتمية".
وقالت عائلات فلسطينية لوكالة فرانس برس إنها تقوم بطحن أعلاف الحيوانات والنباتات. وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس أن 16 طفلا على الأقل لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية في شمال غزة.
ونزح 1,7 مليون شخص من سكان غزة البالغ عددهم قبل الحرب 2,4 مليونين، ويتكدّس 1,5 مليون من النازحين في مدينة رفح على الحدود المصرية.
وقال مسؤول في حماس إن الحركة تريد أن يشمل اتفاق التهدئة "دخول ما لا يقل عن 400 إلى 500 شاحنة يوميا" تحمل الغذاء والدواء والوقود.
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس إن غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة مساعدات في دير البلح في وسط قطاع غزة الأحد، ما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص.
ونفى الجيش الإسرائيلي ذلك، وقال لوكالة فرانس برس "لم تكن شاحنة مساعدات هي التي قصفت". وقال في بيان إن أحد نشطاء حماس المسؤول عن التجنيد وجمع الأموال كان يتنقل داخل الشاحنة و"تم القضاء عليه في غارة جوية".
وتسبّبت الحرب في غزة بتوترات في جميع أنحاء المنطقة.
على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يتواصل تبادل إطلاق النار والقصف اليومي بين إسرائيل وحزب الله.
وأفاد مسعفون إسرائيليون عن مقتل عامل أجنبي وإصابة أشخاص آخرين بجروح في قصف صاروخي بالقرب من الحدود مع لبنان الاثنين.
في اليمن، يستهدف المتمردون الحوثيون سفنا تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، ما استدعى ردا أميركيا وبريطانيا على مواقع للحوثيين في اليمن، وعرقلة الحركة الملاحية التجارية.
وحذّر مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من اتساع رقعة النزاع إلى البلدان المجاورة، وقال أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف "أنا قلق للغاية من أن أي شرارة من برميل البارود هذا قد تؤدي إلى حريق هائل أوسع. ستكون لذلك تداعيات على كل دولة من دول الشرق الأوسط وأخرى كثيرة خارجه".
في الضفة الغربية المحتلة، قُتل فتى فلسطيني برصاص الجيش الاسرائيلي فجر الإثنين في مدينة رام الله على ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية، فيما فجّر الجيش في مدينة نابلس منزل فلسطيني متهم بقتل سيدة بريطانية إسرائيلية وابنتيها العام الماضي وقُتل بعد ذلك.