عبّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلثاء، في مقر السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، عن "حزنه" وقدم "تعازيه" لمقتل فلسطينيين أبرياء، خلال لقائه الرئيس محمود عباس في ختام جولة ديبلوماسية سعى خلالها لخفض التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال بلينكن "اسمحوا لي أن أبدأ بالإعراب عن تعازينا وحزننا على مقتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء الذين فقدوا أرواحهم في تصعيد العنف خلال العام الماضي".
وأضاف "يعاني الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء من انعدام الأمن المتزايد والخوف المتزايد في منازلهم وفي مجتمعاتهم وفي أماكن عبادتهم".
وتابع "نعتقد أن من المهم اتخاذ خطوات للتخفيف من حدة التصعيد ووقف العنف وتقليل التوترات ومحاولة أيضًا خلق الاسس لمزيد من الإجراءات الإيجابية للمضي قدمًا".
زيارة بلينكن إلى رام الله الثلثاء وإسرائيل التي وصل اليها الاثنين مقرّرة منذ فترة طويلة وقد بدأها الأحد من مصر. وهي تمثل منعطفاً مع تدهور شديد ومفاجئ في الوضع الأمني بين الفلسطينيين والاسرائيليين منذ بضعة أيام.
من جهته قال الرئيس عباس "إن ما يحدث اليوم تتحمل مسؤوليته الحكومة الإسرائيلية... بسبب ممارساتها التي تقوض حل الدولتين وتخالف الاتفاقيات الموقعة، وبسبب عدم بذل الجهود الدولية لتفكيك الاحتلال، وإنهاء منظومة الاستيطان، وعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحصولها على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة".
واضاف عباس أن "ذلك يأتي في الوقت الذي يتم التغاضي فيه، دون رادع أو محاسبة، عن إسرائيل التي تواصل عملياتها أحادية الجانب بما يشمل الاستيطان والضم الفعلي للأراضي وإرهاب المستوطنين واقتحام المناطق الفلسطينية وجرائم القتل وهدم المنازل".
وأكد بلينكن التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين وقال إنه يعارض أي إجراءات أحادية الجانب تحول دون ذلك. وعدد بلينكن ضمن هذه الإجراءات "توسيع المستوطنات أو إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية وأعمال الهدم والطرد وتغير الوضع القائم في الاماكن المقدسة وبالطبع التحريض على العنف أو الموافقة عليه".
وتعد السياسات المثيرة للجدل مثل توسيع المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين على رأس جدول أعمال حكومة نتنياهو الجديدة الإدارة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
- دعم أردني ومصري -
في سياق متصل، استقبل عباس الثلثاء في رام الله رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل ورئيس جهاز المخابرات الأردنية أحمد حسني.
وقالت وكالة الانباء الفلسطينية "وفا" إنهما نقلا "رسائل دعم وتضامن" كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني مع "فلسطين وشعبها الشقيق والحرص على الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأكد عباس على أهمية استمرار التنسيق مع الجانبين المصري والأردني وأعرب عن "شكره للجهود التي تبذلها كل من مصر والأردن للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة".
قتل 35 فلسطينيًا برصاص إسرائيلي منذ مطلع العام الجاري في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين منذ العام 1967، وبينهم مسلحون ومدنيون وأطفال، وفقا لإحصاء لوكالة فرانس برس يستند إلى مصادر الجانبين الرسمية.
والاثنين قال بلينكن في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في القدس الغربية "نحض جميع الأطراف الآن على اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء ونزع فتيل التصعيد".
وقال "نريد أن نتأكد من وجود بيئة يمكننا فيها كما آمل في مرحلة ما، أن نخلق الظروف للبدء باستعادة الشعور بالأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء".
قبل توجهه إلى رام الله، التقى بلينكن وزير الدفاع الاسرائيلي الجديد يوآف غلانت الذي أشاد "بالتعاون الاميركي الاسرائيلي" وشكر الوزير الأميركي على "دعمه الثابت للتفوق العسكري النوعي لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها".
- دعوة إلى خفض التصعيد -
وتزداد مخاوف الدخول في دوامة جديدة مع تصاعد العنف.
وفي أعقاب الهجمات الأخيرة، أعلنت حكومة نتنياهو، إجراءات تهدف إلى معاقبة عائلات منفّذيها.
استعداداً لهدمه، أغلقت القوات الإسرائيلية منزل عائلة الفلسطيني الذي قتل ستة إسرائيليين وامرأة أوكرانية الجمعة أمام كنيس في القدس الشرقية.
في اليوم نفسه، شنّ الجيش الإسرائيلي غارات على غزة رداً على إطلاق فصائل فلسطينية صواريخ في اتجاه إسرائيل من القطاع المحاصر.
الخميس الماضي، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية مكثفة في مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة قتل فيها تسعة فلسطينيين، وهو العدد الأكبر من القتلى في عملية واحدة منذ سنوات طويلة. والأحد توفي فلسطيني متأثراً بجروح أصيب بها الخميس لترتفع بذلك حصيلة قتلى العملية إلى عشرة.
وشهدت القدس الشرقية السبت هجوماً جديداً حين فتح فتى فلسطيني عمره 13 عاماً النار وأصاب رجلاً وابنه بجروح، قبل أن يصاب بدوره على أيدي إسرائيليين مسلحين ويتم توقيفه.
وقتل حرّاس إسرائيليون الأحد فلسطينياً في الضفة الغربية. والإثنين، قتلت القوات الإسرائيلية فلسطينياً في الخليل، وفقاً للسلطات الفلسطينية.
من جهتها قالت حركة حماس إن زيارة بلينكن "تمثل غطاءً لحكومة الاحتلال الفاشية المتطرفة لتمرير سياستها الإجرامية وعدوانها بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته وأسراه. إنها تكرس حالة الشراكة والدعم المتواصل له".
وحذر الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع من" استمرار تصعيد حكومة المستوطنين لعدوانها على الأرض الفلسطينية وشعبها ومقدساتها وتداعيات ذلك على المنطقة".