أبحرت من ميناء لارنكا في قبرص، صباح الثلثاء، أول سفينة تحمل مساعدات عبر الممر البحري بين الجزيرة المتوسطية وقطاع غزة الذي دمرته الحرب بين إسرائيل وحماس، في إطار مساعي تكثيف إيصال المعونة للسكان المحاصرين والمهددين بالمجاعة.
وخلال الليلة الثانية من رمضان، قُتل عشرات الأشخاص في قصف مدفعي وغارات إسرائيلية استهدفت مختلف أنحاء القطاع وفق وزارة الصحة التابعة للحركة الفلسطينية.
ومساء الاثنين، حظيت بعض العائلات النازحة في مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع، بأطباق من الأرز مع قليل من اللحم على موعد الإفطار في أول يوم من رمضان.
ولكن في مدينة غزة بشمال القطاع، قالت وزارة الصحة إن أكثر من ألفي عامل في المجال الصحي لم يتمكنوا من إيجاد ما يفطرون عليه.
وقالت أم محمد مطر وهي تعد الخبز في رفح "رمضان ليس له طعم، إنه بطعم الدم وطعم العذاب الذي نحن فيه والفرقة والهم والقهر".
وفي صباح اليوم الثامن والخمسين بعد المئة للحرب، قالت وزارة الصحة إن "72 شخصًا على الأقل" قتلوا وأن كثيرين ما زالوا تحت الأنقاض.
وأكد مكتب إعلام حماس أن الجيش الإسرائيلي شن "قصفًا مدفعيًا مكثفًا ... وأكثر من 78 غارة جوية، تركزت على مدينة غزة ودير البلح والمغازي والبريج والنصيرات في وسط القطاع وبلدتي بني سهيلة والقرارة وغرب خانيونس ورفح في الجنوب".
وأعلن الجيش الإثنين أنه شن غارة ليل السبت والأحد استهدفت الرجل الثاني في الجناح العسكري لحركة حماس مروان عيسى وسط قطاع غزة، من دون أن يتمكن من تحديد ما إذا كان قد قُتل أم لا.
أ ف ب
- الإعداد لسفينة إغاثة ثانية -
وفيما حل اليوم الثاني من رمضان ومعظم السكان يتضورون جوعًا وعطشًا، حذرت مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة سيندي ماكين من أن "الوقت ينفد" لتجنب المجاعة في شمال قطاع غزة الذي يواجه "كارثة إنسانية" بسبب نقص المساعدات الغذائية الكافية.
في هذه الأثناء، أبحرت من لارنكا صباح الثلثاء سفينة منظمة "أوبن آرمز" (الأذرع المفتوحة) وهي تحمل 200 طن من الأغذية. وقالت المنظمة الخيرية الإسبانية إن المساعدات قدمتها وستتولى توزيعها في غزة منظمة المطبخ المركزي العالمي ("وورلد سنترال كيتشن"). وأكدت أنها تعمل على "إرسال أكبر عدد ممكن من السفن".
وقال وزير خارجية قبرص كونستانتينوس كومبوس إن العمل جار لإعداد سفينة ثانية للمغادرة إلى غزة. وقال كومبوس، متحدثاً من بيروت، "إننا نعمل على ضمان إيصال الشحنة الأولى بأمان ومن ثم توزيعها بأمان. إذا سارت الأمور وفقًا للخطة... رتبنا آلية لإرسال شحنة ثانية أكبر بكثير، وبعد ذلك سنعمل على جعل العملية أكثر انتظامًا مع زيادة حجم" الإعانات.
وقالت وكالات إغاثة وحكومات أجنبية إن إيصال المساعدات إلى غزة عن طريق البر يواجه عقبات متزايدة مع إصرار إسرائيل على عمليات تفتيش تستغرق وقتا طويلا وبسبب القصف المتكرر الذي يعرقل توزيعها.
وألقت إسرائيل باللوم على المنظمات الإنسانية داخل غزة لعدم قدرتها على توزيع المساعدات بكفاءة.
وكررت الأمم المتحدة الثلثاء التحذير من أن إرسال المساعدات بحرًا أو إسقاطها جوًا لا يمكن أن يحل محل تسليمها برًا. وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لايركه "لا يخطئن أحد. هذه المبادرة مرحب بها ولكننا بحاجة إلى ممر بري وتسليمها على نحو آمن ومنتظم".
وقالت هيئة المعابر في غزة إنه تم ادخال 245 شاحنة، 56 عبر معبر رفح مع مصر، و189 عبر معبر كرم ابو سالم التجاري الاسرائيلي.
ولا تلبي هذه الكميات الشحيحة الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية في القطاع حيث تحذّر الأمم المتحدة من أن 2,2 مليوني شخص من سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليونين، مهدّدون بالمجاعة. وقد نزح 1,7 مليون من السكان بسبب الحرب ويتجمع القسم الأكبر منهم في رفح قرب الحدود مع مصر، المهددة باجتياح بري تعد له إسرائيل.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس أن 27 شخصًا توفوا نتيجة "سوء التغذية والجفاف". وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة الاثنين إن "عشرات الأطفال يتوفون أسبوعيا بسبب سوء التغذية والجفاف من دون أن يصلوا المستشفيات".
- التفاوض مستمر ولا اختراق -
في حين يتبادل الطرفان الاتهامات بتعطيل التوصل إلى هدنة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري "لسنا قريبين من التوصل إلى اتفاق، وهذا يعني أننا لا نرى الجانبين يتفقان على لغة يمكن أن تحلّ الخلاف الحالي حول تنفيذ اتفاق".
وأكد الأنصاري "أننا مستمرّون في العمل على المفاوضات للتوصل إلى اتفاق على أمل أن يكون خلال شهر رمضان". لكنه أوضح أنه لا يستطيع "تقديم أي جدول زمني"، مشيرًا إلى أن "الوضع معقد للغاية على الأرض".
قال مصدر في حركة حماس لفرانس برس "نحن ننتظر رد الاحتلال على مطالب الحركة بوقف النار والانسحاب العسكري من القطاع وعودة النازحين الى بيوتهم وتدفق الإغاثة وضمان انهاء الحصار وإعادة الاعمار".
وأضاف "لو وافقت اسرائيل على مطالب حماس سوف يتم التوصل لاتفاق وقف النار بأسرع وقت، لكن (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو يواصل التعطيل".
تعهّدت إسرائيل "القضاء" على حماس بعد هجوم الحركة غير المسبوق في السابع من تشرين الأول على الدولة العبرية الذي أوقع أكثر من 1160 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية.
وخُطف أكثر من 250 شخصاً أثناء الهجوم وتقدّر إسرائيل أن 130 منهم ما زالوا محتجزين في القطاع. ومن بين هؤلاء يعتقد أن 32 توفوا أو قتلوا. وأعلنت إسرائيل الثلثاء أن بينهم جنديًا قتل خلال هجوم حماس ونقلت جثته إلى غزة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الثلثاء أن 31184 شخصا 72% منهم على الأقل من النساء والأطفال، قتلوا في قطاع غزة خلال الحرب المتواصلة منذ أكثر من خمسة أشهر بين إسرائيل والحركة. وارتفع عدد الجرحى إلى 72889.
- غارات في شرق لبنان -
وفيما تتوعد إسرائيل بالقضاء على حماس، أكد المكتب الذي ينسق بين وكالات الاستخبارات الأميركية أن إسرائيل "ستواجه على الأرجح مقاومة مسلحة من حماس لسنوات مقبلة"، مشددا على مخاطر التصعيد في المنطقة الذي يشمل بشكل خاص حزب الله اللبناني.
الى ذلك، أفاد الجيش الإسرائيلي الثلثاء أنه استهدف نحو 4500 هدف لحزب الله خلال الأشهر الخمسة الماضية في لبنان وفي سوريا، وأوقع 300 قتيل بين مقاتلي الحزب و750 إصابة.
وقال في بيان إن الأهداف ضُربت من الجو ومن الأرض، وشملت "منشآت تخزين أسلحة ومنشآت عسكرية مخصصة للأنشطة الهجومية لحزب الله ومراكز قيادة وسيطرة عملياتية"
من جانبه، أعلن حزب الله الثلثاء إطلاق "أكثر من 100 صاروخ" على مواقع إسرائيلية ردا على غارات على بعلبك في شرق لبنان، سقط فيها قتيلان على الأقل.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته شنت غارات على "موقعين للقوات الجوية لحزب الله" في البقاع، "ردا على هجمات جوية شنها حزب الله في الأيام الأخيرة باتجاه الجولان" المحتل.
ومنذ بداية تبادل القصف، قُتل 317 شخصاً على الأقل، معظمهم من مقاتلي حزب الله، إضافة الى 54 مدنياً في لبنان، بحسب حصيلة أعدّتها فرانس برس استنادا الى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية.
وقضى في الجانب الإسرائيلي عشرة جنود وسبعة مدنيين، بحسب الأرقام الرسمية.