النهار

قتلى وجرحى وشقق مدمّرة... إسرائيل تواصل عمليتها في مجمع الشفاء بغزة ومفاوضات في قطر للتوصل إلى هدنة
المصدر: أ ف ب
قتلى وجرحى وشقق مدمّرة... إسرائيل تواصل عمليتها في مجمع الشفاء بغزة ومفاوضات في قطر للتوصل إلى هدنة
فلسطينيون يفرون بعد قصف إسرائيلي على وسط مدينة غزة (18 آذار 2024، أ ف ب).
A+   A-
يواصل الجيش الإسرائيلي، الثلثاء، عمليته واسعة النطاق في مجمع الشفاء بمدينة غزة، في وقت تجري مفاوضات في قطر للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في القطاع المحاصر مع تزايد التحذيرات من مجاعة بات يصعب تجنبها.

من جهتها، أكدت واشنطن مقتل نائب رئيس الجناح العسكري لحركة حماس مروان عيسى وهو أعلى مسؤول يُقتل في القطاع منذ بداية الحرب.

وأعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن "قلق عميق" بشأن هجوم تعد له إسرائيل  على رفح قال إنه سيشكل "خطأ"، إذ يتكدس فيها 1,5 مليون شخص معظمهم نازحون في ظروف مزرية. وتؤكد منظمات عاملة في المجال الإنساني أن إجلاءهم إلى مكان آمن شبه مستحيل.

وعشية جولة إقليمية جديدة لدفع محادثات الهدنة وزيادة المساعدات الإنسانية، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلثاء "يعاني 100% من سكان غزة من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف شعب بأكمله على هذا النحو".

وقالت الأمم المتحدة الثلثاء إن القيود الصارمة جدا التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع واحتمال استخدامها التجويع كسلاح، "يمكن أن تشكل جريمة حرب".

وأكد متحدث باسم الجيش  الإسرائيلي مواصلة العملية التي بدأت فجر الإثنين في أكبر مستشفيات القطاع، حيث أعلن الجيش أنه قتل "أكثر من خمسين" مقاتلا داخل المجمع الذي تطوقه الدبابات وفي محيطه بعد الاشتباك معهم.
 
لكنه قال الثلثاء إنه حريص على تجنب "إلحاق الأذى بالمدنيين والطاقم الطبي والمعدات الطبية". وتحدث عن اعتقال نحو 180 "مشتبهًا بهم". لكن وزارة الصحة التابعة لحماس قالت إن بين المعتقلين "كوادر طبية ومصابين ومرضى".

وأكد الجيش الإثنين قتل فائق المبحوح الذي قال إنه "رئيس العمليات الخاصة في جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس" لكن الحركة أكدت انه مدير عمليات الشرطة، واتهمت اسرائيل باغتياله "لخلق حالة من الفوضى وغياب القانون في شمال القطاع".

وتعرضت أحياء محيطة بالمجمع مثل الرمال والنصر لوابل من القصف من الطائرات الحربية والدبابات والمسيرات، حولت عشرات المنازل ركاما وأرغمت المئات من ساكنيها ممن لم ينزحوا على الفرار، وفق ما أفاد شهود عيان ومراسل لوكالة فرانس برس.

وأحصى الدفاع المدني تدمير "أكثر من 45 شقة سكنية" جراء الغارات وقال إن "عشرات الشهداء والمصابين ما زالوا في المنازل او الطرقات، حيث يطلق الاحتلال النار على من يحاول انقاذ الجرحى". وأكد أن "اشتباكات عنيفة تركزت في حي الرمال ومخيم الشاطئ بغزة".

ودعا الجيش الإثنين سكان الأحياء المحيطة بالمجمع لإخلائها "بشكل فوري" بعد توغل دباباته فيها وصولا إلى المجمع لتطويقه.

وعبرت منظمة الصحة العالمية عن "قلق بالغ" من استهداف المشافي التي تعمل بالحد الأدنى من طاقمها وتعاني نقصا كبيرا في المستلزمات الأساسية.
 
أ ف ب
- عشرات الغارات والقتلى -
ونفذ الجيش وفق مكتب الإعلام الحكومي "عشرات الغارات الجوية الدموية في مناطق قطاع غزة"، في حين دارت اشتباكات عنيفة في الشمال والوسط ولا سيما في خان يونس في الجنوب وفق شهود عيان.

وأعلن الجيش عن مقتل ضابط في جباليا في شمال القطاع ليرتفع عدد قتلاه إلى 251 منذ 27 تشرين الأول.

وقال إنه يخوض معارك وينفذ غارات لا سيما في وسط القطاع، وفي القرارة في خان يونس.

وقالت وزارة الصحة إنها أحصت خلال 24 ساعة حتى صباح الثلثاء "78 شهيدا على الأقل، غالبيتهم من الاطفال والنساء وكبار السن".

وأضافت أنها سجلت "15 شهيدًا بينهم ثلاث سيدات واربعة اطفال، جراء غارات جوية إسرائيلية استهدفت منازل وشقق سكنية في مخيم ومدينة رفح".

وتجمع أهالي الضحايا في مستشفى النجار لتسلم جثث أبنائهم الذين قتلوا في هذه الغارات. وقال ابراهيم جرغون وهو يغالب دموعه "العرب والمسلمون في هذا الشهر الفضيل يستفيقون على السحور فيما نحن نتسحر دماء وأشلاء. حسبي الله ونعم الوكيل".

اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل 31819 شخصًا وإصابة 73676 بجروح، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة.

وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، من بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في هجوم حماس. وسمحت هدنة استمرت أسبوعاً في تشرين الثاني بإطلاق سراح 105 رهائن في مقابل 240 معتقلاً فلسطينياً لدى إسرائيل.

- "مباحثات إيجابية" -
تتواصل في الدوحة محادثات للتوصل إلى هدنة عبر الولايات المتحدة وقطر ومصر. وغادر رئيس الاستخبارات الإسرائيلية ديفيد برنيع قطر الثلثاء لكن المفاوضات مستمرة، وفق المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري.

وذكر موقع "أكسيوس" الأميركي إن المباحثات كانت "إيجابية" وأن المفاوضين الإسرائيليين سيواصلون البحث في "التفاصيل" مع الوسطاء.

وقال مسؤول في حماس لفرانس برس مساء الإثنين "قدمت الحركة رؤيتها للوسطاء في مصر وقطر ونحن بانتظار رد العدو على ما قدمته الحركة في لقاءات الدوحة مع الوسطاء ...  حتى الآن لا يوجد أي تقدم ولا يوجد اي اختراق".

وأضاف أن "الكرة (الآن) في ملعب (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو لنرى هل سيماطل ويعطل التوصل لاتفاق كما في كل جولة، ام انه سيغير باتجاه التوصل لاتفاق".

قدّمت حماس الأسبوع الماضي مقترحا للتهدئة في قطاع غزة يقوم على مرحلتين على أن يتم في البدء الاتفاق على هدنة لستة أسابيع والإفراج عن 42 رهينة إسرائيليين بينهم للمرة الأولى مجندات.

وفي أول اتصال هاتفي منذ نحو شهر الإثنين، قال نتنياهو إنه أكد للرئيس الأميركي جو بادين تصميمه على "تحقيق جميع أهداف الحرب" بما في ذلك "القضاء على حماس". وهو رغم الضغوط الدولية يعد لهجوم بري في رفح عند الحدود المغلقة مع مصر.

- "مجاعة وشيكة" -
وفيما صار معظم سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليوني نسمة، نازحين يحتمون في خيام بالية لا تقيهم البرد ولا المطر ولا الجوع، حذر تقرير أعدته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة من أنه من دون زيادة المساعدات وتنظيم توزيعها، ستضرب المجاعة 300 ألف شخص في شمال غزة بحلول أيار، لا محالة.

في جباليا، في شمال القطاع، قالت أم نائل الكحلوت التي جلست تقرأ القرآن فوق ركام منزلها الذي عادت إليه بعد رحيل الجنود، "فوجئنا وصُعقنا عندما وجدنا البيت كله مهدمًا، الطوابق الخمسة كلها. نصبنا خيمة وقعدنا فوق الردم. لا أحد يستطيع ترك ذكرياته وبيته. تعبنا فيه، ثلاثون سنة ونحن نبني فيه".

وأضافت "لا يوجد مأوى. كل البيوت مدمرة ولا يوجد مساعدات. لم تصلنا أي مساعدات نأخذ من حشائش الأرض ونحضر الشوربة".

أحكمت إسرائيل منذ هجوم حماس حصارا تفرضه منذ 2007 على قطاع غزة مع سيطرة الحركة الفلسطينية على السلطة فيه. وهي تشرف على دخول المساعدة الإنسانية إليه.

بعد مرور أكثر من خمسة أشهر، لا تتوقف هيئات الإغاثة والأمم المتحدة عن تكرار تحذيراتها من خطر المجاعة في قطاع وصفه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأنه "مقبرة مفتوحة". وكرّر اتهام إسرائيل باستخدام المجاعة "سلاح حرب".

وقالت هبة الطيبي، مديرة منظمة "كير" غير الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إن "الطاقم الطبي أطفالاً يقل وزنهم يومًا بعد يوم، أطفال بالكاد قاردون على الكلام والمشي بسبب الجوع".

وفي جنيف، قال الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان جيريمي لورنس الثلثاء إن "نطاق القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى غزة فضلا عن الطريقة التي تستمر بها بشن العمليات القتالية، قد ترقى إلى استخدام التجويع كسلاح حرب، الأمر الذي يشكل جريمة حرب".

ولكن إسرائيل تؤكد أنها تسمح بدخول كميات كبيرة من المساعدات. وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية (كوغات) الثلثاء إنها سمحت بدخول 200 ألف طن من الأغذية منذ اندلاع الحرب.

وقالت منظمة المطبخ المركزي العالمي الخيرية إنها تمكنت من توزيع نحو 200 طن من المساعدات وصلت عبر البحر صمن قافلة لبرنامج الأغذية العالمي في شمال غزة، منوهة إلى عدم تحديد موعد مغادرة السفينة الثانية من لارنكا التي تأخرت بسبب سوء الأحوال الجوية.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium