النهار

فيتو مزدوج على مشروع أميركي حول غزة... قصف وقتلى ومفقودون ونتنياهو يؤكّد شنّ الهجوم على رفح من دون تأييد واشنطن
المصدر: أ ف ب
فيتو مزدوج على مشروع أميركي حول غزة... قصف وقتلى ومفقودون ونتنياهو يؤكّد شنّ الهجوم على رفح من دون تأييد واشنطن
شاب فلسطيني يتفقد الأضرار داخل منزل أصيب بقصف إسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (22 آذار 2024، أ ف ب).
A+   A-
استخدمت روسيا والصين الجمعة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار أميركي يؤيد الدعوة لوقف إطلاق نار بين حماس وإسرائيل التي قالت إنها لا تحتاج إلى تأييد واشنطن لشن هجوم بري على رفح، فيما تتفاقم معاناة أهالي غزة جراء أهوال الحرب المستمرة.

أحبط مشروع القرار برفض موسكو وبكين اللتين انضمت إليهما الجزائر، فيما أيدته 11 دولة. واتهمت موسكو واشنطن ب"النفاق"، كونها لا تبذل أي جهد لكبح جماح إسرائيل، وسخرت من حديثها عن وقف لإطلاق النار بعدما "مُحيت غزة فعليا من على وجه الأرض".

سبق أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشاريع قرار عدة تدعو لوقف إطلاق النار، قائلة إن ذلك سيصب في مصلحة حماس.

بدورها، أحبطت إسرائيل مساعي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي فشل في إقناع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالامتناع عن شن هجوم بري واسع على مدينة رفح المكتظة بالسكان، خشية سقوط أعداد كبيرة من الضحايا.

وقال نتنياهو بعد لقائه بلينكن الذي يقوم بجولته الإقليمية السادسة منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر، "لا سبيل أمامنا لهزيمة حماس بدون الدخول إلى رفح والقضاء على كتائبها المتبقية هناك"، مضيفا "أخبرته أنني آمل أن أفعل ذلك بدعم من الولايات المتحدة، لكن إذا لزم الأمر، فسنفعل ذلك بمفردنا".

وقال بلينكن الخميس إن "من الخطأ" تنفيذ عملية اسرائيلية في رفح و"هناك طريقة أفضل للتعامل مع التهديد المستمر الذي تمثله حماس".

وتضغط الولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأوروبي على إسرائيل منذ أسابيع للامتناع عن اجتياح المدينة التي ارتفع عدد سكانها إلى مليون ونصف مليون شخص، وفق الأمم المتحدة، مع تدفق النازحين إليها من المناطق المدمرة في الشمال والوسط، خشية وقوع كارثة إنسانية.

وكررت واشنطن كذلك، وهي أبرز داعم لإسرائيل سياسيا وعسكريا منذ اندلاع الحرب، توجيه انتقادات لها بسبب القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية والحصيلة البشرية الباهظة للضحايا المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر. ولم يتناول نتنياهو في تصريحه مسألة المساعدات.

ميدانيًا، يستمر القصف والغارات والمعارك التي توقع يوميًا عشرات القتلى ومئات الجرحى وفق منظمة الصحة التابعة لحماس. ولم تعط الوزارة أرقامًا  محددة الجمعة لكنها قالت إن المستشفيات استقبلت خلال 24 ساعة وحتى صباح الجمعة "عشرات الشهداء غالبيتهم من الاطفال والنساء وكبار السن... وما زال العشرات مفقودين".

وأكدت سقوط "8 شهداء جراء قصف طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة أبو ثابت في حي النصر في رفح". وتحدث الاعلام الحكومي عن "عشرات الغارات الدموية في مخيمي النصيرات ودير البلح ورفح وخان يونس حيث نسفت عشرات المنازل بالمتفجرات في بلدة بني سهيلة" بشكل خاص.

وأعلن الجيش من جانبه عن قصف مناطق عدة، مشيرًا بشكل خاص إلى ضرب وسط غزة والقرارة شمال خان يونس، وأكد مواصلة عملياته الميدانية، ولا سيما في مجمع الشفاء الطبي والأحياء المحيطة به في مدينة غزة، حيث أعلن قتل "أكثر من 150" مقاتلا فلسطينيا واعتقال 350 آخرين في العملية التي بدأها الإثنين.
 
أ ف ب
- "أكثر من نار جهنّم" -
لليوم الخامس، ما زالت المنطقة التي اقتحمها الجيش الإسرائيلي بالدبابات والمدرعات ترزح تحت وابل النيران والقصف والغارات التي دمرت مئات المنازل وأجبرت مئات العائلات على الفرار، وفق شهود عيان. وأظهرت صور ملتقطة في المنطقة سكانًا يفرون سيرًا بأعداد كبيرة وفي مجموعات باتجاه مدينة غزة ومن ثم عبر طريق الرشيد الساحلي باتجاه الجنوب.

ولا تُعرف بعد حصيلة ضحايا هذه العملية. لكن الفارين يتحدثون عن "جثث منشرة على الطرق". وقالت وزارة الصحة الجمعة إنها أحصت "11 شهيدا باستهداف منزل في محيط مستشفى الشفاء".

وتحدث شهود عيان عن "قصف مدفعي عشوائي باتجاه المنازل في محيط المستشفى وحي الرمال ومخيم الشاطئ" وعن "اشتباكات عنيفة بين مقاتلين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية تركزت في محيط المستشفى بحي الرمال ودوار الميناء غرب مدينة".

وتحدث محمد (59 عاما) وهو من سكان مخيم الشاطئ القريب من المجمع الطبي الأكبر في غزة، في اتصال مع فرانس برس عن "إطلاق نار وقصف مدفعي طوال الليل. الجيش فجّر خمسة بيوت قرب مستشفى الشفاء". وأضاف "شاهدت في شارع الشفاء جثثًا كثيرة والدبابات تقف في الشوارع المؤدية للمستشفى. شاهدت النيران تشتعل في منزل بجانب الشفاء".

وأضاف "منطقة الرمال والشاطئ مثل مدينة أشباح. الجيش يقتحم الأحياء بيتًا بيتًا ويعتقل كل الذكور. كل الناس خائفون من الاعدامات والحبس... حوّلوا غزة الى أكثر من نار جهنم".

وقال محمود أبو عمرة (50 عاما) من سكان حي الرمال إن "قوات الاحتلال اقتحمت فجر اليوم (الجمعة) جميع المنازل والعمارات السكنية في محيط منطقة الكتيبة ودوار الامم المتحدة غرب غزة".

وأضاف "أخرجوا جميع السكان من المنازل وأجبروا كل الشباب الذكور فوق سن 16 عاما على خلع ملابسهم بالكامل إلا الملابس الداخلية السفلية، وقاموا بتقييدهم وضربهم بأعقاب البنادق وشتمهم بشتائم نابية. ثم أخذوهم إلى مدرسة بجانب مستشفى الشفاء للاستجواب".

وإلى الدمار شبه الشامل وانقطاع الماء والكهرباء والوقود، يعاني سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليوني نسمة، من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهي أول مرة يُصنف فيها شعب على هذا النحو، وفق وكالات متخصصة.

وقالت لجنة حقوق الطفل الأممية إن"الأطفال يموتون جوعا. إنهم محرومون من الطعام" وجددت النداء لوقف النار.

أحكمت إسرائيل بعيد اندلاع الحرب حصارها على قطاع غزة. وتتحكم إسرائيل في كل ما يدخل إليه ويخرج منه من أشخاص ومساعدات وبضائع.

سعيًا لزيادة المساعدات وتخفيف معاناة السكان، تنفذ دول عدة عمليات إنزال جوي يومية لرزم أغذية، وتم تدشين ممر بحري من قبرص التي قالت الخميس إنها تعمل على إرسال "أكبر عدد ممكن من السفن".

لكن وكالات الإغاثة تؤكد أن طرق الإمداد هذه لا يمكن أن تحل محل الطرق البرية.

وتؤكد الأمم المتحدة أن القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل تعوق دخول المساعدات برا عبر معبر رفح الحدودي، وأن ما يدخل لا يلبي الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع.
 
أ ف ب
- تقارب -
في هذه الأثناء لم  تصدر تصريحات حول المفاوضات التي يقودها الوسطاء، أي الولايات المتحدة وقطر ومصر، بين إسرائيل وحماس في الدوحة من أجل التوصل الى هدنة تتيح الإفراج عن رهائن وإدخال مزيد من المساعدات الى غزة.

لكن بلينكن تحدث في القاهرة الخميس عن "تقارب".

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية عودة رئيس الموساد ديفيد برنيع الجمعة إلى الدوحة حيث يلتقي مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه" وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ومدير المخابرات المصرية عباس كامل.

وبعد المطالبة بوقف نهائي لإطلاق النار، اتخذت حماس موقفا أكثر مرونة الأسبوع الماضي مقترحة وقف القتال لستة أسابيع. لكن يبدو أن خلافات لا تزال قائمة حول تبادل رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة مقابل سجناء فلسطينيين في إسرائيل.

وتطالب إسرائيل حماس بلائحة بأسماء الرهائن الأحياء قبل أي اتفاق، في حين تريد الحركة الإسلامية اختيار الاسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، حسب تقارير إعلامية إسرائيلية.

اندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول عقب هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في هجوم حماس.

وتوعدت بالقضاء على حماس ونفّذت حملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل نحو 32 ألف شخص وخلف 74188 جريحًا غالبيتهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium