دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلثاء، إلى وقف عمليات إسقاط المساعدات جوا بعد أن قضى 18 شخصاً في يوم واحد أثناء محاولتهم انتشال أو التقاط طرود مساعدات في قطاع غزة المحاصر الذي دفعته الحرب المدمرة إلى حافة المجاعة.
ودلالة على الوضع الإنساني الكارثي حيث يواجه معظم السكان البالغ عددهم 2,4 مليوني نسمة خطر المجاعة وفقا للأمم المتحدة، أعلنت حماس الثلثاء أن 12 فلسطينيا قضوا غرقوا أثناء محاولتهم انتشال مساعدات ألقتها طائرة وسقطت في البحر. كذلك قتل ستة آخرون من جراء التدافع لدى محاولة جمع رزم ألقيت بالمظلات في أماكن أخرى.
وفي الوقت الذي أسقطت فيه طائرات أردنية وأميركية بشكل خاص مساعدات غذائية على شمال غزة، قال المكتب الإعلامي لحماس في بيان "ندعو إلى وقف عمليات إنزال المساعدات بهذه الطريقة المسيئة والخاطئة وغير اللائقة وغير المُجدية، ونطالب بفتح المعابر البرية بشكل فوري وسريع من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى شعبنا الفلسطيني الذي يعاني من الجوع ومن النقص الحاد في الغذاء للشهر السادس على التوالي".
وليست المرة الأولى التي يقتل فيها فلسطينيون أثناء جمع المساعدات منذ أن بدأت مطلع شباط دول عدة، ولا سيما الأردن ومصر وفرنسا والولايات المتحدة والمانيا، بإسقاط رزم المساعدات بالمظلات.
وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة جيمس إلدر، عبر رابط فيديو من غزة، إنه يجب إرسال مزيد من المساعدات إلى غزة عن طريق البر، وليس الجو أو البحر، لتجنب "المجاعة الوشيكة".
وأوضح أنه عادة ما يتم إسقاط المساعدات الغذائية جوا فقط في الأزمات التي "ينعزل فيها الناس على بعد مئات الكيلومترات"، مضيفا أن في غزة "المساعدات المنقذة للحياة التي يحتاجونها موجودة على بعد كيلومترات منهم. نحن بحاجة إلى استخدام شبكات الطرق البرية".
والوضع مأسوي بشكل خاص في شمال قطاع غزة الخاضع لحصار مطبق بعد نحو عقدين من الحصار الإسرائيلي الشامل. وتقول وكالات الإغاثة إن شاحنات المساعدات المحدودة التي تسمح إسرائيل بدخولها لا تلبي على الإطلاق الاحتياجات الهائلة لنحو 2,4 مليوني نسمة معظمهم نازحون مهددون بالمجاعة.
كان يدخل قطاع غزة قبل الحرب وفقا للأمم المتحدة ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميا، في حين ان العدد اليوم يتراوح بين 100 و150 شاحنة.
أ ف ب
- تحولوا أشلاء -
شن الجيش الإسرائيلي غارات جديدة على قطاع غزة موقعاً خلال الساعات الماضية عشرات القتلى غداة صدور أول قرار عن مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في القطاع الذي حولته الحرب إلى ركام ودفعت سكانه إلى حافة المجاعة.
فجر الثلثاء، أفاد شهود عيان وكالة فرانس برس بأنّ غارات جوية عدّة استهدفت أماكن قريبة من رفح الواقعة في الجنوب على الحدود المغلقة مع مصر والتي تضاعف عدد سكّانها خمس مرات منذ اندلعت الحرب. ورفح مهدّدة بعملية برية واسعة النطاق تعدّ لها إسرائيل ويخشى المجتمع الدولي من مخاطرها على 1,5 مليون شخص مكدّسين فيها.
وأفاد شهود عيان بأنّ اشتباكات عنيفة دارت في حي الرمال ومخيم الشاطئ وتل الهوى بمدينة غزة ووسط خان يونس وغربها.
وبحسب مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس فقد شنّت إسرائيل ليلاً عشرات الغارات الجوية في مدينة غزة ورفح ودير البلح وخان يونس والمغازي وبيت لاهيا، ترافقت مع قصف مدفعي مكثف.
ووصل وفق وزارة الصحة التابعة لحماس "إلى المستشفيات 81 شهيدا و93 إصابة" خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية وحتى صباح الثلثاء. وبين القتلى "13 شهيدا من بينهم أطفال وعشرات الجرحى و8 لايزالوا مفقودين إثر قصف الطيران فجراً منزل عائلة أبو نقيرة بمنطقة مصبح شمال رفح و3 شهداء في غارة استهدفت منزلا في الحي السعودي في غرب رفح".
وقال حسام قزعات، وسط الركام "سمعنا انفجارا ضخما. الركام سقط علينا. كانت هناك أشلاء جثث بين الأشجار. هناك 22 أو 23 شهيدا، كلهم نازحون من مدينة غزة".
اندلعت الحرب إثر هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول وأوقع وفق الأرقام الإسرائيلية 1160 قتيلًا معظمهم مدنيون. كما خُطف حينها نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 33 منهم لقوا مصرعهم.
وردّاً على هذا الهجوم غير المسبوق، تعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس التي تعتبرها -- على غرار ما تفعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي -- منظمة إرهابية، وشنّت ضدّها عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الإثنين ارتفاع حصيلة الحرب في القطاع إلى 32414 قتيلًا و74787 جريحًا معظمهم من الأطفال والنساء.
وفجر الثلثاء دوّت صافرات الإنذار من إطلاق صواريخ في بلدات إسرائيلية قريبة من قطاع غزة، وكذلك أيضاً في شمال الدولة العبرية، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
أ ف ب
- بالقوة -
تبنى مجلس الأمن الدولي لأول مرة الإثنين قرارا يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان" الذي بدأ قبل أسبوعين، على أنّ "يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم"، وإلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، بعد أن امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.
وقال النازح من خان يونس بلال عواد (63 عاماً) "يجب أن تلتزم إسرائيل بالقوة (بوقف إطلاق النار). يكفي... الحرب مضى عليها ستة أشهر وإسرائيل تقتل الأبرياء، أطفالاً ونساءً، بدون إنذار وهذا أمام (أنظار) أميركا".
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بصدور القرار، وكتب على منصة إكس "ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل سيكون أمراً لا يغتفر".
لكن إسرائيل غضبت وألغت زيارة وفد لواشنطن احتجاجاً بعد أن قالت إن الموقف الأميركي يعد "تراجعاً" ويلحق "الضرر" بعمليتها الحربية وجهودها لإطلاق سراح الرهائن.
وقال وزير دفاعها يوآف غالانت في واشنطن "لا يحقّ لنا من الناحية الأخلاقية وقف الحرب طالما أنّ هناك رهائن في غزة"، مشدداً على أنّ "نتيجة هذه الحرب ستحدّد شكل المنطقة لسنوات مقبلة"، مؤكّداً أنّه من أجل ضمان أمن إسرائيل لا بد من "هزيمة" حماس.
من جهتها، رحّبت حماس بقرار مجلس الأمن واتّهمت إسرائيل بـ"إفشال" الجهود الرامية للتوصّل إلى اتّفاق يرسي هدنة موقتة ويتيح إطلاق سراح رهائن إسرائيليين وأسرى فلسطينيين.
ولكن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لام حماس، واتهمها "بتكرار مطالبها المتطرفة"، بما في ذلك "الوقف الفوري للحرب" و"الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة".
ووصل رئيس المكتب السياسي للحركة اسماعيل هنية الثلثاء إلى إيران، وهي حليف رئيسي لها وعدو لدود لإسرائيل.
- إغلاق مستشفيات -
وفي حين أن أقل من ثلث المستشفيات في قطاع غزة يعمل وبشكل جزئي فقط، مع نقص الطواقم والمعدات والأدوية، وفقًا للأمم المتحدة، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات حول ثلاثة مستشفيات وبداخلها حيث يقول إن عناصر من حماس يختبئون. لكن الحركة تنفي ذلك.
وفي مدينة غزة، يحاصر الجيش الإسرائيلي مجمع مستشفى الشفاء الطبي، أكبر مستشفات غزة، بالدبابات منذ فجر 18 آذار. ويواصل الجيش عمليته المركزة في المجمع الذي طوقته دباباته وفي الأحياء المجاورة وصولا إلى مخيم الشاطئ، حيث أعلن عن قتل أكثر من 170 مقاتلاً فلسطينياً واعتقال المئات.
وفي خان يونس، يحاصر الجنود مستشفى ناصر وهو أكبر مستشفيات الجنوب، بينما تطوق آليات الجيش مستشفى الأمل الذي طلب إخلاء مرضاه وطاقمه وأغلقه، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني.