النهار

"راحوا وما رجعوا"... غزّيون ابتلعهم البحر أثناء محاولتهم الحصول على الطعام
المصدر: "أ ف ب"
"راحوا وما رجعوا"... غزّيون ابتلعهم البحر أثناء محاولتهم الحصول على الطعام
صورة وزعتها وزارة الدفاع البريطانية في 25 آذار 2024، وتظهر اسقاط مساعدات إنسانية جواً فوق غزة (أ ف ب).
A+   A-
عندما سقطت بعض المظلّات في البحر بالقرب من الشاطئ شمال غرب مدينة غزة، "دخل شباب وأولاد في البحر حتى يحصلوا على الأكل من المظلات والصناديق التي فيها. ماتوا. هم لا يعرفون السباحة. راحوا وما رجعوا".

بهذه الكلمات روى عدي نصار البالغ 27 عاماً وهو من سكان جباليا، شمال مدينة غزة، اليوم لفرانس برس ما حدث لاثنَي عشر شاباً وفتى خاضوا غمار البحر الاثنين لانتشال بعض علب الطعام التي تلقيها الطائرات العسكرية فوق شمال قطاع غزة المهدد بالمجاعة، فكانت تلك رحلتهم الأخيرة.

اليوم الثلثاء، أكد مكتب الإعلام الحكومي التابع لحركة حماس أن 12 شخصاً "استشهدوا غرقاً قبالة محافظة شمال قطاع غزة حيث دخل (الإثنين) عشرات المواطنين الجائعين إلى البحر للحصول على مساعدات ألقتها الطائرات داخل البحر" من طريق الخطأ.

وأضاف أنّ ستة آخرين قتلوا "نتيجة التدافع في أكثر من مكان حين كانوا يحاولون الحصول على مساعدات ألقتها الطائرات بشكل خاطئ أيضاً في ظل المجاعة المستمرة" في شمال القطاع الذي يقدر أن 300 ألف شخص ما زالوا فيه وسط الركام بلا ماء ولا طعام.

وأصيب ستة أشخاص آخرين بجروح، وفق المصدر نفسه.

وقال شهود عيان إنّ البحر كان هائجاً، وإنّ الشباب الذين دخلوا الماء لم يتمكّنوا من مقاومة التيار. من جانبه، أشار المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان إلى أن عددا منهم قضوا "بعدما علقوا في حبال مظلات طرود المساعدات التي ألقتها الطائرات وسقطت في البحر".

وليست المرة الأولى التي يُقتل فيها فلسطينيون أثناء جمع المساعدات منذ أن بدأت مطلع شباط دول عدة ولا سيما الأردن ومصر وفرنسا والولايات المتحدة والمانيا، بإسقاط رزم المساعدات، أملاً في التخفيف من معاناة سكان الشمال.

لكنّ "حماس" دعت إلى "وقف عمليات إنزال المساعدات بهذه الطريقة المسيئة والخاطئة وغير اللائقة وغير المُجدية".
 


"القوي يأكل الضعيف"

وقال عدي نصار/ الذي كان يعمل سائق أجرة قبل الحرب التي اندلعت في 7 تشرين الأول، فيما كان ينتظر مع مئات آخرين عند شاطئ السودانية: "نسمع صوت الطائرة وننتظر أن تلقي المساعدات بالمظلات. أحياناً نشاهد الناس ينظرون الى السماء فنعرف أن الطائرة جاءت".

وأضاف: "عندما ترمي المظلات، ينزل بعضها قريباً منا وأخرى بعيداً، فنجري نحوها علنا نحصل على أي شيء. عندما نصل للصندوق يكون قد تجمع عدد كبير جدًا من الناس حوله، فتحصل مشاكل وضرب وإصابات. يتدافع الناس ومنهم من يقع على الأرض".

وقال بحزن: "القوي يأكل الضعيف.... ينتزع منه العلبة، وأحياناً يُخرج أحدهم سكيناً، وقد يحصل إطلاق نار، ويصاب الناس".

وأضاف أنّ "هذه الطريقة مُذِلة لنا ولا تحفظ كرامتنا. نحن نواجه الموت حتى نحصل على المساعدات، عدا عن المشاكل والضرب والخبط".

وقال: "نريد طريقة محترمة تصل فيها المساعدات لكل دار، فلا ندفع حياتنا ثمنًا بهذه السهولة"، داعياً إلى فتح كل المعابر في غزة "لتوصل الشاحنات المساعدات بشكل كبير للناس، حتى لا يموتوا من الجوع".
 


ليس بعيداً منه، وقف أحمد الريفي وهو من سكان مدينة غزة ويبلغ 32 عاما ينظر الى السماء.
وقال الميكانيكي الذي دمّرت جرافات الجيش ورشته عندما اجتاحت دباباته أحياء الدرج والشجاعية والرمال قبل شهر ونصف شهر: "والله، الأكل نحصل عليه بصعوبة ونرى الموت على طريق صلاح الدين عند دوار الكويت (حيث تصل شاحنات المساعدات القليلة) أو لدى انتظار ما تلقيه الطائرات... كله موت وخطر".

وأضاف أنّ "الناس لم تعد تحتمل بعضها، الكل يقاتل ويضرب للحصول على طحين أو معلبات ومياه وعدس وفول وحمص وطحينة".

وتابع: "الكل جائع، لذلك يموت الناس للحصول على طرد غذائي. لا أحد يأتي بمساعدات للناس. كل واحد يجري وراء المساعدات لنفسه، وتحصل عمليات إطلاق نار وقتل وإصابات. هناك أشخاص قتلوا".

وعدا عن مخاطر الموت دهساً أو غرقاً أو بالرصاص من أجل لقمة العيش، لا ينتهي الخطر عند الظفر ببعض الطعام. وقال رافي: "هناك لصوص يعتدون على الناس في الطرق ويسرقون الطحين والمعلبات والطرود".

وأضاف: "نريد حلّاً. حرام ما يحدث لنا. لا طائرات ولا شاحنات المساعدات توصل ما نحتاج اليه. نريد أن تأتي وكالة الأونروا وتوزع بصورة محترمة لكل أسرة في غزة" ما تحتاج إليه.

لكنّ إسرائيل قررت منع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين من العمل في شمال غزة، وقالت إنّها ستتعاون مع وكالات أممية أخرى.

وتطالب وكالات الإغاثة بفتح المعابر البرية التي تسيطر عليها إسرائيل وإدخال ما يكفي من المساعدات واتخاذ "إجراءات عاجلة" لدرء المجاعة التي ستقع خلال أسابيع في القطاع الذي يعاني سكانه وعددهم 2,4 مليون شخص من سوء التغدية الحاد وسط دمار شامل.

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium