قُتِل خمسة أشخاص، صباح اليوم، خلال عملية توزيع مواد غذائية تخلّلتها فوضى كبيرة في قطاع غزة المحاصر والمُهدَّد بالمجاعة فيما تتواصل عمليات القصف الإسرائيلية والمواجهات بين الجيش وحركة "حماس".
وبعد قرابة ستة أشهر من بدء الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر، يواصل الجيش الإسرائيلي قصف قطاع غزة ما أسفر عن مقتل 82 شخصاً على الأقل خلال الـ24 ساعة الماضية وفق ما أفادت وزارة الصحة في غزة.
وفي حين بدا أنّ المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" وإسرائيل للتوصّل إلى هدنة وصلت إلى طريق مسدود، أفاد مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد لقائه رئيسَي الاستخبارات الإسرائيلية الموساد والشين بيت، بأنّه "وافق على جولة من المفاوضات في الأيام المقبلة في الدوحة والقاهرة... للمضي قُدماً".
وعُقدت في الأشهر الأخيرة مفاوضات عدّة عبر الوسطاء الدوليين مصر وقطر والولايات المتحدة، ولكن من دون نتيجة، فيما تبادل الطرفان الاتهامات بعرقلتها.
ومنذ بداية الحرب، تمّ التوصّل إلى هدنة واحدة لمدّة أسبوع في نهاية تشرين الثاني سمحت بالإفراج عن حوالي مئة رهينة خطفوا خلال هجوم 7 تشرين الأول، مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل.
ورغم قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بوقف إطلاق النار، فإنّ حدّة القتال لم تتراجع.
واليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف عشرات الأهداف في وسط قطاع غزة. وأكد المكتب الإعلامي لحركة "حماس"، من جهته، أنّ بعض الضربات استهدفت "مساكن"، مفيداً بتعرّض مدينة غزة وجنوب القطاع المكتظ بالسكان والخاضع لحصار مطبق، لقصف مدفعي.
"ليس لدينا ما يكفي من الطعام"
وفي مؤشّر على الوضع الإنساني اليائس، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة العشرات جرّاء إطلاق نار وتدافع أثناء توزيع مساعدات فجر السبت في قطاع غزة المُهدَّد بمجاعة وشيكة.
وأظهرت مقاطع مصورة لوكالة "فرانس برس" قافلة من الشاحنات تتحرّك بسرعة أمام نفايات تحترق قرب نقطة توزيع في الظلام قبيل الفجر فيما سمع صراخ الناس ودوي إطلاق نار كان بعضه طلقات تحذيرية، وفق شهود عيان.
ووقع الحادث بحسب الهلال الأحمر بعدما تجمع آلاف الأشخاص بانتظار وصول حوالي 15 شاحنة من الطحين والمواد الغذائية الأخرى، والتي كان من المفترض تسليمها عند دوار الكويت بمدينة غزة في شمال القطاع.
وأفاد شهود عيان وكالة "فرانس برس" بأنّ أهالي غزة الذين كانوا يشرفون على توزيع المساعدات أطلقوا النار في الهواء، لكن القوات الإسرائيلية في المنطقة أطلقت النار أيضاً فيما صدمت بعض الشاحنات أفرادا كانوا يحاولون الحصول على مواد غذائية.
وقالت أماني (44 عاماً)، وهي أم لسبعة لجأت إلى مخيم الشاطئ لوكالة "فرانس برس"، الجمعة: "ليس لدينا ما يكفي من الطعام والماء".
ووفق الأمم المتحدة، يواجه سكّان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون شخص خطر المجاعة فيما تدخل المساعدات الإنسانية التي تخضع لرقابة من الجانب الإسرائيلي، بكميات قليلة إلى الأراضي الفلسطينية التي تديرها حماس منذ العام 2007.
والخميس، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بـ"ضمان توفير مساعدة إنسانية عاجلة" لقطاع غزة من دون تأخير، مؤكدةً أنّ "المجاعة وقعت".
وقال المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) فيليب لازاريني، إنّ على إسرائيل "السماح للأونروا بتوصيل القوافل الغذائية إلى شمال قطاع غزة... يومياً وفتح نقاط عبور برية أخرى".
ورفضت إسرائيل هذه الاتهامات، مؤكّدة أنها "لا تهتم بتوزيع المواد الغذائية في غزة"، مع اتهامها وكالات تابعة للأمم المتحدة بعدم القدرة على إدارة كمية المساعدات التي تصل إلى هناك يوميّاً.
كما استكمل الجيش الإسرائيلي، الذي يتّهم مقاتلي "حماس" بالاختباء في المستشفيات، "عملياته" لليوم الثالث عشر على التوالي داخل مستشفى الشفاء، أكبر مجمع استشفائي في مدينة غزة، وفي محيطه.
من جهتها، تقول "حماس" إنّ القوات الإسرائيلية موجودة أيضا في مستشفيَي ناصر والأمل الواقعين في مدينة خان يونس (جنوب).
والخميس، أعاد نتنياهو تأكيد عزمه على شن هجوم بري على رفح رغم الضغوط الدولية خصوصا من الولايات المتحدة لعدم تنفيذ عملية واسعة النطاق.
وقال لعائلات جنود رهائن في قطاع غزة: "نمسك بشمال قطاع غزة فضلاً عن خان يونس (جنوب) لقد قسمنا قطاع غزة إلى شطرين ونستعد لدخول رفح".
ومن المقرّر أن تناقش الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل، هذه القضية مع وفد أرسله نتنياهو.