توعّدت إيران، الثلثاء، بـ"معاقبة" إسرائيل على الهجوم الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق الإثنين، والذي أسفر عن مقتل 13 شخصاً بينهم سبعة من الحرس الثوري، في عملية غير مسبوقة تزيد التوترات في الشرق الأوسط في خضم الحرب في غزة.
وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي في بيان "سيعاقب رجالنا الشجعان النظام الصهيوني، سنجعله يندم على هذه الجريمة وغيرها".
كذلك، تعهّد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالرد على هذا الهجوم، مؤكداً أنّ "هذه الجريمة البشعة لن تمرّ من دون رد".
ولم يقدّم رئيسي أيّ تفاصيل بشأن طبيعة هذا الرد، ولكن بياناً صادراً عن المجلس الأعلى للأمن القومي أفاد بعد اجتماع طارئ عُقد مساء الإثنين بحضوره بأنّه تمّ اتخاذ "القرارات اللازمة".
وحمّلت إيران "النظام الصهيوني" المسؤولية عن الهجوم، غير أنّ إسرائيل لم تتطرّق إلى هذه التطورات على المستوى الرسمي، كما أنّها لم تعلن أي مسؤولية عنها.
من جهتها، أكدت الولايات المتحدة لإيران أنّ "لا علاقة لها" في القصف الذي دمّر المبنى الذي يضمّ القنصلية ومقرّ إقامة السفير الإيراني في سوريا، حسبما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أميركي.
ويأتي ذلك فيما نقلت وكالة "تاس" الروسية الرسمية عن مندوب موسكو لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي إعلانه أنّ مجلس الأمن الدولي سيعقد الثلثاء عند الساعة 15,00 بعد الظهر بتوقيت نيويورك (19,00 ت غ)، جلسة عامّة بشأن هذا الهجوم بناء على طلب روسيا.
ودانت الصين الهجوم على القنصلية الإيرانية، مشدّدة على أنّه "لا يمكن انتهاك أمن المؤسسات الديبلوماسية".
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى "ضبط النفس". وقال بيتر ستانو المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "في هذا الوضع الإقليمي المتوتر للغاية، من المهم جداً ممارسة ضبط النفس لأنّ المزيد من التصعيد في المنطقة ليس في مصلحة أحد".
- "رسالة إلى الأميركيين" -
وفي سياق التحرّك الديبلوماسي الروسي، دعت إيران مجلس الأمن الدولي إلى "إدانة هذا الهجوم الإرهابي الذي ارتكبه النظام الإسرائيلي، بأشدّ العبارات الممكنة". وأعلن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان أنّه أرسل "رسالة مهمّة" إلى الولايات المتحدة عبر القائم بأعمال السفارة السويسرية في إيران التي تمثّل المصالح الأميركية في ظل غياب العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.
وقال عبداللهيان إنّ هذه الرسالة التي لم يتمّ الكشف عن مضمونها، أُرسلت إلى واشنطن "باعتبارها شريكاً للنظام الصهيوني"، مضيفاً أنّها "يجب أن تتحمّل المسؤولية".
وهذا القصف الذي نفّذته "ستة صواريخ أطلقتها مقاتلات اف-35" وفق طهران، هو الأول الذي يستهدف مبنى ديبلوماسياً إيرانياً في سوريا، حيث تدعم إيران وحلفاؤها نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي ظلّ تزايد المخاوف من أن تأخذ الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في غزة منحى إقليمياً، أكد العراق الثلثاء أنّ هذا الهجوم سيؤدي إلى "المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار" في الشرق الأوسط.
ومنذ بدء الحرب في غزة في أعقاب هجوم نفّذته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية، ضاعفت إيران تصريحاتها بشأن دعم حماس متهمة إسرائيل بتنفيذ "إبادة جماعية"، لكنّها نفت أيّ تدخّل مباشر في القتال.
- مقتل قائدين -
في دمشق، لم يبقَ من مبنى القنصلية الإيرانية غير بوابة كتب عليها "القسم القنصلي في السفارة الايرانية"، وفق مراسل فرانس برس.
وتناثرت شظايا النوافذ المحطّمة على مسافة وصلت إلى 500 متر، بينما تضرّرت العديد من السيارات التي كانت متوقفة في المكان.
وقالت وزارة الدفاع السورية "أدّى العدوان إلى تدمير البناء بكامله واستشهاد وإصابة كلّ من بداخله".
والثلثاء، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني ارتفاع عدد القتلى إلى 13 قتيلاً بينهم سبعة أعضاء في الحرس الثوري الإيراني، وذلك بعدما أفادت حصيلة سابقة عن مقتل 11 شخصاً.
وقال التلفزيون الإيراني "في الهجوم الذي نفّذه النظام الصهيوني على قنصلية السفارة الإيرانية في العاصمة السورية، قُتل سبعة إيرانيين وستة سوريين".
وكان الحرس الثوري الإيراني أفاد بُعيد الهجوم الإثنين، بأنّ سبعة من عناصره بينهم ضابطان كبيران قتلوا، موضحاً أنّ بين القتلى العميد محمد رضا زاهدي والعميد محمد هادي حاجي رحيمي.
من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى سقوط 11 قتيلاً "هم ثمانية إيرانيين وسوريان ولبناني واحد، جميعهم مقاتلون وليس بينهم أيّ مدني".
ويُستهدف مسؤولون إيرانية في سوريا منذ بدء الحرب في هذا البلد في العام 2011، ومن هؤلاء الجنرال رضي موسوي القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي قُتل في كانون الثاني في ضربة قرب دمشق.
ومنذ العام 2011، نفّذت إسرائيل مئات الضربات في سوريا المجاورة، مستهدفة مواقع للحكومة السورية والجماعات الموالية لإيران وأهداف عسكرية إيرانية.
وتكثّفت الضربات في خضمّ الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول بين إسرائيل وحركة حماس، بينما يعدّ القصف الذي طال القنصلية الإيرانية الإثنين، الخامس الذي يستهدف سوريا خلال ثمانية أيام.