النهار

المبعوث الأميركيّ الى اليمن: لا يوجد حلّ عسكريّ... وهجمات الحوثيّين تقوّض حلّ الدولتين
المصدر: "النهار"
المبعوث الأميركيّ الى اليمن: لا يوجد حلّ عسكريّ... وهجمات الحوثيّين تقوّض حلّ الدولتين
المبعوث الأميركيّ الخاصّ إلى اليمن تيم ليندركينغ
A+   A-

باسل العريضي

 

على وقع التصعيد على كافّة جبهات الشرق الأوسط، ربطاً بالحرب على غزّة، بدأ المبعوث الأميركيّ الخاصّ إلى اليمن تيم ليندركينغ جولة في المنطقة استهلها من المملكة العربية السعودية، حيث التقى مسؤولين سعوديين، إضافة إلى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، الذي أكّد على "التزام الحكومة بتحقيق تطلعات الشعب اليمني بتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار وإنهاء انقلاب مليشيا الحوثي".

من جانبه أكّد ليندركينغ على دعم الإدارة الأميركية لجهود تحقيق السلام الدائم في اليمن والتخفيف من الأزمتين الإنسانية والاقتصادية، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية.

ومع وصوله إلى سلطنة عُمان، قدّم المبعوث الخاص إحاطة إعلامية، انطلاقاً من مستجدّات المنطقة، وموقف بلاده الذي عبّر عنه خلال لقائه الزنادي.

ليندركينغ، وفي الإيجاز الصحافي، قال إن ضغوط التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يهدف إلى حماية حركة الشحن في البحر الأحمر "ربما تثني جماعة الحوثي اليمنية عن شنّ هجمات على السفن، لكن في نهاية المطاف لا بدّ من التوصّل إلى حلّ ديبلوماسي"، ليعود ويشدّد على أنّ واشنطن تفضل "الحلّ الديبلوماسي" مؤكداً "أنّه لا يوجد حلّ عسكريّ".

تأكيد المبعوث الأميركي على الحلّ الديبلوماسي، اقترن مع قوله أنّ "هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تقوّض التقدّم في عملية السلام في اليمن"، وتعيق أيضاً وصول المساعدات إلى قطاع غزة والى الشعب اليمني.

وفي السياق عينه، وفي ردّ عن سؤال لـ"النهار العربي" قال إنّ "الجهود والضغوط التي تمارسها الولايات المتّحدة وحلفاؤها" من خلال الضربات العسكرية التي توجّهها ضدّ الحوثيين تساهم في "تحطيم القدرات العسكرية، سواء أكانت منشآت تحت الأرض أم رادارات ساحلية،  يعتدون من خلالها على خطوط الملاحة البحرية الدولية".

وعن إمكان وجود خيارات أخرى للتعامل مع تهديد الحوثيين، أعرب عن اعتقاده إلى الحاجة للعمل بشكل جماعي لمواصلة الضغط ، مع استمرار المشاورات مع الحلفاء والشركاء في المنطقة "حول طرق تخفيف التصعيد والتطلّع إلى نزع فتيل التوتّر بأسرع ما يمكن".

واستطرد الديبلوماسي الأميركيّ بالإشارة إلى أنّ "إعادة تصنيف الحوثيين على أنّهم جماعة إرهابية، يزيد من الضغط عليهم ما يدفعهم نحو المزيد من التصعيد".

 
استهداف القنصليّة الإيرانيّة في دمشق 
 

ونظراً إلى أنّ التصعيد في البحر الأحمر مرتبط بغزة، التي بدورها أدّت إلى توسّع حدّة المواجهات حتى شملت غارة إسرائيلية على مبنى تابع للقنصلية الإيرانية في دمشق، وصف المبعوث الأميركيّ الخاصّ ما حصل بأنّه "تطوّر مهم، وبالطبع ظهرت هذه المشكلة في محطاتي خلال هذه الرحلة"، مجدّداً التأكيد على أنّ واشنطن لم تكن على علم بهذه الضربة مسبقاً، مشدّداً على أنّ الإدارة الأميركية ترى ضرورة تسخير الجهود الإقليمية، في اتّجاه إيجابيّ نحو "السلام في اليمن مثلما نعمل على حلّ أزمات أخرى متعدّدة في المنطقة".

وفي هذا الإطار، وفي ردّ على سؤال حول استمرار الدعم الأميركيّ العسكريّ لإسرائيل، عاد ليندركينغ إلى كلمة وزير الخارجية أنتوني بلينكن حول هذه القضية، ليؤكّد مرّة أخرى أنّه لدى الولايات المتحدة الأميركية "التزامات طويلة الأمد بأمن إسرائيل، وبالمساعدة في ضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها".

ولكنّه استدرك أنّ هذا لا يعني "هجمات واسعة النطاق على المدنيين، وهو ما دعت إليه الولايات المتحدة وتسعى إلى إنهائه من خلال المشاركة القوية للغاية مع الأطراف في ذلك الصراع". وأضاف انّه يجب بذل قصارى الجهد "لضمان ألّا تؤثر الصراعات الإقليمية أو تهدّد أو تقوّض الجهود التي نحاول القيام بها للبناء على هذه الأسس التي أرسيناها على مدى العامين الماضيين في اليمن".

وذكّر أنّه على الرغم من الهجمات على البحر الأحمر "هناك هدنة يجري الالتزام بها في اليمن، وأنّ القتال الذي كان محتدماً منذ عامين قد انتهى بالهدنة... ما سمح بوصول المزيد من الإمدادات الإنسانية، وعودة اليمنيين إلى السفر إلى الخارج على متن طائراتهم الخاصّة لأوّل مرّة من صنعاء منذ عام 2016، وإطلاق سراح السجناء، والبدء في بذل بعض الجهود نحو إعادة بناء اقتصاد اليمن، لذلك نحن في حاجة إلى التركيز والتصميم على إنهاء هذه الحرب بطريقة دائمة وتعزيز الحوار اليمني- اليمني".

وكان لمصر حصّتها في مقاربات المبعوث الأميركي ليندركينغ، إذ أشار إلى أنّ هجمات الحوثيين تركت بالغ الأثر على الاقتصاد المصري. وقال: "كانت للمصريين مصالح طويلة الأمد في اليمن، ونحن نرى أنّ استقرار اليمن يعود بالنفع على جميع دول الشرق الأوسط".

ولفت إلى أنّ الاقتصاد المصريّ يتعرّض "لضربة قاصمة نتيجة الهجمات على البحر الأحمر"، مع انخفاض عائدات قناة السويس بنسبة 50 في المئة. كما أنّ هذه الهجمات تركت عميق الأثر عند الناس العاديين في المنطقة بأسرها، إذ بدأ المستهلكون يعانون من عرقلة حركة الوقود والغذاء والدواء.

ورأى أنّ تحويل مسار السفن من المرور عبر البحر الأحمر والتجوّل حول أفريقيا، يكبّد ملايين الدولارات من الرسوم التي سيتمّ تحميلها إلى المستهلكين والأشخاص العاديين في كلّ البلدان المحيطة.

وقال إنّه "من العار" أن نرى هذا النوع من التأثير يستمرّ عندما "لا يكون ضرورياً لحلّ الصراع في غزّة".

 
إيران تدعم الحوثيّين
 

لكن ماذا عن الدور الإيرانيّ؟ خصوصاً أنّ تقارير صحافية غربية أشارت إلى أنّ سلطنة عُمان تستضيف مباحثات مباشرة بين طهران وواشنطن، على الرغم من أنّه لم يتمّ تأكيد الأمر رسميّاً.

الديبلوماسيّ الأميركيّ المكلّف بملفّ اليمن، قال في مستهل حديثه للصحافة العربية: "يمكنك الاهتمام بالفلسطينيين ودعمهم مع الاستمرار في معارضة هجمات الحوثيين. وتعود هذه الآثار السلبية حصراً إلى تهوّر الحوثيين وجهود إيران لزرع عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. ولا تخدم هذه الهجمات أكثر من أجندة ضيّقة للحوثيين".

وأشار إلى أنّ طهران تواصل دعم الحوثيين بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، ما يمكّنهم من الاستمرار بتنفيذ هذه الهجمات. وأضاف أنّ هذا يأتي "لتذكير العالم بأنّهم الراعي الرئيسيّ للإرهاب. لنكن واضحين، هجمات الحوثيين ضدّ المدنيين والسفن التجارية هي أعمال إرهابيّة". 

وطالب بالإفراج عن البحّارة المختطفين من طاقم سفينة "غالاكسي ليدر"، وقال "للأسف، قوّضت تلك الهجمات ضدّ الشحن الدوليّ مصداقيّة الحوثيين كجهة فاعلة حسنة النيّة في اليمن".

وأكّد أنّه فور توقّف الهجمات، فإنّ قوات التحالف ستوقف بدورها عمليات البحر الحمر التزاماً بعمليّة السلام في اليمن.

ونوّه ليندركينغ أنّه "يجب أن تتوقّف هجمات الحوثيين حتّى نتمكّن من إعادة تركيزنا إلى جهود السلام في اليمن وتوجيه اهتمامنا الكامل نحو دعم الفلسطينيين وتطلعاتهم المشروعة إلى حلّ الدولتين، والذي يؤدّي سلوك الحوثيّ، بصراحة، إلى تعقيده وتقويضه".

وأردف، بأنّه لا يزال في إمكان الحوثيين "وقف التصعيد والعودة إلى طريق السلام". لكنّهم لم يتركوا للمجتمع الدوليّ أيّ خيار، وأنّه في حين لا يزال هناك "دعم دوليّ واسع النطاق لعملية سلام يمنية - يمنية شاملة لإيجاد حلّ دائم للصراع في البلاد، فإنّ المفاوضات الناجحة صعبة للغاية طالما استمرّ الحوثيّون في أعمالهم العدوانيّة".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium