للمرة الثالثة وفي أقلّ من 10 سنوات يخسر الحرس الثوري الإيراني 3 من قادته كانوا يشغلون منصب نائب قائد فيلق القدس، في سوريا، وهم الجنرالات حسن شاطري، حسين همداني ومحمد رضا زاهدي.
يُعدّ الحرس الثوري الإيراني، أحد أبرز مؤسسات إيران ، الذي تأسّس بعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979 بأمر من الخميني "لحراسة الثورة" بحسب الإيرانيين.
صاحب الصيت الذائع في العالم وخصوصاً في البلدان التي تمتلك فيها نفوذاً لا يعدّ جزءاً من القوات المسلحة الإيرانية، وله قيادة مستقلة، ويتلقّى أوامره من المرشد الأعلى للجمهورية، ويقدّم له تقاريره مباشرة ودون وسيط.
ويتحكّم الحرس الثوري في كيانين: الأول قوات شبه عسكرية تُسمّى "الباسيج" تتكوّن من الرجال والنساء المتطوّعين، ومن ضمنهم طلاب في الجامعة يتولّون مهام التصدّي للأنشطة التي توصف بالمناهضة للنظام في الداخل، كما يقومون بمهام اجتماعية ثقافية ذات بعد دينيّ تعبويّ، بالإضافة إلى مهام أمنية تتعلّق بشرطة الأخلاق ومكافحة الشغب والمظاهرات.
والكيان الثاني: "فيلق القدس"،وينفذ عملياته خارج الحدود الإقليمية لإيران، وذاع صيته بشكل كبير بتولّي قاسم سليماني قيادته وعمله على دعم "حزب الله" وخصوصاً في حرب تموز 2006، ونظام الرئيس السوري بشار الأسد منذ عام 2011، ومساندته قوات الأمن العراقية، وتأسيسه ميليشيات ودعمها في الحرب ضدّ داعش.
خسر مئات من قواته (من جميع الأصناف والرتب العسكرية) في لبنان وسوريا والعراق، عبر قيادتهم أو مشاركتهم في المعارك، وتعرّض قادته لعدد من عمليات الاغتيال.
أبرز الخسائر المعلنة من قيادات فيلق القدس كان في الحرب السورية، خصوصاً في الفترة الممتدّة بين 2014 و2016 أثناء معارك حلب ودير الزور، حيث سجّلت خسائر كبيرة بين القيادات الإيرانية التي كانت تقود المعارك بشكل مباشر على الأرض.
وبحسب عدد من مراكز الأبحاث والدراسات الإيرانية فإنّ أبرز القادة الإيرانيين الذين قتلوا في الحرب السورية هم:
القيادي في الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسن شاطري المعروف باسم حسام خوش نويس، وقتل في شباط 2013 على أيدي مسلّحين هاجموا سيارته على الطريق السريع رابط بين دمشق وبيروت خلال عودته من "مهمّة" في سوريا.
ويُعدّ شاطري من قدامى المحاربين في إيران الثورة، حيث شارك في الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988 وعمل في أفغانستان، ثمّ تولّى رئاسة الهيئة الإيرانية للمساهمة في إعادة إعمار لبنان بعد حرب تموز 2006، ويوصف أحياناً بأنّه قائد الحرس الثوريّ في لبنان.
وفي 2014 خسر اثنين من أبرز قادته الجنرال حسين بادبا في درعا. وأصفر شيردل والجنرال جبار دريساري، وفي 2015 قائد كتيبة في "فيلق عاشوراء" التابع للحرس الثوري يُدعى الجنرال عباس عبد الله، والقيادي في قوات التعبئة الشعبية (الباسيج) الجنرال علي مرادي، وقائد لواء "فاطميون" التابع للحرس الثوري الإيراني علي رضا توسّلي ومساعده رضا بخشي والقائد الأبرز الجنرال حسين همداني.
وأفادت وكالة الأناضول للأنباء أنّ همداني هو نائب الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيرانيّ، وأنّه كان مسؤولاً عن العمليات التي ينفّذها اللواءان "فاطميون" و"زينبيون" اللذان أرسلتهما إيران لمساندة نظام الرئيس السوري بشّار الأسد، فضلاً عن عمليات "حزب الله" اللبنانيّ في سوريا.
هذا بالإضافة إلى قائد لواء "الصابرون" التابع للحرس الثوري الجنرال فرشاد حسوني زاده والقيادي فيه حميد مختار.
صورة تجمع السيّد حسن نصرالله مع قاسم سليماني وأحمد كاظمي ومحمّد رضا زاهدي وعماد مغنيّة.
أمّا الاغتيال الأبرز والأكبر فكان في بداية عام 2020 في 3 كانون الثاني حيث استهدفت غارة أميركية سيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وقتل برفقة مسؤول الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس. واعترفت حينها مباشرة إدارة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب بمسؤوليتها عن الغارة.
وفي 25 كانون الأوّل العام الماضي قتل القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني في سوريا رضي موسوي جراء ضربة جوية إسرائيلية في منطقة السيدة زينب في ضواحي العاصمة دمشق".
وبحسب وكالة تنسيم الإيرانية هو "أحد أقدم مستشاري الحرس الثوري في سوريا". والمسؤول عن تنسيق التحالف العسكري بين سوريا وإيران وأحد رفاق القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، ليليه اغتيال محمد رضا زاهدي القائد الأعلى للحرس الثوري الإسلامي في بلاد الشام.
وفي مسار هذه الاغتيالات، جزء منها كان على أرض المعركة في سوريا، وهو أمر يحصل في الحروب على الأرض، والثاني هو الاستهدافات المباشرة او الاغتيالات وأبرزها الإسرائيلية.
وعلى الرغم من فداحة الخسارة التي تمثّلت في اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، اكتفت إيران عسكرياً بالردّ بقصف صاروخيّ على قاعدتين للقوات الأميركية غرب العراق وشماله في 8 كانون الثاني 2020، بأكثر من 12 صاروخاً باليستيّاً، أدّت إلى حدوث أضرار في القاعدتين العسكريّتين وإصابات بين الجنود الأميركيين.
وبعد مقتل موسوي قرّرت ايران سحب عدد من كبار مسؤوليه ومستشاريه، فيما أوصى قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني فصائل منضوية تحت لواء "المقاومة الإسلامية في العراق" بخفض التصعيد العسكريّ ضدّ القوات الأميركية بعد هجوم الأردن بحسب ما ذكرت وكالة رويترز.
وأفادت رويترز إنّ الحرس الثوري الإيرانيّ قلّص بالفعل نشر كبار ضبّاطه في سوريا بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية المميتة، وسيعتمد أكثر على فصائل شيعيّة متحالفة مع طهران للحفاظ على نفوذه هناك.
فقد سعت إيران في السنوات الماضية إلى ترسيخ منطق استراتيجيّ للردّ على الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا من خلال الانتقام من القوات الأميركية في البلاد عبر حلفائها المحليين، وهذا ما جرى في سوريا والعراق في السنوات الأخيرة.
تبدو الضربة الأخيرة مختلفة إذ انّها استهدفت مركزاً ديبلوماسياً أو ما يعتبر أرضاً إيرانية، وعدم الردّ عليها تحرج القيادة السياسية.
وفي هذا الإطار يرجّح السفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، أن تردّ إيران مباشرة، لكن بطريقة متفهّم عليها نسبياً، كي لا تصل إلى حرب شاملة "مشيراً إلى إعلان وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان توجيه "رسالة مهمّة" إلى الولايات المتحدة".
وأشار إلى أنّ هذا يؤكّد على طلب إيراني من أميركا بدور أكثر فعالية من واشنطن في مواجهة التصعيد الإسرائيلي بما أنّ الولايات المتحدة تطالب إيران باستمرار بوقف التصعيد، فإنّ إيران توجّه إنذارًا بأنّ هذه هي نهاية جهودها إذا لم توقف الولايات المتّحدة إسرائيل".
ورأى أنّه رغم التوتر الكبير في المنطقة، لا أحد من اللاعبين الكبار يريد حرباً موسّعة، وإسرائيل لا تستطيع القيام بأيّ حرب دون ضوء أخضر أميركيّ، مرجّحاً أن يكون أيّ ردّ انتقاميّ "غير مباشر" عبر أذرعها لكنّه مضبوط.