اعترف الجيش الاسرائيلي بارتكاب "أخطاء جسيمة" أدت إلى مقتل عمال الإغاثة السبعة في قصف جوي في غزة، فيما أعلنت الجمعة أنها ستسمح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع المدمر والذي يواجه سكانه وضعا أشبه بالمجاعة، لكن الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى "نقلة نوعية".
وقال الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس الجمعة إن "الظروف الانسانية المأسوية" في غزة تتطلب "نقلة نوعية في ايصال المساعدات المنقذة لحياة" المدنيين في القطاع المحاصر، وأنه لا يمكن للأمور أن تستمر كما هي عليه.
وأضاف "اصبحنا على شفا هاوية: التجويع الجماعي الشديد واندلاع حرب إقليمية وفقدان كامل للثقة في المعايير والقواعد العالمية. لقد حان الوقت للتراجع عن حافة الهاوية هذه، لإسكات دوي المدافع، لتخفيف المعاناة الرهيبة ولوقف مجاعة محتملة قبل فوات الأوان".
وتتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل يوميا، خصوصا منذ مقتل سبعة من عناصر منظمة "وولد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي)، هم فلسطيني وستة أجانب، في ضربات بطائرات مسيرة في وسط القطاع مساء الاثنين.
وقال الجيش الإسرائيلي في تقرير الجمعة إنه ارتكب سلسلة من "الأخطاء الجسيمة" أبرزها في التقدير، مؤكدا أنه أراد استهداف "مسلح من حماس" اعتلى سطح إحدى شاحنات المساعدات وراح يطلق النار.
وأشار أيضا إلى "انتهاك إجراءات العمليات المعيارية"، مقرَّا بأن المنظمة الخيرية أبلغته بمخطط سير الموكب، لكن المسار لم يكن بحوزة العسكريين المسؤولين عن توجيه الضربات. وبحسب التقرير، سيتم تسريح ضابطين متورطين في هذا الخطأ الفادح.
لكن "وورلد سنترال كيتشن" طالبت بتشكيل لجنة تحقيق "مستقلة"، فيما دعت بولندا التي قضى أحد مواطنيها في القصف بإجراء "تحقيق جنائي" بتهمة "القتل".
يشهد قطاع غزة منذ نحو ستة أشهر حربا مدمرة بين إسرائيل وحماس، اندلعت بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول.
ووفق أحدث حصيلة صادرة عن وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة، قُتل في القطاع 33091 شخصا، معظمهم من المدنيين ولا سيما من النساء والأطفال.
في هذا السياق، طالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة بوقف كافة مبيعات الأسلحة لإسرائيل، في قرار أشار فيه إلى مخاوف من وقوع "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين.
وللمرة الأولى، أثار الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس إمكانية ربط المساعدات الأميركية لإسرائيل بإجراءات "ملموسة" في مواجهة الكارثة الإنسانية في غزة.
واعلن بايدن الجمعة أن اسرائيل تقوم بما طلبته الولايات المتحدة على صعيد إيصال المساعدات الى غزة، وذلك غداة تحذير وجهه الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وسئل بايدن خلال مغادرته البيت الابيض عما إذا كان هدد خلال اتصاله بنتنياهو بوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل، فاجاب "لقد طلبت منهم القيام بما يقومون به" حاليا.
أ ف ب
- "إجراءات فورية" -
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة أن مجلس الوزراء المصغر وافق على "إجراءات فورية لزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين" في غزة.
وستسمح إسرائيل بنقل المساعدات "مؤقتا" عبر ميناء أسدود الواقع على بعد حوالى 40 كيلومترا إلى الشمال من غزة، ومن خلال معبر إيريز (بيت حنينا) بين إسرائيل وشمال القطاع الفلسطيني.
كما ستسمح "بزيادة المساعدات الأردنية عبر معبر كرم أبو سالم" بين إسرائيل وجنوب القطاع.
ورحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة بتحمّل إسرائيل "كامل المسؤولية" عن مقتل عمّال الإغاثة في غزة، مع تشديده على أن واشنطن ستتابع الأمر مع مسؤولين إسرائيليين في الأيام المقبلة.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الجمعة إن إعلان إسرائيل فتح طرق المساعدات بشكل موقت إلى غزة "ليس كافيا" نظرا لحجم الأزمة الإنسانية في القطاع.
وكتب ميشال على موقع إكس "إن الأطفال والرضع في غزة يموتون بسبب سوء التغذية. ويلزم بذل جهود كبيرة وعاجلة للكف على الفور عن استخدام الجوع أداة من أدوات الحرب في غزة".
وتنفذ إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول والذي خلّف 1170 قتيلا في الجانب الإسرائيلي، غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصاً ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
أ ف ب
- استمرار الغارات والقصف -
ميدانيا، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الجمعة عن غارات جوية وقصف مدفعي في أنحاء القطاع، خاصة في الجنوب في رفح حيث يتكدس نحو 1,5 مليون فلسطيني معظمهم من النازحين من الشمال، وفي خان يونس.
وفي خان يونس، قال الجيش الإسرائيلي إنه عثر على أسلحة ودمر "بنية تحتية" لحماس.
وبحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، تم خلال 24 ساعة حتى صباح الجمعة نقل 56 جثة إلى المستشفيات، غالبيتها لأطفال ونساء وكبار سن.
- اجتماع لمجلس الأمن الدولي -
بعد مقتل عمال الإغاثة الاثنين، أعلنت "وورلد سنترال كيتشن" أنها ستعلق عملياتها في غزة، مما زاد المخاوف لدى السكان البالغ عددهم 2,4 مليوني نسمة.
كما أعلنت شريكتها منظمة "أوبن آرمز" الإسبانية التي سيّرت معها أول سفينة مساعدات إنسانية إلى غزة في آذار، أنها ستعلق عملياتها عبر الممر الإنساني البحري من قبرص.
والخميس، حذرت منظمة أطباء بلا حدود وأوكسفام وأطباء العالم ومنظمة أنقذوا الأطفال الدولية من أن نشاطها صار شبه مستحيل في غزة.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا الجمعة لبحث وضع عمال الإغاثة وخطر المجاعة في غزة.
وكان الهلال الأحمر الفلسطيني أعلن الخميس أن "31 طفلا في قطاع غزة توفوا بسبب الجوع والجفاف".
ووفق دراسة أجرتها منظمة أوكسفام، يعيش سكان شمال قطاع غزة على "أقل من 12% من متوسط الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية".
وتقوم عدة دول بتنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات، لكن هذه الطريقة لا يمكن أن تحل محل الطرق البرية، كما تؤكد الأمم المتحدة.
وحثّ جو بايدن بنيامين نتنياهو الخميس على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار "بدون تأخير" في حين أن العملية البرية التي يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي تنفيذها في رفح تثير قلقا متزايدا.
على صعيد جهود الوساطة للتوصل الى هدنة والإفراج عن الرهائن الاسرائيليين لدى حماس، ذكرت وسائل إعلام أميركية الجمعة ان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) بيل بيرنز سيتوجه الى القاهرة نهاية الاسبوع المقبل لاجراء محادثات حول الإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
في لبنان، أكّد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة أن الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق "آت لا محالة"، معتبرًا أن هذه الضربة شكّلت "مفصلًا" في الأحداث منذ السابع من تشرين الأول.
وقضى عنصر في حزب الله وسبعة من عناصر الحرس الثوري، بينهم ضابطان كبيران، في قصف جوي أدى الى تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق الإثنين. واتهمت الجمهورية الإسلامية عدوها الإقليمي اللدود إسرائيل بشنّ الضربة، وتوعدت بالرد.
ولفت نصرالله إلى أن حزب الله "لم يستخدم بعد السلاح الأساسي ولم يُخرج قواته الأساسية"، مضيفًا "مع ذلك، حققنا كل هذه الإنجازات في شمال إسرائيل".
ويجري قصف متبادل بشكل شبه يومي عبر الحدود اللبنانية الاسرائيلية بين حزب الله اللبناني، حليف حماس، والجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية في قطاع غزة في 7 تشرين الأول.