النهار

تحت شجرة السدرة في رفح... عمود يخبر عن حدود وحروب وحكاية لجوء لا تنتهي
المصدر: "النهار"
على الحدود بين مصر والشام، عام 1906، تحت شجرة السدرة ذات الجذور العميقة، وضع الخديوي عباس حلمي الثاني علامة تفصل بين المطر والصحراء، تحديدًا في مدينة رفح التي حصلت على تسميتها الأخيرة من قبل العرب الذين أقاموا فيها. فمن بعدها تقل الأمطار وينتهي الخصب وتبدأ الصحراء التي تتوسّع إلى سيناء وشرقي الدلتا. أما العمود الذي وضع علامة حدود في حينه، فأهميته أنه مثبت عند الحد الفاصل بين مصر والشام، ذلك الموقع الإستراتيجي في مكان يعد نقطة وصل لأماكن عديدة مجاورة.
تحت شجرة السدرة في رفح... عمود يخبر عن حدود وحروب وحكاية لجوء لا تنتهي
دخان يتصاعد من مدينة رفح إثر غارة إسرائيليّة (أ.ف.ب)
A+   A-
على الحدود بين مصر والشام، عام 1906، تحت شجرة السدرة ذات الجذور العميقة، وضع الخديوي عباس حلمي الثاني علامة تفصل بين المطر والصحراء، تحديدًا في مدينة رفح التي حصلت على تسميتها الأخيرة من قبل العرب الذين أقاموا فيها. فمن بعدها تقلّ الأمطار وينتهي الخصب وتبدأ الصحراء التي تتوسّع إلى سيناء وشرقي الدلتا. أمّا العمود الذي وضع علامة حدود في حينه، فأهميته أنّه مثبت عند الحدّ الفاصل بين مصر والشام، ذلك الموقع الإستراتيجي في مكان يعدّ نقطة وصل لأماكن عديدة مجاورة.

أصل التسمية 
يعود تاريخ رفح إلى خمسة آلاف سنة، سمّاها المصريون القدماء "روبيهوي"، أمّا الآشوريون فقد سمَّوها باسم قريب من الاسم الحاليّ "رفيحو"، واليونان والرومان سمَّوها "رافيا"، أمّا اسم رفح الحاليّ فهو تسمية عربية.
ويعود معظم سكانها إلى مدينة خان يونس الفلسطينية، وإلى بدو صحراء النقب وصحراء سيناء، وقد نزح إليها اللاجئون الفلسطينيون بعد نكبة 1948، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في بناء تركيبتها السكانية التي هي عليها اليوم.
وقد احتلت المدينة أعلى نسبة في زيادة السكان بمناطق السلطة الفلسطينية، وبلغ عدد سكانها نحو 122 ألف نسمة، وفقاً لتعداد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2007.
 
موقع استراتيجيّ
تقع مدينة رفح جنوبي قطاع غزة على الشريط الحدودي الفاصل بينه وبين شبه جزيرة سيناء المصرية، وتبلغ مساحتها 55 كيلومتراً مربعاً، وتبعد عن القدس نحو 107 كيلومترات إلى الجنوب الغربي، وهي أيضاً بوابة الحدود المصرية الشرقية.
جعلها هذا الموقع الاستراتيجي  نقطة عبور جوهرية أثارت مطامع العابرين والجيوش من آسيا إلى أفريقيا. وفي عهد الآشوريين في القرن الثامن قبل الميلاد حدثت فيها معركة كبيرة بين الآشوريين والمصريين القدماء، الذين تحالفوا مع ملك غزة، وآل النصر في هذه المعركة للآشوريين.
وفي عام 217 قبل الميلاد حدثت معركة أخرى في رفح بين البطالمة حكام مصر والسلوقيين حكام الشام، وبذلك خضعت رفح وسوريا لحكم البطالمة مدّة 17 عاماً إلى أن استرجعها السلوقيون.
 
 
 
لاحقا تحولت رفح إلى مركز للأسقفية. وقد مرّ بها نابليون عام 1799 في حملته الفرنسية على بلاد الشام، كما زارها كلّ من الخديوي إسماعيل، والخديوي عباس حلمي الثاني الذي رسّم الحدود بين سوريا ومصر من خلال عمود غرانيت وضعه تحت شجرة السدرة القديمة.
وفي التاريخ الحديث عام 1917 خضعت مدينة رفح للحكم البريطاني الذي فرض الانتداب على فلسطين، وفي عام 1948 دخلها الجيش المصري وبقيت تحت الإدارة المصرية إلى أن احتلتها عصابات صهيونية عام 1956، ثمّ عادت إلى الإدارة المصرية مرّة أخرى في 1957 حتى عام 1967، ثمّ احتلتها إسرائيل.
وبعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد استعادت مصر سيناء ووضعت أسلاكاً شائكة لتفصل بين رفح وسيناء، وتقدّر مساحة ما ضُمّ إلى الجانب المصري نحو 4000 كيلومتر مربع، وبقي من مساحة أراضيها 55 ألف كيلومتر مربع، اقتطع منها نحو 3500 كيلومتر مربع للمستوطنات، قبل إخلائها في عام 2005، بحسب "ويكيبيديا".
 

التقسيم الإداريّ
هناك خمسة مخيمات تتوزّع داخل رفح، وهي: "مخيم الشابورة، المخيم الغربي، مخيم يبنا، مخيم بدر، مخيم كند، المخيم السعودي". أمّا أحياؤها، فهي: "
حي البرازيل، حي الجنينة، حي خربة العدس، حي التنور والمشروع ، حي السلام، حي الشعوث والبراهمة والصوفي وكلها أسماء لمنطقة واحدة، حي الزعاربة أو رفح الغربية، حي الحشاش، حي تل السلطان ". أمّا قرى رفح، فهي: "شوكة الصوفي (قرية بدوية وسميت بهذا الاسم بسبب ربط الباشا حماد الصوفي فرسه بالقرب من شوكة في تلك المنطقة)، البيوك حجر يقع في أقصى الشمال الشرقي لمدينة رفح وسميت نسبة لعائلة البيوك، مصبح تقع بالقرب من البيوك وسميت أيضاً نسبة إلى عائلة مصبح التي تقطن القرية، مشروع عامر ما بين منطقة حي التنور وشوكة الصوفي، قرية النصر تقع في شمال مدية رفح، موراج وعريبة تقعان في الشمال الغربي لمدينة رفح، العزبة وتقع على شاطئ محافظة رفح".
 
 
معبر رفح 
يقع المعبر في جنوب قطاع غزة، وهو شريط ضيّق من الأرض يسكنه 2.3 مليون نسمة ويقع بين إسرائيل ومصر والبحر المتوسط. 
منذ إعلان إسرائيل بدء عملية في رفح، اقتحمت دباباتها أولاً معبر رفح بغرض السيطرة على المعبر الذي يربط قطاع غزة بمصر، لتتوقّف بذلك حركة مرور الأشخاص ودخول المساعدات إلى القطاع بشكل تام.
وأعلن الجيش في مستهل حملته أن المعبر بات "تحت السيطرة والحصار، مشيراً إلى وجود قوات خاصة (اللواء مدرع 401) في المنطقة".
في تقرير أعدته "بي بي سي"، توضح أهمية المعبر: "يمثّل معبر رفح المنفذ الرئيسيّ والوحيد المتبقّي للغزيّين على العالم الخارجي، لا سيّما بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع المنافذ الستّة بين قطاع غزة وجنوبي إسرائيل إثر إعلان حركة حماس عن بدء عملية طوفان الأقصى".
ولا يسمح معبر رفح للفلسطينيين بمغادرة غزّة بسهولة، فعلى الفلسطينيين الراغبين باستخدام المعبر التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بأسبوعين إلى أربعة أسابيع وقد يتمّ، رفض طلباتهم.
 
أمّا بالنسبة إلى إسرائيل، فيعتبر معبر رفح نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية إلى غزة. وترى في الجزء الشرقي من المدينة موقعاً استراتيجياً لحركة حماس، حيث يعيش في المدينة أكثر من مليون نازح فلسطيني.
وتعتقد أن السيطرة على المعبر ستقضي على قدرة حماس الرئيسية ومنعها من حكم غزة لاحقاً.

ماذا يعني الاجتياح؟
وفق وكالة "بلومبيرغ" إن وقوع هجوم كبير في رفح التي تأوي أكثر من مليون نازح أثار انتقادات من الولايات المتحدة ومصر ودول أخرى عبّرت عن قلقها على المدنيين، ولكن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يقول إنه لا خيار سوى أن يبدأ الجيش عملية عسكرية في رفح.
وحذّرت جماعات الإغاثة من عواقب إنسانية وخيمة وانخفاض جذري في إمدادات المساعدات إذا استمرّ الهجوم الإسرائيلي على رفح، بعد أن طالبت إسرائيل عشرات الآلاف من الأشخاص بمغادرة الجزء الشرقي من المدينة.
 
 
وقالت تمارا الرفاعي، مديرة العلاقات الخارجية في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين" الأونروا" لصحيفة "الغارديان"، إن التوغّل العسكري في رفح قد يؤدي إلى "حمّام دم" بسبب الكثافة السكانية برفح".
وتابعت: "هناك حالة نزوح أخرى تلوح في الأفق تثير بالفعل حالة من الذعر والقلق بين السكان الضعفاء للغاية".
وأضافت أنه "في أيّ وضع طبيعي كنّا نتحدّث عن خطط طوارئ، ولكن نظراً لمدى صعوبة وصول الإمدادات إلى غزة، ليس لدينا مستودعات كاملة مليئة بالسلع جاهزة للنقل. حتى لو كان لدينا ذلك، فإنّ حقيقة إغلاق معبر رفح وهذا هو المعبر الوحيد للوقود يعني أنّه حتى لو كان لدينا قاعدة من الإمدادات، فلن نتمكّن بالضرورة من نقلها بسبب انخفاض إمدادات الوقود".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium