يستمر عشرات آلآف المدنيين في الفرار اليوم الأربعاء من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة التي يقصفها الجيش الإسرائيلي ويهددها بهجوم بري واسع النطاق تزامنا مع إحياء الفلسطينيين ذكرى النكبة مع قيام دولة إسرائيل في العام 1948.
في تلك المرحلة، اضطر نحو 760 ألف فلسطيني من الفرار أو طردوا من ديارهم ولجأوا إلى دول الجوار أو إلى ما يعرف الآن بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة بحسب الأمم المتحدة.
وردد فلسطينيون أتوا بالآلاف إلى أنقاض بلدة في شمال إسرائيل طرد سكانها في العام 1948 "غزة لن تركع للدبابة والمدفع".
وفيما لا تعرف عمليات القصف والقتال هوادة في قطاع غزة، أبلغت الإدارة الأميركية الكونغرس بأنها سترسل شحنة أسلحة إلى إسرائيل بقيمة مليار دولار تقريبا على ما أفادت مصادر مطلعة على الملف وكالة "فرانس برس".
معارك كثيفة
ولا تزال هذه المساعدة تحتاج إلى موافقة الكونغرس وهي تأتي فيما كان الرئيس الأميركي جو بايدن حذّر قبل أسبوع من احتمال الحد من شحنات أسلحة إلى إسرائيل على خلفية قلق واشنطن من هجوم إسرائيلي واسع في رفح.
وفي قطاع غزة المحاصر والمدمّر جراء القصف والقتال بين إسرائيل وحركة حماس، سلك المدنيون طريق النزوح مرة جديدة منذ بدء الحرب في محاولة لإيجاد مكان آمن مع تأكيد الأمم المتحدة "عدم وجود مكان آمن في غزة".
وأفاد مراسلو وكالة "فرانس برس" وشهود عيان بتواصل الضربات الجوية والقصف المدفعي والقتال خلال الليل الماضي وصباح الأربعاء في رفح وجباليا (شمال) وفي حي الزيتون في جنوب مدينة غزة الواقعة في شمال القطاع.
وأكدت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس حصول مواجهات مع القوات الإسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين. وأشار الجيش الإسرائيلي أيضا إلى معارك "كثيفة" في هذه المدينة مؤكدا أنه قتل "عددا كبيرا من الإرهابيين".
مناطق محددة
وأشار الجيش إلى حصول قتال في "مناطق محددة" في شرق رفح مؤكدا أنه شن عملية على مركز تدريب لحماس وقضى على مقاتلين وضبط كمية كبيرة من الأسلحة.
في مدينة غزة في شمال القطاع، قتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص بينهم امرأة وطفلها وأصيب آخرون مساء الثلاثاء في ضربتين جويتين إسرائيليتين على ما أفاد الدفاع المدني الفلسطيني.
ومع مرور أكثر من سبعة أشهر على انطلاق الحرب اثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول، قتل 35173 شخصا في قطاع غزة غالبيتهم من المدنيين بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأسفر هجوم حماس في جنوب إسرائيل عن مقتل 1170 شخصاً غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
ورداً على الهجوم، نفذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة.
مساعدات عالقة
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القضاء على حماس التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007 وتعتبرها الدولة العبرية "منظمة إرهابية"، على غرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
بغية تحقيق ذلك يصر نتانياهو على شن هجوم بري واسع النطاق على رفح التي يعتبرها المعقل الأخير لحماس رغم المعارضة الواسعة للأسرة الدولية القلقة على مصير المدنيين.
وتعارض الولايات المتحدة على غرار جزء كبير من المجتمع الدولي هجوما كهذا في المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر والتي لجأ إليها مئات آلاف النازحين.
ودخلت دبابات الجيش الإسرائيلي إلى رفح في السابع من أيّار ولا تزال تحتل الجانب الفلسطيني من معبر رفح مع مصر الحيوي لدخول الوقود الضروري للعمليات الإنسانية في القطاع.
وتوقّف عبور المساعدات عبر رفح بالكامل فيما دخولها متوقّف أيضا عبر معبر كرم أبو سالم الرئيسي مع إسرائيل.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس عبر منصّة إكس إلى "إعادة فتح فورية" للمعبر و"نقل المساعدة الانسانية من دون أي عوائق" وكرر دعوته "إلى وقف إطلاق نار إنساني فوري في غزة والافراج عن جميع الرهائن".
الاتحاد الأوروبي يشدد لهجته
أعلنت وكالة "الأونروا" أنه منذ إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لسكان أحياء رفح الشرقية في السادس من أيار "تقدر الأونروا أن ما يقرب من 450 ألف شخص نزحوا قسرا من رفح" من دون ان تحدد إلى أين توجهوا.
وفي إطار الضغوط الدولية المتواصلة، دعا الإتحاد الأوروبي إسرائيل الأربعاء إلى إنهاء عمليتها العسكرية في رفح "فورا" محذرا من أن عدم القيام بذلك من شأنه أن يقوّض العلاقات مع التكتل.
ولتسهيل وصول المساعدات الإنسانية قام الجيش الأميركي ببناء ميناء عائم قبالة غزة. وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن هذه المنصة العائمة ستصبح جاهزة للتشغيل "في الأيام المقبلة".
وللحرب في غزة تداعيات على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان التي تشهد تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله المؤيد لحماس والجيش الإسرائيلي.