اشتبكت القوات الإسرائيلية مع مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في أزقة جباليا الضيقة بشمال غزة، اليوم الجمعة، في بعض من أعنف الاشتباكات منذ عودة القوات إلى المنطقة قبل أسبوع، بينما هاجم مقاتلون في الجنوب دبابات محتشدة حول رفح.
وقال سكان إن المدرعات الإسرائيلية توغلت حتى السوق في قلب جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في غزة، وإن الجرافات تهدم المنازل والمتاجر في طريقها وهي تتقدم.
ومع احتدام القتال في شمال القطاع وجنوبه، قال الجيش الأميركي إن شاحنات محملة بمساعدات إنسانية بدأت تتحرك صباح اليوم الجمعة إلى شاطئ غزة عبر رصيف بحري مؤقت.
وقال أيمن رجب، وهو من سكان غرب جباليا وأب لأربعة أطفال "تركيز إسرائيل اليوم على جباليا، الدبابات والطيارات بيدمروا مربعات سكنية ومحلات والسوق والمطاعم، كل شيء، وهاد بيحصل قدام العالم اللي بيشوف بعين واحدة".
وأردف قائلا لرويترز عبر تطبيق للتراسل "العار على هيك عالم، وفي نفس الوقت الأمريكان بدهم يبعتولنا أكل... ما بدنا طعام إحنا بدنا تنتهي الحرب وبعدها بندبر حالنا لحالنا".
وقبل أشهر أعلنت إسرائيل أن القوات طهرت جباليا، لكنها قالت الأسبوع الماضي إنها تعود للمنطقة لمنع حماس من إعادة تجميع صفوفها هناك.
وطلبت إسرائيل من قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي رفض طلب جنوب أفريقيا استصدار أمر طارئ لإسرائيل لوقف الهجوم على رفح وسحب قواتها من قطاع غزة بأكمله.
ورغم مرور سبعة أشهر على الحرب، لا يزال بوسع حماس وحليفتها حركة الجهاد الإسلامي القتال في مختلف أنحاء غزة باستخدام الأنفاق شديدة التحصين في شن هجمات، مما يسلط الضوء على صعوبة تحقيق هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المعلن وهو القضاء على الحركة الفلسطينية.
وقالت وزارة الصحة في القطاع إن 35303 فلسطينيين على الأقل قتلوا في الحرب. وحذرت وكالات الإغاثة مرارا من انتشار الجوع وخطر تفشي الأمراض في غزة.
وتقول إسرائيل إنها يجب أن تُكمل هدفها المتمثل في القضاء على حماس، لضمان أمنها وتحرير 128 رهينة ما زالوا محتجزين بعد هجوم حماس المباغت يوم السابع من تشرين الأول الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
ولتحقيق ذلك تقول إنه يتعين أن تسيطر على مدينة رفح في جنوب القطاع، والتي لجأ إليها نحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليوني نسمة، هربا من القتال في الشمال.
وأدت العملية التي تشنها إسرائيل في رفح، التي بدأت في أوائل أيار، لكنها لم تصل بعد إلى هجوم شامل، إلى واحدة من أكبر الخلافات منذ سنوات طويلة مع حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة التي علقت شحنة أسلحة إلى إسرائيل بسبب مخاوف من سقوط ضحايا مدنيين.
"حرب مأسوية"
قصفت الدبابات والطائرات الحربية الإسرائيلية أجزاء من رفح اليوم الجمعة في حين قال الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي إنهما أطلقا صواريخ مضادة للدبابات وقذائف مورتر على قوات محتشدة إلى الشرق والجنوب الشرقي وداخل معبر رفح الحدودي مع مصر.
وذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن أكثر من 630 ألف شخص اضطروا إلى الفرار من رفح منذ بدء الهجوم العسكري على المدينة في السادس من أيار.
وأضافت أن "الكثيرين نزحوا إلى دير البلح التي باتت حاليا مكتظة على نحو لا يحتمل وسط ظروف مزرية".
ودير البلح الواقعة إلى الشمال من رفح، هي المدينة الوحيدة في قطاع غزة التي لم تتعرض لهجوم من القوات الإسرائيلية حتى الآن.
وأمام محكمة العدل الدولية في لاهاي حيث تتهم جنوب أفريقيا إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية، دافع المسؤول في وزارة العدل الإسرائيلية جلعاد نوعام اليوم الجمعة عن العملية.
وقال نوعام إن إسرائيل تخوض حربا للدفاع عن النفس وإن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح لا تستهدف المدنيين، بل تفكيك آخر معقل لحماس.
وأضاف "هناك حرب مأسوية جارية، لكن لا توجد إبادة جماعية" في غزة.
وكَيَّف الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، الذي قدم حججا خلال مرافعته أمس لاتخاذ تدابير طارئة جديدة، العملية العسكرية الإسرائيلية كجزء من خطة إبادة جماعية تهدف إلى القضاء على الشعب الفلسطيني.