يبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الاثنين زيارة رسمية إلى اليابان، البلد الذي تقيم معه المملكة علاقات اقتصادية قوية، من مصادر الطاقة إلى ألعاب الفيديو.
ويلتقي الأمير الذي يشغل أيضا منصب رئيس الوزراء، رئيس الحكومة اليابانية فوميو كيشيدا، والإمبراطور ناروهيتو، خلال زيارته الأولى إلى الدولة الآسيوية منذ عام 2019.
ويقول الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن محمد سليمان لوكالة فرانس برس إن الأمير محمد "يجد القوّة الناعمة اليابانية، خصوصًا في الألعاب والرياضات الإلكترونية، جذابة للغاية".
في السنوات الأخيرة، استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يرأسه بن سلمان، على حصص كبيرة في العديد من الشركات اليابانية في مجال ألعاب الفيديو، وبات يملك أكثر من ثمانية بالمئة من شركة "نينتندو" العملاقة لألعاب الفيديو وحصص في استوديوهات شركة "كابكوم" لألعاب الفيديو.
ويضيف سليمان أن الإلكترونيات "تتماشى مع رؤية 2030 السعودية وتعزّز القوة الناعمة للمملكة في هذه المجالات السريعة النمو بشكل يتجاوز (النفوذ التقليدي المستَمّدّ من) القيادة الدينية للرياض".
و"رؤية 2030" هي خطة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية السعودية التي أطلقها ولي العهد والرامية إلى تنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي المرتهن للنفط، وإعداده لمرحلة ما بعد الوقود الأحفوري.
ويرى ديفيد غيبسون من شركة "ام اس تي فايننشل" الاستشارية المالية أنه ينبغي على بن سلمان أن يعمل على تشجيع شركات ألعاب الفيديو اليابانية العملاقة على الاستثمار في "قدرة تطوير" الألعاب في السعودية، ما قد يشكل "تحديًا" بسبب الصعوبات الحالية التي تمرّ بها هذه الصناعة.
إلا أنّ جولته في اليابان قد تمثّل فرصة لعقد لقاءات والقيام بزيارات في هذا المجال، بحسب توتو، الذي يقول "لن أُفاجأ إذا زار الأمير نينتندو".
عام 2022، أعلن ولي العهد عن استراتيجية استثمار بقيمة 38 مليار دولار لمجموعة "سافي للألعاب الإلكترونية" المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة والمتخصصة في ألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية.
ومن المقرر أن تنظم السعودية هذا الصيف كأس العالم للألعاب الإلكترونية. كذلك، ستقيم أول مدينة ملاهٍ في العالم مستوحاة من عالم سلسلة شرائط المانغا اليابانية المصوّرة والرسوم المتحركة "دراغون بول" Dragon Ball.
- تعاون في مجالَي الطاقة والذكاء الاصطناعي -
ويُتوقع أن تكون أيضًا مصادر الطاقة على جدول أعمال زيارة الأمير محمد بن سلمان التي تأتي عقب جولة لرئيس الوزراء الياباني في الخليج العام الماضي.
ويذكّر سليمان بأن كيشيدا ركّز آنذاك "جهوده على التعاون في مجال الطاقة خصوصًا تلك الخضراء وإزالة الكربون".
والتحديات كبيرة بالنسبة لليابان التي تعتمد في واردتها النفطية على الشرق الأوسط بنسبة 90%، بما في ذلك 40% من السعودية وحدها.
وتسعى شركات طاقة يابانية أيضًا إلى الاستثمار في مشاريع لإنتاج الهيدروجين والأمونيا في الخليج لمحاولة تخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات الطاقة الحرارية اليابانية.
لكن بحسب سليمان، ينبغي توسيع نطاق المناقشات، "لأن الرياض ترغب في إقامة شراكات مع القوى الآسيوية الكبرى، وخصوصا اليابان وكوريا (الجنوبية)، في مجالات الصناعة والتجارة والتكنولوجيا".
ويُتوقع أيضًا أن يحتلّ الذكاء الاصطناعي حيّزًا مهمًا من الزيارة، إذ ترغب مجموعة "سوفت بنك" اليابانية، الشريك القديم للسعودية، في أن تصبح رائدة عالمية، في حين تسعى الرياض إلى الحدّ من استخدامها للتكنولوجيا الصينية.
ويرى سليمان أن السعودية، الدولة "المؤثرة من بين البلدان العربية والإسلامية (...) القوة المالية التي هي في خضمّ تحوّلها الاجتماعي والاقتصادي"، يمكن أن تكون شريكًا مرغوبًا فيه لليابان، في سياق من التوترات الجيوسياسية العالمية من قطاع غزة إلى أوكرانيا.
ويعتبر أن "طوكيو سترتكب خطأً إذا لم تعزز شراكتها مع الرياض".