يعود مشهد سيّدة سوريا الأولى أسماء الأسد، بينما تضع وشاحاً على رأسها، معلنة أنّها تخضع لجلسات الكيميائيّ إثر إصابتها بسرطان الثدي، قبل خمس سنوات مضت، إلى الواجهة من جديد، لتُعلن أنّها على موعد مع رحلة علاج جديدة. وهذه المرّة باغتها سرطان "اللوكيميا"، وهي في عقدها الرابع تتحضّر لمشاريع عمل تعوّض من خلالها ما فاتها في رحلة العلاج الأولى.
الغزوة الثانية
لكنّ السرطان لا موعد لغزواته، فجدّد هجومَه بعد إعلان السيّدة الأولى أسماء الأسد الشفاء التامّ عام 2019، وفق الرئاسة السورية التي أعلنت في بيان: "بعد ظهور عدّة أعراض وعلامات سريرية مرضية تبعتها سلسلة من الفحوصات والاختبارات الطبية، تمّ تشخيص إصابة السيّدة الأولى أسماء الأسد بمرض الابيضاض النقويّ الحادّ (لوكيميا)".
وأضافت أنّها "ستخضع على إثره لبروتوكول علاجيّ متخصّص يتطلّب شروط العزل مع تحقيق التباعد الاجتماعيّ المناسب، وبالتالي ستبتعد عن العمل المباشر والمشاركة بالفعاليات والأنشطة كجزء من خطّة العلاج".
السيّدة الأولى
بعد اندلاع الحرب السورية، وما نتج عنها من ويلات وضحايا، فرضت بريطانيا عقوبات على مقرّبين من سيّدة سوريا الأولى، بتهمة تراكم "ثروات سيّئة على حساب الشعب السوريّ"، لكنّ والديها ما زالا يعيشان في لندن، بينما يعيش الشقيقان الآن في دمشق.
وعلى الرغم من اقتصار حضورها في السنوات الأولى من زواجها على دور الزوجة المرافقة لزوجها في المناسبات العامة والخيرية، إلّا أنّها بعد تماثلها للشفاء قبل سنوات حضرت بقوّة في المشهد السوريّ.
وسلّطت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية الضوء على "الدور القياديّ" والنفوذ الواسع لزوجة بشار الأسد على مختلف قطاعات الاقتصاد السوري، على الرغم من بدايتها المتواضعة في الحياة العامّة السوريّة.
وأضافت الصحيفة: "في الأماكن العامّة، تقدّم أسماء (48 عاماً) الرعاية للأمّهات وأسر العسكريين والأطفال المصابين بالسرطان والناجين من الزلزال، لكن في السرّ، حوّلت أسماء نفسها إلى موقع قوّة، حيث تساعد في تمكين النظام، وتظهر بصماتها بشكل واضح في عدّة قطاعات، مثل العقارات والبنوك والاتّصالات".
كيت و"إيما"
بين أميرة ويلز كيت ميدلتون وأسماء الأخرس المولودة هي الأخرى في لندن، ثمّة وجه شبه ليس في الإصابة بالمرض الخبيث الذي هاجمهما مبكراً فحسب، وإنّما في شخصية "الأنثى" الأنيقة والحالمة والناشطة في الشأن العامّ.
تحتضن لندن قصّتيهما، حيث ولدت أسماء في عائلة ثريّة. والدها طبيب القلب السوريّ فواز الأخرس ووالدتها سحر العطري ديبلوماسية سورية كانت تعمل في السفارة السورية في العاصمة البريطانية.
وفي بريطانيا تعرّفت السيدة السورية الأولى المعروفة هناك بـ"إيما" بالرئيس السوري بشّار الأسد بينما كان طبيباً متدرّباً في المستشفى نفسه حيث يعمل والدها. وكانت في حينه تعمل في مصرف "جي بي مورغان"، وقبله في "دويتشه بنك"، هي المصرفية الحاصلة على شهادة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر من كلية الملك التابعة لجامعة لندن عام 1996، والتي تتقن اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية.
حملة واسعة
وقبل اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، كانت أسماء الأسد محطّ أنظار الإعلام الغربي الذي أضاء على أناقتها وثقافتها، إلّا أنّ صمتها إزاء النزاع في بلادها عرّضها لحملة واسعة ضدّها، سيّان على مواقع التواصل أو من المعارضة السورية.
قبل خمس سنوات أعلنت أسماء الأسد في مقابلة مصوّرة "رحلتي انتهت.. الحمد الله خلّصت، انتصرت على السرطان بالكامل".
الرحلة تبدأ من جديد، وربما يكون فيها هذه المرّة معاناة أكبر، نظراً إلى الجسد المنهك من علاج سابق، فهل يحالفها الحظّ وتطلّ مجدّداً لتزفّ خبر الشفاء لمصابات كثيرات مثلها ينتظرن الشفاء ليتأمّلن في أحوالهنّ خيراً.