تعرضت مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، الثلثاء، لغارات جوية وقصف إسرائيلي، غداة تنديد عالمي بالضربة التي استهدفت مساء الأحد مخيما للنازحين في المدينة وتسبّبت بمقتل 45 شخصا، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
ودخل الثلثاء قرار ثلاث دول أوروبية، إسبانيا والنروج وإيرلندا الاعتراف بدولة فلسطين، حيز التنفيذ، وردّت إسرائيل بغضب على لسان وزير خارجيتها الذي اتهم رئيس الوزراء الإسباني بالتواطؤ في "التحريض على إبادة اليهود".
وأفاد مراسلون لوكالة فرانس برس وشهود في رفح الثلثاء عن قصف مدفعي وغارات جوية على وسط وغرب مدينة رفح المحاذية للحدود المصرية.
وسيطرت القوات الإسرائيلية في السابع من أيار على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتنفّذ عمليات عسكرية في المدينة التي تعتبرها آخر معقل رئيسي لحركة حماس في القطاع المحاصر.
وقالت فاتن جودة (30 عاما) لوكالة فرانس برس من حي تل السلطان في غرب رفح "لم ننم طوال الليل، فالقصف من كل الاتجاهات بشكل عشوائي، قصف مدفعي وجوي".
وأضافت "الوضع الليلة كان مخيفا للغاية. رأينا الجميع ينزح من جديد بسبب خطورة الوضع. نحن أيضًا سوف نخرج الآن ونتجه إلى المواصي خوفًا على حياتنا".
وقبل دخوله رفح، دعا الجيش الإسرائيلي سكان الأحياء في شرق المدينة الى الانتقال الى "المنطقة الآمنة" في المواصي. وتقول المنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية إن المنطقة غير مجهزة بالماء والبنى التحتية ولا تصلح للنزوح.
وقتلت امرأة في قصف على مبنى في رفح، وفق ما ذكر طبيب في المستشفى الإماراتي في المدينة.
كذلك، أفاد مراسل لوكالة فرانس برس عن قصف وإطلاق نار كثيف في أحياء عدة في مدينة غزة في شمال القطاع حيث تسبّبت ضربة على منزل بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح، وفق شهود.
أ ف ب
أ ف ب
- اجتماع طارئ -
ويأتي ذلك بعد يومين على قصف إسرائيلي على مخيم للنازحين في شمال غرب رفح تسبب باندلاع حريق وبمقتل 45 شخصا وجرح 249 آخرين، وفق وزارة الصحة في قطاع غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه فتح تحقيقاً في الغارة. وكان أعلن أنه استهدف مجمّعا لحركة حماس وقتل قياديين اثنين في الغارة.
ووصف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الضربة بأنّها "حادث مأسوي".
وأثارت الغارة تنديدا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وفرنسا والصين، فضلا عن الولايات المتحدة ومصر وقطر، الدول الوسيطة في جهود التوصل لوقف لإطلاق النار في الحرب الدائرة منذ نحو ثمانية أشهر، بالإضافة الى عدد كبير آخر من دول العالم.
ودعت واشنطن حليفتها إسرائيل إلى "اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين". وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي إن "الصور الكارثية... تفطر القلب" بعد الغارة التي "أسفرت عن مقتل عشرات الأبرياء الفلسطينيين".
في باريس، تظاهر قرابة عشرة آلاف شخص، حاملين أعلاما فلسطينية ولافتات كتب عليها "كفى قصفا! فلسطين حرة!".
وندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بالضربة الإسرائيلية على رفح، قائلا في منشور على منصة "إكس"، "لا يوجد مكان آمن في غزة. يجب وضع حد لهذه الفظائع".
وقال مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث "القول إن الأمر يتعلّق ب+خطأ+ لا يعني شيئا للذين قتلوا وللذين يحاولون إنقاذ الأرواح".
وينعقد مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق الثلثاء في جلسة طارئة بناء على طلب الجزائر للبحث في الضربة الإسرائيلية الدامية على رفح.
وكانت محكمة العدل الدولية طلبت من إسرائيل "وقفا فوريا" لعمليتها في رفح و"لأي أعمال أخرى في محافظة رفح من شأنها أن تفرض على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرهم جسدياً".
وعلّق مسؤولون دوليون على "الصور المروعة" التي انتشرت بعد الغارة على مخيم النازحين الواقع قرب منشأة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وقال مدير الأونروا فيليب لازاريني إن الصزر "تدل على تحوّل رفح الى حجيم على الأرض".
وبدأت الحرب في قطاع غزة بعد هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول تسبّب بمقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
واحتُجز خلال الهجوم 252 شخصا رهائن ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في تشرين الثاني سمحت بالإفراج عن نحو مئة منهم، لا يزال 121 رهينة في القطاع، بينهم 37 توفوا، بحسب الجيش.
وردّا على هجوم حماس التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية"، تشن الدولة العبرية حملة قصف مدمر على قطاع غزة يترافق مع عمليات برية، ما تسبب بمقتل ما لا يقلّ عن 36050 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وتتزايد الضغوط على إسرائيل لوقف الحرب، بينما تحذّر الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة في القطاع المحاصر حيث لم تعد معظم المستشفيات تعمل.
ودخل الثلثاء قرار إسبانيا وإيرلندا والنروج الاعتراف بدولة فلسطين، حيز التنفيذ.
وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الثلثاء في إعلان مقتضب بالإسبانية والإنكليزية أن الاعتراف بدولة فلسطين "ضروري لتحقيق السلام"، مشددا على أن القرار لم يتخذ "ضد أي طرف وخصوصا ليس ضد إسرائيل".
وأضاف أن الاعتراف بدولة فلسطين يعكس "رفضنا التام لحماس التي هي ضد حلّ الدولتين".
وتعتبر إسرائيل هذا الاعتراف بمثابة "مكافأة" لحماس على هجومها على إسرائيل.
واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الثلثاء رئيس الوزراء الإسباني بالتواطؤ في "التحريض على إبادة اليهود" بعد اعتراف بلاده بدولة فلسطين.
وخاطب كاتس سانشيز عبر حسابه على منصة "إكس" بالقول "أنت متواطئ في التحريض على إبادة اليهود"، مشبها نائبة رئيس الوزراء الإسبانية يولاندا دياز بالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، إذ يدعون كلهم الى "إقامة دولة إرهابية إسلامية فلسطينية من النهر إلى البحر".