تشهد مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، الأربعاء، غارات إسرائيلية وقتالا في بعض شوارعها بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، وفق ما أفاد شهود، وذلك غداة جلسة لمجلس الأمن الدولي للبحث في مشروع قرار يدعو الى وقف فوري لإطلاق النار في المدينة الحدودية مع مصر.
وأفادت وزارة الصحة في حكومة حماس، الأربعاء، عن سقوط 75 قنيلا خلال الساعات الـ24 الماضية، ما يرفع الحصيلة الإجمالية للقتلى في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من تشرين الأول، إلى 36171، غالبيتهم من المدنيين.
وأفاد شهود وكالة فرانس برس عن معارك الأربعاء بين جنود إسرائيليين ومقاتلين فلسطينيين في بعض شوارع رفح.
وأطلقت مروحية إسرائيلية النار على وسط المدينة، فيما استهدف قصف مركّز قطاعا عند أطراف المدينة. وتحدّث الشهود عن وجود دبابات إسرائيلية في مناطق مختلفة من رفح لا سيما في الوسط.
وأعلنت حركة حماس إطلاق صواريخ على جنود قرب مخيم يبنا في رفح.
وقال سكان إن القصف الإسرائيلي المتواصل خلال الليل دمر العديد من المنازل في المنطقة التي فر منها معظم الناس بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء. وأفاد بعض السكان بأنهم رأوا ما وصفوه بأنها مدرعات آلية مسيرة تفتح النار من أسلحة رشاشة في بعض أجزاء المدينة.
وذكرت وكالة شهاب للأنباء التابعة لحماس وبعض السكان وصحافيون أن خدمات الإنترنت واتصالات المحمول انقطعت في بعض المناطق في الشرق والغرب وسط قصف إسرائيلي عنيف جوا وبرا. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ليس بوسعه تأكيد تلك التقارير.
وفي شمال القطاع، قصفت دبابات إسرائيلية أحياء عدة في مدينة غزة وتوغلت القوات أكثر في جباليا أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في القطاع. وقال سكان إن الجيش دمر تماما أحياء سكنية كبيرة في جباليا.
وقد دفعت إسرائيل بدبابات لتنفيذ هجمات سريعة في أنحاء رفح، ثم التقهقر في تحد لقرار محكمة العدل الدولية، وذلك لليوم الثاني، بعدما قالت واشنطن إن الهجوم الإسرائيلي هناك لا يصل إلى حد الاجتياح البري للمدينة الواقعة جنوب قطاع غزة.
وتقدمت الدبابات الإسرائيلية إلى قلب مدينة رفح للمرة الأولى أمس الثلثاء رغم أن محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل بوقف الهجوم على المدينة التي كانت تمثل آخر ملاذ من الحرب في القطاع.
وبعكس التكتيكات التي تستخدمها إسرائيل في الهجوم البري في باقي القطاع، قال سكان في رفح إن الدبابات الإسرائيلية توغلت في تل السلطان غرب المدينة وفي يبنا وقرب الشابورة في الوسط قبل التقهقر لمواقع قرب الحدود مع مصر.
قال تساحي هنغبي مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي سيطر على ثلاثة أرباع محور فيلادلفيا -وهو المنطقة العازلة بين غزة ومصر- ويهدف إلى السيطرة عليه بالكامل لمنع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من تهريب الأسلحة.
وأضاف أنه يتوقع أن يستمر القتال في غزة طوال عام 2024 على الأقل، في إشارة إلى أن إسرائيل ليست مستعدة للاستجابة للنداءات الدولية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس ومبادلة الرهائن الذين تحتجزهم الحركة بسجناء فلسطينيين.
وفي نيويورك، قدّمت الجزائر الثلثاء مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري" لإطلاق النار وإنهاء الهجوم الإسرائيلي على رفح.
وأعربت الصين عن أملها التصويت على النص هذا الأسبوع في وقت يلتقي مجلس الأمن الأربعاء لعقد اجتماعه الشهري حول الأراضي الفلسطينية.
ووزّع مشروع القرار الجزائري بعد اجتماع طارئ للمجلس لمناقشة غارة إسرائيلية أدت الأحد إلى اشتعال النيران في مخيم يزدحم بالنازحين في حي تل السلطان في شمال غرب مدينة رفح، ما أسفر عن مقتل 45 شخصا على الأقل وإصابة 249 آخرين بجروح، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأعلن الدفاع المدني في قطاع غزة الثلثاء مقتل 21 شخصا في غارة إسرائيلية جديدة على مخيم آخر للنازحين في رفح.
مستشفيات خارج الخدمة
وقالت وزارة الصحة في غزة إن مستشفيات عدة في المناطق التي ينفذ فيها الجيش عملياته توقفت عن العمل.
وطالب أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، بتوفير ممرات آمنة لإدخال الوقود والمساعدات الطبية وفرق طبية لرفح وشمال غزة على الفور.
وقال في بيان "الاحتلال الإسرائيلي تعمد تصفية الوجود الصحي في رفح والشمال... لا توجد قدرة صحية للتعامل مع المجازر المتلاحقة في رفح وشمال القطاع".
ولجأ نحو مليون فلسطيني إلى رفح في الطرف الجنوبي من القطاع في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على معظم أنحاء غزة خلال الحرب المستمرة منذ ما يربو على سبعة أشهر.
وذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس الثلثاء أن هذا العدد تقريبا فر الآن من رفح بعدما أمرت إسرائيل بالإخلاء.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه أجلى فرقه الطبية من المستشفى الميداني التابع له في المواصي، وهي منطقة مخصصة للمدنيين النازحين.
وأرجع قراره إلى "ازدياد حجم تهديدات الاحتلال واستمرار القصف المدفعي والجوي في محيطه وإخلاء المنطقة المحيطة به من السكان تماما".
وقالت محكمة العدل الدولية في حكمها الذي أصدرته يوم الجمعة إن إسرائيل لم توضح كيف ستحافظ على سلامة سكان رفح الذين تم إجلاؤهم وتوفر الغذاء والماء والدواء.
وقالت إسرائيل إن القرار يتيح المجال للقيام ببعض الأعمال العسكرية للقضاء على مسلحي حماس هناك.
وقال مسعفون ووسائل إعلام تابعة لحماس الأربعاء إن قصفا جويا إسرائيليا على مدينة خان يونس القريبة أودى بحياة ثلاثة خلال الليل من بينهم سلامة بركة وهو ضابط كبير سابق في شرطة القطاع.
وذكر الهلال الأحمر أن أحد موظفيه، وهو عصام عقل، سقط قتيلا في ضربة جوية إسرائيلية على منزله في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة.
وأضاف أن بمقتله يرتفع عدد الموظفين الذين قُتلوا منذ السابع من تشرين الأول إلى 30، منهم 17 على الأقل لقوا حتفهم في أثناء الخدمة.
وقال مصدر مطلع إن إسرائيل سلمت أحدث مقترحاتها لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن إلى قطر، وإنه من المفترض أن قطر سلمته إلى حماس أمس الثلثاء.
ولم يصدر تعليق بعد من حماس التي قالت إن المحادثات ستكون بلا جدوى ما لم توقف إسرائيل هجومها على رفح.
- "فقدت ولدين" -
واعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأربعاء في كلمة ألقاها أمام نواب حزبه أن "روح الأمم المتحدة ماتت في غزة"، كذلك انتقد "العالم الإسلامي" لعدم تحركه حيال الغارة الإسرائيلية على مخيم النازحين.
وأعلنت الولايات المتحدة الثلثاء أنها "لا تغضّ الطرف" عن معاناة المدنيين الفلسطينيين، لكنها لا ترى أن أفعال إسرائيل في رفح ترقى إلى عملية واسعة النطاق من شأنها أن تتخطى "الخطوط الحمر" التي حدّدها الرئيس جو بايدن.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي "لم نرهم يقتحمون رفح... لم نرهم يدخلون بوحدات كبيرة، بأعداد كبيرة من الجنود، بأرتال وتشكيلات ضمن عملية منسقة ضد أهداف عدة على الأرض"، مؤكدا أنه ينتظر نتائج التحقيق الإسرائيلي حول القصف على المخيم.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري الثلثاء إن "الذخائر" الإسرائيلية "وحدها لا يمكن أن تشعل حريقا بهذا الحجم"، في إشارة الى الضربة مساء الأحد على مخيم النازحين في حي تل السلطان في رفح، ومضيفا أن الجيش ألقى مقذوفتين تحملان 17 كيلوغراما من "المواد المتفجرة" مستهدفا اثنين من كبار قادة حماس.
ودخل الجيش الإسرائيلي رفح في السابع من أيار. ومنذ السادس من أيار، تاريخ توجيه الجيش إنذارا بإخلاء الأحياء الشرقية من رفح قبل دخول دباباته، فرّ حوالى مليون شخص من المدينة التي كان يتكدّس فيها أكثر من 1,4 مليون فلسطيني معظمهم نازحون من مناطق أخرى.
وأغلق معبر رفح مع مصر منذ دخول القوات الإسرائيلية، وبات دخول المساعدات الإنسانية الأساسية لسكان قطاع غزة شبه متوقف.
وللمرة الأولى منذ 13 أيار، تمكّنت منظمة الصحة العالمية من الوصول إلى شمال قطاع غزة لتسليم الوقود والمعدّات إلى المستشفى الأهلي، حسبما أعلن المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس
في التطورات الأخرى على الأرض، أفاد الدفاع المدني عن انتشال ثلاث جثث من أنقاض منزل أصيب بقصف إسرائيلي في خان يونس بجنوب قطاع غزة.
وقال رامي أبو جزار بعد أن ودّع طفليه الملفوفين بكفن أبيض "فقدت اثنين من أولادي"، هما حيدر البالغ 8 سنوات ومكة، ابنته الوحيدة البالغة خمس سنوات.
- ضغوط -
وبدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول تسبّب بمقتل 1189 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أحدث البيانات الإسرائيلية الرسمية.
واحتُجز خلال الهجوم 252 رهينة ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في تشرين الثاني سمحت بالإفراج عن نحو مئة منهم، لا يزال 121 رهينة محتجزين في القطاع، بينهم 37 توفوا، بحسب الجيش.
وردت إسرائيل متوعدة بـ"القضاء" على حماس، وهي تشن منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36171 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وقتل 292 جنديا إسرائيليا منذ بدء العمليات البرية في القطاع في 27 تشرين الاول، بحسب الجيش.
وتتصاعد الضغوط الديبلوماسية والتحركات في العالم مطالبة إسرائيل بوقف الحرب.
وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ الأربعاء لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء في بيجينغ أن "هذه الحلقة الجديدة من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أوقعت عدد كبيرا من الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين الأبرياء والوضع الإنساني في غزة بالغ الخطورة"، مضيفا أن "الصين يؤلمها بشدة" ما يحصل، وفق ما أفاد التلفزيون العام الصيني "سي سي تي في".
واستدعت البرازيل سفيرها في إسرائيل فريديريكو ماير بالاساس ولا تعتزم تعيين بديل عنه في الوقت الحاضر، على ما أفاد مصدر ديبلوماسي وكالة فرانس برس الأربعاء.
ووقعت مواجهات الثلثاء أمام السفارة الإسرائيلية في مكسيكو بين الشرطة ومتظاهرين كانوا يحتجون على الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وفق صحافيين في وكالة فرانس برس.