أفاد شهود في رفح بوقوع قصف مدفعي وإطلاق نار كثيف الخميس في المدينة الواقعة بأقصى جنوب قطاع غزة غداة إعلان الجيش الإسرائيلي سيطرته على محور فيلادلفيا الاستراتيجي الفاصل بين القطاع الفلسطيني ومصر.
ورغم الغضب الدولي إزاء القصف الدامي الذي وقع الأحد على مخيم للنازحين قرب رفح، يواصل الجيش الإسرائيلي هجومه البري في المنطقة المكتظة بالسكان في جنوب قطاع غزة والذي بدأ في 7 أيار بهدف معلن هو القضاء على آخر كتائب حماس.
بعد بدء العمليات في شرق المدينة، تقدمت القوات الإسرائيلية غربا، ما أدى إلى فرار جماعي لحوالي مليون شخص خلال ثلاثة أسابيع، وفقا للأمم المتحدة، معظمهم نزحوا مجددا على الطرق المؤدية إلى مناطق مكتظة في القطاع المحاصر.
وفي بكين التي تستضيف منتدى صينيا عربيا، حض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس المجتمع الدولي على "التصدي لكل محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم"، فيما دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى عقد "مؤتمر سلام دولي موسّع" لوضع حد للنزاع مؤكدا أنه "لا ينبغي للعدالة أن تغيب إلى الأبد".
وحذّر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي في مقابلة مع هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان) بأن الحرب في غزة قد تستمر "سبعة أشهر إضافية لتعزيز نجاحنا وتحقيق أهدافنا، أي تدمير سلطة حماس وقدراتها العسكرية".
وبموازاة الحرب في غزة، نشر الجيش الإسرائيلي قوات الخميس في عدد من مدن الضفة الغربية المحتلة بعد "هجوم دهسا بسيارة" أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين في العشرين من العمر قرب نابلس.
قصف في أنحاء القطاع
أفاد شهود عيان بوقوع قصف مدفعي مكثف وإطلاق نار في مناطق غرب ووسط مدينة رفح. كما طالت الضربات قطاع تل زعرب في الغرب.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ليل الأربعاء الخميس مقتل اثنين من مسعفيها في ضربة "مباشرة" نفذها الجيش الإسرائيلي على سيارة إسعاف تابعة لها في غرب رفح.
في مدينة غزة (شمال)، وقع قصف مدفعي على حي الزيتو، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.
وفي شمال القطاع أيضا، استهدف الجيش مخيم جباليا وبيت لاهيا، مع تصاعد الدخان فوق هذه المناطق، بحسب شهود عيان.
وفي خان يونس بجنوب قطاع غزة، أفاد الدفاع المدني الفلسطيني عن انتشال ثلاث جثث من أنقاض منزل أصيب بقصف إسرائيلي.
يأتي ذلك غداة إعلان الجيش على محور فيلادلفيا الذي يمتد مسافة 14 كلم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر.
وأعلن الجيش العثور "على نحو 20 نفقا في منطقة محور فيلادلفيا"، الذي يقول إن الفصائل المسلحة في القطاع تستخدمه للتهريب.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري إن حماس استخدمت محور فيلادلفيا "كشريان الأكسجين" ولـ"تهريب الوسائل القتالية إلى داخل قطاع غزة بشكل دائم".
وأضاف هغاري أن القوات الإسرائيلية "عثرت على نحو 20 نفقا في منطقة محور فيلادلفيا"، بما في ذلك "بنى تحتية إرهابية متطورة شرق رفح، بطول 1,5 كلم وعلى بعد نحو مئة متر من معبر رفح".
غير أن مصر نفت وجود أنفاق عند الحدود مع قطاع غزة واتهم مسؤول مصري كبير إسرائيل بـ"توظيف هذه الادعاءات لتبرير مواصلة عملية رفح وإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية"، وفق ما أوردت قناة "القاهرة الإخبارية" المقربة من المخابرات المصرية.
وكان المحور بمثابة منطقة عازلة على حدود قطاع غزة مع مصر، وسيّرت القوات الإسرائيلية دوريات فيه حتى عام 2005 عندما سحبت إسرائيل قواتها في إطار خطة فك الارتباط مع قطاع غزة.
وأغلق معبر رفح مع مصر منذ سيطرة القوات الإسرائيلية عليه، وبات دخول المساعدات الإنسانية الأساسية لسكان قطاع غزة شبه متوقف.
وفي اتصال هاتفي الأربعاء مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "مباشرة إصلاحات حيوية" في السلطة الفلسطينية، تمهيدا "للاعتراف بدولة فلسطينية"، مؤكدا "عزم فرنسا على العمل مع الجزائر وشركائها في مجلس الأمن" الدولي "لكي يعبر عن موقف قوي حيال رفح"، على ما أفادت الرئاسة الفرنسية في بيان.
قنابل أميركية
وأوردت صحيفة نيويورك تايمز وشبكة سي إن إن الأميركية استنادا خصوصا إلى تحليل لمشاهد شظايا الذخائر بعد الضربات على مخيم اللاجئين في رفح أن الجيش الإسرائيلي استخدم قنابل أميركية من طراز جي بي يو-39 مزودة بشحنة ناسفة وزنها حوالى 17 كلغ.
وكان مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون كيربي صرح بعد الضربات أن الإسرائيليين قالوا إنهم استخدموا قنابل وزنها حوالى 17 كلغ، واعتبر أن هذا الوزن لا يمثل "قنبلة كبيرة"، مؤكدا أن الولايات المتحدة تنتظر نتائج التحقيق الإسرائيلي حول الضربات.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن إسرائيل بحاجة لوضع خطة لما بعد الحرب في أسرع وقت ممكن محذرا بأنه "بدون خطة لليوم التالي، لن يكون هناك يوم تال".
وبدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أحدث البيانات الإسرائيلية الرسمية.
واحتُجز خلال الهجوم 252 رهينة ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في تشرين الثاني/نوفمبر سمحت بالإفراج عن نحو مئة منهم، لا يزال 121 رهينة محتجزين في القطاع، بينهم 37 لقوا حتفهم، بحسب الجيش.
وردت إسرائيل متوعدة بـ"القضاء" على حماس، وهي تشن منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36224 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وتسببت الحرب بدمار هائل، وشردت غالبية سكان غزة الذين يقدر عددهم بنحو 2,4 مليون نسمة، وتسببت بكارثة إنسانية كبرى.