النهار

يهوديّة موّلت الحراك الجامعيّ الدّاعم لفلسطين في الولايات المتّحدة... من تكون راشيل جيلمان؟
المصدر: "النهار"
​صدمة في إسرائيل، وأكثر من علامة استفهام لدى الجالية العربية في واشنطن بشأن تمويل الحراك الجامعي المناهض لإسرائيل في الجامعات الأميركية، ولاسيما كولومبيا. فالأعداد الكبرى من الشباب الذين شاركوا في الإحتجاجات، إنما نزلوا إلى الشوارع وباحات الحرم الجامعي بطريقة عفوية إثر المجازر التي نقلها بمعظمها الإعلام العربي بكل الصور الموجعة عن أطراف أطفال تمزقت في الهواء وجثث ومعوقين بالآلاف. لكن هذا الحراك ما كان من الممكن أن يصمد لولا أنه لاقى التمويل اللازم للخيم وتنقلات الطلاب وحاجات البقاء في الشارع. والصدمة أنّ التمويل الرئيسي جاء من قبل منظمة يهودية داعمة للسلام تدعى صندوق "بافرايونغ"، وتحديدا من قبل رئيسته راشيل جيلمان، ابنة الثلاثة وثلاثين عاماً، سليلة عائلة ثرية أسست ماركة "الجينز" (LEVIS )، والداعمة للديموقراطيين، وتحديداً الرئيس الأميركي جو بايدن.
يهوديّة موّلت الحراك الجامعيّ الدّاعم لفلسطين في الولايات المتّحدة... من تكون راشيل جيلمان؟
راشيل جيلمان
A+   A-
رولا عبدالله
 
  صدمة في إسرائيل، وأكثر من علامة استفهام لدى الجالية العربيّة في واشنطن بشأن تمويل الحراك الجامعيّ المناهض لإسرائيل في الجامعات الأميركيّة، ولاسيّما كولومبيا. فالأعداد الكبرى من الشباب الذين شاركوا في الاحتجاجات، إنّما نزلوا إلى الشوارع وباحات الحرم الجامعيّ بطريقة عفويّة إثر المجازر التي نقلها بمعظمها الإعلام العربيّ بكلّ الصور الموجعة عن أطراف أطفال تمزّقت في الهواء، وجثث ومعوّقين بالآلاف. لكنّ هذا الحراك ما كان من الممكن أن يصمد لولا أنّه لاقى التمويل اللازم للخيم وتنقّلات الطلاب وحاجات البقاء في الشارع. والصدمة أنّ التمويل الرئيسيّ جاء من قبل منظّمة يهوديّة داعمة للسلام تُدعى صندوق "بافرايونغ"، وتحديداً من قبل رئيسته راشيل جيلمان، ابنة الثلاثة والثلاثين عاماً، سليلة عائلة ثريّة أسّست ماركة "الجينز" (LEVIS)، والداعمة للديموقراطيّين، وتحديداً الرئيس الأميركيّ جو بايدن.
 
وإذا كان اعتبار دعم المنظمة للحراك المناهض لحكومة بنيامين نتنياهو وراءه شدّ حبال بين بايدن والأخير للضغط عليه أكثر، فإنّ هذا الجانب موجود لكنّه لا يلغي تاريخ المنظمة الداعم للسلام والتي أودعت فيها عائلة راشيل نحو مليون وثلاثماية ألف دولار في صندوقها التشاركيّ. فمن تكون راشيل، الوجه الآخر لحراك الطلّاب الداعم لفلسطين؟

راشيل ابنة الرئيسة السابقة لمنتدى السياسة الإسرائيليّة في أميركا سوزي جيلمان، وحفيدة مؤسّس ماركة الثياب الشهيرة "Levis". تسلّمت رئاسة الصندوق عام 2019، ليغدو بين أكثر الداعمين الماليين للجنة "ويستشستر" (لجنة للعمل من أجل السلام WESPAC). والأخيرة دعمت الجماعات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأميركيّة، وفقاً لتقرير حديث نشره معهد دراسات السياسة العالميّة ومعاداة الساميّة (ISGAP).
 
 
اختار بايدن والدتها سوزي لتكون مرشّحةً لمنصب سفيرة أميركا في إسرائيل، لكنّ الحظّ لم يحالفها بالنظر إلى علامات التعجّب المثارة حول علاقة لجنة "ويستشستر" بدعم الطلّاب الوطنيّين من أجل العدالة في فلسطين (NSJP)، وهي المنظمة الجامعة لطلّاب من أجل العدالة في فلسطين (SJP)، وإحدى الداعمين الرئيسيّين للاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الحرم الجامعيّ، والتي بدأت في الولايات المتّحدة في وقت سابق من هذا العام، وانتشرت في الجامعات في جميع أنحاء العالم.
 
 
وفي مفارقة صدمت الصحافة العبرية، وبينها هآرتس"، تبيّن أنّ لجنة "ويستشستر" على علاقة طيّبة مع مجموعات مؤيّدة حركة "حماس"، وتوفّر لمنظمة الجامعة لطلّاب من أجل العدالة في فلسطين (SJP) الغطاء اللازم لعدم خضوعها للمساءلة لجهة مصادر الدعم والتمويل، بما يسمح بتعزيز موقعها وأهدافها في الجامعات الأميركيّة. أمّا المموّل الأكبر لجميع هذه الجامعات، تبيّن أنّه صندوق "بافرايونغ" (Bafrayung)، بقيمة نحو 300 ألف دولار.
 
يعني ذلك أنّ عشرات الآلاف من الدولارات التي تمّ ضخها إلى المنظمات المشاركة في التظاهرات الأخيرة المناهضة لإسرائيل في حرم الجامعات مصدرها ثروة واحدة من أكثر العائلات اليهودية احترامًا ونشاطًا سياسيًّا في أميركا - وهي عائلة تضمّ عضوًا في الكونغرس الأميركيّ ومنافسًا سابقًا لمنصب سفير إلى القدس، و تدين بثروتها لسلالة ليفي شتراوس الذي ولد في ألمانيا وهاجر إلى أميركا عام 1847 حيث عمل في الذهب، ومن ثمّ انتقل إلى تصميم قماش الجينز المصبوغ بالأزرق ليستخدمه في تصميم السراويل بدلاً من الخيش. وفي حينه لقي التصميم رواجاً واسعاً عرض على صفحة فوغ لأوّل مرّة عام 1935، ومنه استوحت دار الأزياء "كالفين كلاين" تصاميمها، ليغدو الجدّ بماركة الثياب التي ابتكرها الأكثر شهرة وغنى في العالم.

 
  بالعودة إلى صندوق الحفيدة "بافرايونغ"، يظهر أنّه بين أكثر المنظمات الداعمة للطلّاب الفلسطينيين. وقد صنّف تقرير حديث حَظِيَ بتغطية إعلامية كبيرة من قبل معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية، وهو مركز أبحاث مدعوم من إسرائيل، صندوق "بافرايونغ" باعتباره الراعي الأكبر المنفرد للمجموعات الناشطة المؤيدة للفلسطينيين المشاركة في تظاهرات الحرم الجامعي والأنشطة المرتبطة بها.
 
ومن الجدير بالذكر أنّ كلّ واحدة من هذه المنظمات استخدمت الشعار المثير للجدل "من النهر إلى البحر"، والذي يفسّره المنتقدون على أنه لا يدعو إلى وجود دولتين متعايشتين بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، بل إلى انقراض إسرائيل ككيان سياسيّ. ويشكّك البعض، بما في ذلك النائبة رشيدة طليب (ديمقراطيّة من ولاية ميشيغان)، في هذا التوصيف.
 
وعلى الرغم من كون مقر الصندوق في كاليفورنيا، تعيش راشيل في إحدى دول الخليج العربيّ، وهي ابنة عم النائب الديموقراطيّ عن نيويورك دان غولدمان. وللتأكد من حقيقة دعم الصندوق للتظاهرات، حاولت صحيفة "دايلي بيست" الاتّصال بها لمزيد من المعطيات، لكنّ مجيباً آليّاً صوتيّاً ردّ بالآتي: "عذراً راشيل ليست في الخدمة. إنّها في إجازة أمومة".
 
 
ووفقا لتقرير عام 2013 في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن انخراط سوزي جيلمان في القضايا اليهودية بدأ مبكرا، إذ التقت بزوجها من خلال مجموعة شبابية من المنظمة التي تسمى الآن الاتحادات اليهودية في أميركا الشمالية، والتي سيتولى فيها كلاهما فيما بعد أدوارا قيادية. ويمتلك الزوجان مجموعة Mid-Atlantic Media Group، التي تنشر صحيفة "بالتيمور جويش تايمز"، و"فيلادلفيا جويش إكسونينت"، و"أسبوعية واشنطن اليهودية".
 
ويشير التقرير نفسه إلى أنّ ارتباط سوزي بإسرائيل بدأ أيضًا عندما كانت صغيرة، حيث قامت بأوّل رحلة لها عام 1970. وهو العام الذي بلغت فيه السادسة عشرة من عمرها. وتذكر صحيفة "هآرتس" أيضًا أنّه خلال الانتفاضة الثانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بعد موجة من العنف اتسمت بالتفجيرات الانتحارية التي استهدفت المدنيين الإسرائيليين، وجدت أنّها "لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي بينما يعاني الإسرائيليون من مثل هذه الصدمة" وتطوعت في أحد مستشفيات القدس.

وفي الآونة الأخيرة، عملت من عام 2016 حتى عام 2023 كرئيسة لمنتدى السياسة الإسرائيلية، وهي منظمة تم إطلاقها في التسعينات لدعم مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية. استخدمت جيلمان المنصة لانتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعناصر في ائتلافه اليميني، لدرجة أنّ صحيفة هآرتس قالت إنّ تعيينها سفيرة لدى إسرائيل كان من شأنه أن "يرسل رسالة لا يمكن إنكارها من إدارة بايدن" إلى الحكومة الحالية.


 
 ولكن حتّى فى وسط هذه التوتّرات مع القيادة الحالية للبلاد، تمّ تصنيف عائلة جيلمان من بين أكبر المموّلين لمؤسّسة "بيرثرايت" لحفظ حقوق الإسرائيليّين، والتي تنظّم رحلات مجّانية للشباب اليهود لزيارة إسرائيل. وكانت دعمت عائلة جيلمان صندوق "بافرايونغ" بأكثر من ثلاثة ملايين دولار.

لعلّها شبكة عنكبوتيّة كبرى تدرج تحت لوائها دعم المتخاصمين: "من مع من؟". يبقى السؤال الذي يجمع بين إسرائيل وواشنطن وفلسطين وحركة حماس في مركب واحد.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium