قصفت الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية مختلف أنحاء قطاع غزة، من شماله إلى جنوبه، في حين تزداد النداءات والضغوط الدولية والشرق أوسطية خشية إفشال خطة لوقف إطلاق النار والافراج عن الرهائن كشف عنها الرئيس الأميركي جو بايدن ولم تعلن إسرائيل ولا حماس موقفا واضحاً منها.
خلال هجومها على رفح أغلقت إسرائيل المعبر الإنساني مع مصر فأعاقت دخول المساعدات الإنسانية، ما زاد من معاناة السكان المهددين بالمجاعة. كذلك، أجبر الجيش مليون شخص على النزوح من رفح شمالا إلى المواصي حيث وصفت منظمة أوكسفام البريطانية الخيرية الأوضاع بأنها "مروِّعة".
وقالت واشنطن إنها ستسعى إلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لدعم الخطة المكونة من ثلاث مراحل والتي لاقت ترحيباً واسعا.
وتقترح الخطة التي قدمها بايدن الجمعة على أنها خطة إسرائيلية وقف القتال خلال فترة أولى من ستة أسابيع وتبادل رهائن مع فلسطينيين معتقلين في إسرائيل، قبل بدء إعادة إعمار غزة. غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أن القتال لن يتوقف إلا موقتا للافراج عن المحتجزين، وأن أحد أهداف إسرائيل الرئيسية يظل تدمير حماس.
أما حماس التي سيطرت في 2007 على قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه 2,4 مليوني نسمة، فقالت إنها تنظر إلى المقترح "بإيجابية"، لكنها لم تدلِ بأي تعليق رسمي منذ ذلك الحين، علمًا أنها أصرت في السابق على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من غزة.
والثلثاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري "لم نر بعد موقفاً واضحاً للغاية من الحكومة الإسرائيلية... قرأنا وشاهدنا التصريحات المتناقضة الصادرة عن الوزراء الإسرائيليين، وهو ما لا يعطينا ثقة كبيرة بوجود موقف موحّد في إسرائيل تجاه هذا المقترح الحالي المطروح على الطاولة".
وأردف المتحدث الذي تشارك بلاده في الوساطة "لم نر أي تصريحات من الجانبين تمنحنا الكثير من الثقة في العملية"، مع تأكيده استمرارها.
وانتقد بايدن نتنياهو في مقابلة مع مجلة تايم نشرت الثلثاء، بقوله إن هناك "كل الأسباب" للاستنتاج بأن نتنياهو يطيل أمد حرب غزة لإنقاذ نفسه سياسيا.
من جانبه دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حماس إلى قبول الخطة ودعا إلى إعادة الرهائن وإنهاء معاناة فلسطينيي غزة.
على الأرض، تستمر الحرب بلا هوادة موقعة المزيد من القتلى والمصابين لا سيما بين المدنيين في القطاع المدمر الذي يتضور سكانه جوعا ومعظمهم نزحوا مرات عدة بحثا عن أمان هش.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف 65 موقعًا بالضربات الجوية والمدفعية وخاض قتالاً بريًا مع مقاتلي حماس وفصائل أخرى.
وقال مراسلو وكالة فرانس برس وشهود إن القصف والغارات استهدفت ليلاً مدينة غزة ومنطقة رفح. وقال جهاز الدفاع المدني في غزة إنه تم انتشال أربع جثث من منزل تعرض للقصف في مخيم البريج في الوسط، وثلاث أخرى من تحت أنقاض مبنى مدمر في مدينة غزة. وفي دير البلح، في الوسط، قُتل ثمانية من رجال الشرطة، بحسب المكتب الصحافي لحماس.
وبعد قرابة شهر على بدء الهجوم البري على رفح في جنوب القطاع، وهو ما قالت إسرائيل إنه المرحلة الأخيرة من الحرب، استهدفت الغارات الجوية الثلثاء شرق المدينة ووسطها بحسب شهود ومسؤول محلي. وأفاد أحد الشهود بإطلاق نيران المدفعية على خان يونس التي دمرها الجيش الإسرائيلي، على بعد بضعة كيلومترات من رفح.
سيطرت إسرائيل منذ دخولها رفح في 7 أيار على مواقع استراتيجية، مثل معبر رفح ومحور فيلادلفيا الحدودي. لكن القتال استؤنف في قطاعات عدة من شمال قطاع غزة ووسط كان أكد الجيش سابقا سيطرته عليها.
وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على "فشل" استراتيجية إسرائيل، على ما يؤكد مايكل ميلشتين، المتخصص في القضايا الفلسطينية في جامعة تل أبيب. ويقول الباحث: "منذ كانون الثاني أو شباط، اتبعت إسرائيل استراتيجية العمليات المحدودة والدقيقة، بدلاً من البقاء في كامل المنطقة... لقد فشلت هذه الإستراتيجية".
ونعت إسرائيل الثلثاء أربعة رهائن قتلوا في غزة ممن اختطفوا خلال هجوم حماس في 7 تشرين الأول. لكن جثثهم ما زالت لدى حماس.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري إنه يُعتقد أنهم "قتلوا معاً في منطقة خان يونس خلال عمليتنا هناك ضد حماس".
وقال منتدى عائلات الرهائن الذي شارك في سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة باتفاق هدنة، "كان يجب أن يعودوا أحياء إلى بلادهم وعائلاتهم".
واحتشد المئات في تل أبيب مساء الاثنين متهمين الحكومة بالتخلي عن الرهائن وقالت قريبة أحدهم إن "أيديهم ملطخة بالدم. كان يجب أن يعودوا أحياء وليس في نعوش".
أ ف ب
- أكثر من كارثي -
اعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلثاء تأييده لمقترح بايدن. وقال إن "أي مبادرة تؤدي إلى وقف لإطلاق النار يفضي إلى إنهاء ما يحدث الآن هي بالطبع موضع ترحيب".
وعن الوضع في غزة قال "لم نعد نعرف حتى كيف نصفه. إنه أكثر من هش. إنه أكثر من كارثي".
وقال إن الأسس والمعايير المتعلقة بإدارة الحرب "تُنتهك بوحشية" و"لا أمان داخل غزة وهو وضع مأسوي للغاية".
كذلك، حث مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينسلاند على قبول مقترح الهدنة وكتب على موقع إكس، قائلاً إنه "لا يوجد بديل، وأي تأخير، يكلف كل يوم ببساطة المزيد من الأرواح".
اندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق نفذته حماس في 7 تشرين الأول داخل إسرائيل، وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 120 منهم في غزة، من بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وترد إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 36550 شخصًا في غزة، معظمهم أيضًا من المدنيين، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
ووفقا للجيش الإسرائيلي، قُتل 294 جنديا في القتال في غزة منذ بدء الهجوم البري في 27 تشرين الأول.
وتعرض نحو 55% من المباني في غزة للتدمير أو الضرر منذ اندلاع الحرب، وفقاً لوكالة تحليل معطيات الأقمار الاصطناعية التابعة للأمم المتحدة.
أ ف ب
- مرحاض لكل 4 آلاف نازح -
قبل هجومها على رفح أجبرت القوات الإسرائيلية مليون شخص على النزوح شمالا إلى المواصي حيث أعلنت إقامة "منطقة إنسانية". لكن منظمة "أوكسفام" الخيرية تحدثت الثلثاء عن أوضاع "مروِّعة".
وقالت في بيان إن "الظروف المعيشية مروعة لدرجة أنه لا يوجد في المواصي سوى 121 مرحاضًا لكل 500 ألف شخص - ما يعني أنه يتعين على كل 4130 شخصًا أن يتشاركوا مرحاضا واحدا".
ونقلت "أوكسفام" عن ميرا وهي موظفة في المنظمة موجودة في المواصي بعدما اضطرت للنزوح سبع مرات قولها إن "الوضع غير إنساني. الظروف لا تطاق، لا توجد مياه نظيفة، ويضطر الناس إلى استخدام مياه البحر".
وقالت "أوكسفام" في التقرير الذي جاء بعنوان "خطر المجاعة يزداد بينما تجعل إسرائيل المساعدات إلى غزة مستحيلة" إنه في حين أن "1,7 مليون نسمة" يتركزون حاليا في "أقل من خُمس قطاع غزة"، فإن "القصف الجوي والبري المتواصل الذي تنفذه إسرائيل والعرقلة المتعمدة للاستجابة الإنسانية يجعلان عملياً وصول المنظمات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين والجائعين مستحيلاً".
في الشمال، يتبادل الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني القصف والنيران بشكل شبه يومي عبر الحدود، مما تسبب في سقوط قتلى وعمليات إجلاء ونزوح جماعية على الجانبين.
ومع ارتفاع درجات الحرارة، أدت هجمات صاروخية من لبنان إلى إشعال حرائق اجتاحت أراضي مغطاة بالأشجار وأراضي زراعية ودفعت إلى إخلاء جزء من بلدة كريات شمونة في شمال شرق إسرائيل.