خطر المجاعة يُهدّد أهالي غزة (أ ف ب).
كشفت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، اليوم، أنّ بعض سكان غزة يضطّرون إلى شرب مياه الصرف الصحي وتناول علف الحيوانات، داعيةً إلى زيادة وصول المساعدات على الفور إلى القطاع المحاصر.
كذلك حذرت حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنطقة شرق البحر المتوسط في منظمة الصحة العالمية، من أنّ الحرب بين إسرائيل و"حماس" كان لها تأثير غير مباشر على الرعاية الصحية في جميع أنحاء المنطقة.
وأكدت الخبيرة في صحة الأطفال في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، في جنيف، أنّ ما يجري سيكون له آثار خطرة ومستمرّة على الأطفال.
وأضافت أنّه داخل القطاع "هناك أناس يأكلون الآن طعام الحيوانات، ويأكلون العشب، ويشربون مياه الصرف الصحي"، موضحةً أنّ "الأطفال بالكاد يحصلون على الطعام، بينما الشاحنات تقف خارج رفح".
ظروف متدهورة
وتُحذّر الأمم المتحدة من أنّ المجاعة تلوح في الأفق في غزة، حيث يواجه 1,1 مليون شخص أي نحو نصف السكان، مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، اليوم، إنّ القيود المفروضة على دخول المساعدات "لا تزال تقوض التوصيل الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في جميع أنحاء غزة"، وإنّ الظروف "تدهورت أكثر" في شهر ايار. ويدخل قدر ضئيل من المساعدات بشكل رئيسي عبر معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل.
وبحسب بلخي التي تولَّت منصبها في شباط الماضي، فإنّ قطاع غزة بحاجة إلى "السلام، السلام، السلام"، بالإضافة إلى زيادة كبيرة في وصول المساعدات عن طريق البر.
وبعد زيارة قامت بها أخيراً إلى معبر رفح من مصر إلى جنوب قطاع غزة - وهو ممرّ حيوي للمساعدات أغلقته القوات الإسرائيلية أوائل الشهر الماضي - حضّت إسرائيل على "فتح تلك الحدود".
وأشارت أنّ كرم أبو سالم "ليس كافيا"، وأن الجهود في الممرات البحرية وعمليات الإنزال الجوي لم تعد منطقية في ظل وجود طرق برية أقل تكلفة وأكثر فعالية و"تصطف الشاحنات" خارجها.
وأعربت بلخي عن استيائها خصوصاً من منع المعدات الطبية التي تعتبر "ذات استخدام مزدوج"، وهي أجهزة تقول إسرائيل إنّه يمكن استخدامها لأغراض عسكرية.
وقالت الطبيبة السعودية: "نحن نتحدث عن أجهزة التنفس الاصطناعي، والمواد الكيميائية لتنقية المياه النظيفة".
الصحة النفسية للاطفال
إلى ذلك، شدّدت بلخي على الاحتياجات الماسّة للمرضى في غزة، حيث يحتاج ما يصل إلى 11 ألف مريض وجريح في حالة حرجة إلى الإخلاء الطبي.
وقالت"المرضى الذين يخرجون يعانون من بعض الإصابات المعقدة للغاية: كسور متعددة، وجراثيم مقاومة للأدوية المتعددة، وأطفال يعانون من تشوهات كبيرة".
وبحسب بلخي، فإنّه "من أجل إعادة تأهيل مثل هؤلاء الأشخاص ومعالجتهم، تحتاج إلى رعاية صحية معقدة للغاية"، مشيرة إلى الضغط الهائل الذي تتعرض له الأنظمة الصحية الهشّة في البلدان المضيفة المجاورة، ولا سيما مصر.
الأسبوع الماضي، حذّرت منظمة الصحة العالمية من حدوث "توقّف مفاجئ" لعمليات الاخلاء الطبي منذ أن شنّت اسرائيل هجومها على رفح في أوائل أيار، وحذّرت من أنّ المزيد من الناس سيموتون أثناء انتظار الرعاية.
وتحدّثت بلخي، وهي طبيبة أطفال متخصصة في الأمراض المعدية، عن آثار الصراع على الأطفال على المدى القصير والطويل.
وشرحت أنّ الحرب كان لها أثر مدمر على تدابير الصحة العامة الأساسية، مثل المياه النظيفة والغذاء الصحي والتحصينات الروتينية، مما جعل الأطفال عرضة للإصابة بالحصبة وجدري الماء والإسهال وأمراض الجهاز التنفسي.
وأشارت إلى أنّه "سيكون لها تأثير كبير على الصحة النفسية. وسيتسبب هذا بمتلازمات كبيرة لاضطراب ما بعد الصدمة".
وأضافت: "أعتقد (بالنسبة) للأطفال الذين سمعوا القصف والدمار وعاشوا ذلك، سيتطلب الأمر الكثير من الجهد لإخراجهم" من الصدمة.
وفيما يتعلق بالأطفال الذين تم إنقاذهم من تحت الانقاض، أشارت "لا أعرف حتى كيف يتعافى الشخص من ذلك نفسيّاً".
وحول احتمال إعادة بناء النظام الصحي المدمّر في غزة في يوم من الأيام، أكدت بلخي أنّ "طموح المانحين مرتفع. لكن من دون السلام يكون الأمر مستحيلاً".