سار آلاف الإسرائيليين، وهم يرقصون ويغنون في شوارع القدس القديمة، الأربعاء، حاملين الأعلام الإسرائيلية، في أجواء متوترة ووسط تدابير أمنية مشدّدة على خلفية الحرب في قطاع غزة.
وينظم إسرائيليون من اليمين المتطرف سنويا هذه المسيرة في "يوم القدس" الذي يحيون فيه ذكرى "إعادة توحيد" شطري المدينة بعد احتلال الدولة العبرية جزءها الشرقي في العام 1967.
وكانت الشرطة الإسرائيلية أشارت الى أن "مسيرة الأعلام التقليدية (...) في الذكرى "الـ57 لإعادة توحيد القدس" ستمرّ "من وسط مدينة القدس حتى حائط المبكى عبر أبواب البلدة القديمة وأزقتها بدون المرور عبر الحرم القدسي أو بواباته".
وأغلقت الشرطة عددا من شوارع القدس الشرقية والغربية من الساعة الثانية بعد الظهر (11,00 ت غ) حتى السابعة مساء (16,00 ت غ)، ونشرت ثلاثة آلاف عنصر في كل أنحاء المدينة "للحفاظ على النظام العام والسلامة".
واعتدت مجموعات من المشاركين في المسيرة على صحافيين، وفق ما افاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
وقالت الشرطة إنها اعتقلت خمسة مشتبه بهم شاركوا في المسيرة في منطقة باب العمود قاموا بإلقاء أشياء على الصحافيين الذين كانوا يقفون في زاوية خصصت لهم.
وأضافت أنها تأخذ "على محمل الجد أي محاولة للإضرار بالصحافيين وأعضاء وسائل الإعلام الذين يؤدون واجباتهم، وأي شخص آخر".
وهتف شبّان إسرائيليون عند باب الخليل وهم يلوّحون بأعلام إسرائيلية كبيرة "شعب إسرائيل حي"، و"القدس... القدس الى الأبد".
أمام باب الخليل، وضعت طاولة عليها سترات كتب عليها بالعبرية "أرضي لا أريد تقسيمها". ووُزّعت مناشير كتب عليها "الأمن أكثر مع قوة الصلاة"، و"من أجل إنقاذ إسرائيل كلها"، و"من أجل تجديد الاستيطان اليهودي في قطاع غزة مع كل الأرض المقدسة".
- تحذير من حماس -
وألقى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير كلمة في المتظاهرين أمام الكنيس الكبير في شارع الملك جورج قال فيه "شعب إسرائيل حي. في هذا اليوم السعيد نرسل رسالة لحماس: القدس لنا. باب العمود لنا، جبل الهيكل (المسجد الأقصى) لنا".
وأضاف "بعون الله النصر الكامل لنا. ندعو رئيس الوزراء إلى أن يكون قويا. نحن لا نخضع ولن نستسلم".
ويرفض بن غفير وأعضاء الحكومة من اليمين المتطرف وقف الحرب في قطاع غزة قبل القضاء على حماس التي شنت هجوما غير مسبوق في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل تسبب باندلاع الحرب.
وأوقع الهجوم 1194 قتيلا في إسرائيل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.
وترد إسرائيل بقصف مدمر وعمليات برية في القطاع المحاصر أوقعت 36586 قتيلا، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
واعتبرت حركة حماس في بيان أن "مسيرة الأعلام في القدس المحتلة عدوانٌ على شعبنا ومقدساته".
وحذّرت "الاحتلال من مواصلة سياساته الإجرامية تجاه المسجد الأقصى"، ودعت الشعب الفلسطيني "في كل مكان، خصوصاً في الضفة والقدس والداخل المحتل؛ للنفير العام والتصدي لمخططات الاحتلال".
وحذّرت المرجعيات الإسلامية التي تضمّ دار الإفتاء والأوقاف "من مغبة تصاعد الانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، واستباحته بشكل غير مسبوق من الجماعات اليهودية المتطرفة"، مشيرة الى حصول "اعتداءات واقتحامات مقززة" واكبتها "جملة من الانتهاكات الصارخة من أداء طقوس الصلاة والرقص والصراخ ورفع الاعلام والانبطاح داخل باحات المسجد بحماية شرطة الاحتلال".
- "من سيئ الى أسوأ" -
في القدس القديمة، قال زكي (52 عاما) مفضلا عدم كشف اسم عائلته، "أنا ضد إغلاق دكاكيننا أثناء عبور المسيرة في البلدة القديمة، لكن الناس يريدون حماية أولادهم".
وقال أحد المارة مقدّما نفسه باسم ابراهيم "يجب عدم إغلاق الدكاكين وعدم إفساح المجال للمستوطنين للاستيلاء على المدينة".
في باب العمود، جرت مناوشات بين فتيان فلسطينيين وشبان إسرائيليين، وألقيت حجارة من سطح مبنى على المتظاهرين.
ووصف جلال السمان (38 عاما) الذي يملك متجرا الوضع بأنه "سيئ نتيجة التضييق الكبير جدا على الناس، واستفزازات المستوطنين الذين يحطمون كلّ ما يجدونه في طريقهم".
وأضاف "نحن سكان المدينة لا نعلم كيف نخرج منها اليوم. سياراتنا مركونة خارج أسوار المدينة... يقومون بتكسيرها. المحال التجارية أغلقت أبوابها. إنه وضع يتكرّر كلّ سنة".
وتابع "الحقد أصبح أكبر والوضع من سيئ إلى أسوأ. لقد أفرغوا البلدة القديمة والناس يخشون دخولها بسبب التفتيش والإهانات من الجنود".
بعد وقت قصير، مرّ عشرات الشبان بالقرب من السمان ورشقوه بالقذارات.
وحصل حادث مماثل مع جاره اللحام.
في المقابل، وزّع نشطاء إسرائيليون من أجل السلام زهورا على التجّار العرب في باب الخليل.
- "حزينة" -
واحتلّت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية بعد حرب حزيران 1967.
وتعتبر إسرائيل القدس كاملة عاصمة لها، فيما ينظر الفلسطينيون إلى القدس الشرقية على أنها عاصمة لدولتهم المستقبلية.
في 2021، وفي اليوم المحدّد ل"مسيرة الأعلام" وبعد أعمال عنف بين إسرائيل وفلسطينيين في القدس الشرقية، أطلقت حماس وابلا من الصواريخ على إسرائيل، وتلت ذلك حرب استمرت 11 يومًا بين الجانبين.
في العام 2022، اندلعت اشتباكات بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية خلال "مسيرة الأعلام"، ما أسفر عن إصابة 79 شخصًا على الأقل بجروح.
في سوق أفتيموس التابع لبطريركية الروم الأرثوذكس في البلدة القديمة، وضع مستوطنون إسرائيليون ثلاثة أعلام كبيرة حول نافورة السوق قرب تجمّع سكني كبير للمستوطنين.
وقال أحمد البيتوني (50 عاما) "كلّ التجّار يهربون خارج المدينة تجنبا للمشاكل، لأنهم سوف يهانون من الشرطة والمستوطنين إذا لم يغلقوا محالهم".
ويوضح التجار أن الشرطة لا تجبرهم على الإغلاق، لكنها تحذّرهم من أنها غير مسؤولة عمّا قد يحصل.
وقالت صابرين عريقات (32 عاما) التي جاءت الى المدينة القديمة للتسوّق "وجدتها حزينة وممّلة وخالية من الناس. لقد فقدت حيويتها. نتمنى أن يعمّ السلام لتعود الحياة الى طبيعتها".