تعبيرية.
كان الطفل حازم فرج الله يبكي وهو يرقد في ممر مستشفى بقطاع غزة وحول رأسه ضمادة وبجانبه إحدى قريباته بعد أيام من إصابته في قصف إسرائيلي ووسط احتمالات ضئيلة في الحصول على رعاية طبية كافية.
ولم يتفوه حازم (10 سنوات) بكلمة منذ إصابته في غارة يوم الخميس على مدرسة تابعة للأمم المتحدة تُستخدم كملجأ، وتظهر جروح الشظايا على ظهره وصدره ورأسه.
وقالت قريبته أم ناصر في مقطع مصور حصلت رويترز عليه "له أربعة أيام مرمي على الأرض، المفروض يكون في العناية المركزة، السرير لسه اليوم هيتحفظوا عليه كمان... وع الأرض، لا فيه رعاية والدبان (الذباب) موجود، وحتى الاطباء والتمريض لابد من استدعائهم والله هو المعين مع الطاقم الموجود مع الجرحى والمصابين الله يعينهم".
وفي مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة، يرقد حازم مصابا، ولا يوجد حتى حوامل كافية لتعليق المحاليل عليها.
وقالت أم ناصر "طفل له أربعة أيام ما بيحكيش، ما بنعرف أيه مضاعفات الإصابة إللي في رأسه وظهره كله شظايا كمان... المحلول، الشباب ماسكينه بأيديهم حتى المكان اللي يتحط فيه المحلول مفيش... أدوية وعلاجات مفيش، على حسابنا، يعني أهله بيشتروا العلاجات شرية، هذا المفروض يكون متوفر للأطفال والمصابين فهذه مأساة.. مأساة.. مأساة".
وفي محنة حازم تتجلى الحالة المزرية لمستشفيات غزة المتضررة، والتي تعاني من نقص التجهيز ونقص الطواقم البشرية، بعد ثمانية أشهر من الحملة العسكرية الإسرائيلية على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد هجوم الحركة على تجمعات سكانية إسرائيلية في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وأدى انهيار النظام الصحي في غزة في مواجهة القصف الإسرائيلي المكثف إلى تفاقم مجموعة من الكوارث الأخرى التي تتكشف أبعادها، من أزمة الجوع إلى انتشار الأمراض. ولم يعد بوسع الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة الحصول على الرعاية الأساسية.
كما دفعت الحرب بتدفقات كبيرة من المصابين بجروح خطيرة إلى القليل مما لا يزال يعمل من المستشفيات حتى في الوقت الذي تكافح فيه للحصول على الإمدادات الطبية، وهذا أرهق الأطباء والممرضات الذين يتعاملون مع محدودية توافر المساحات ومع إصابات رهيبة.
وقال الطبيب خليل الدكران من مستشفى شهداء الأقصى "مستشفى شهداء الأقصى هو المستشفى الوحيد الموجود في المحافظة الوسطى ولا يستطيع استقبال هذه الإصابات وخاصة أن المستشفى كان مملتئا عن بكرة أبيه بالمصابين، حيث قمنا بتكويم المصابين بين الممرات الداخلية وبين الأسرة ولا يوجد مكان على الإطلاق في هذا المكان وقمنا بتكويمهم في الخيم الخارجية. المستشفى ممتلئ الآن بالكامل وأعداد المصابين تفوق بخمسة أو ستة أضعاف عدد الأسرة، وهذا يعني القدرة السريرية لا تستطيع أن تتحمل مثل هذه الأعداد".
إصابات تغير الحياة
بعض الجرحى في حالة حرجة. وأصيب توفيق رائد أبو يوسف البالغ من العمر أربع سنوات بشظية في الرأس خلال القصف الإسرائيلي لمخيم النصيرات للاجئين يوم السبت خلال عملية تحرير رهائن.
ونُقل الطفل إلى المستشفى لكن إصابته كانت بالغة لدرجة أن رجال الإنقاذ لم يجدوا به أثر لنبض واعتقدت الأسرة أنه توفي. وكان أبو يوسف يحفر قبر الطفل حين سمع أنه ما زال على قيد الحياة في مستشفى شهداء الأقصى.
لكن إصاباته لا تزال تمثل تهديدا لحياته وستغيرها بالتأكيد.
وقال الجراح عمر أبو طاقية "في ظل الاستهداف العنيف اللي حاصل في المنطقة الوسطى من قطاع غزة بوصول عدد كبير من الإصابات وطبعا عدد الشهداء تجاوز اليوم في آخر إحصائية 228 شهيدا تقريبا، وعدد الاصابات 500 إصابة، من ضمنهم الطفل توفيق أبو يوسف طبعا. توفيق عمره أربع سنين استلمناه كشهيد في مستشفى العودة ولا كان فيه أي علامات حيوية بتظهر عليه، وضعه كان صعبا جدا، كان شبه متوف أو متوفيا حرفيا، لا وجود لأي علامات حيوية كانت ظاهره عليه. إلا أنه فجأة اتحرك... هو محتاج أكيد لسفر، طبعا امنيح أن إحنا وصلنا لانقاذ حياته لكن ما بعد ذلك أكيد لمتابعة أكتر لأنه جزء من دماغه هيكون مفقود... جزء من دماغه كان خارج تجويف الجمجمة، وبالتالي محتاج لسفر وإغلاق المعابر يحول طبعا أنه يتلقى خدمة صحية أكبر خارج حدود قطاع غزة".