يتواصل القتال في قطاع غزة، بينما يقوم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بجولة تشمل أربع دول في الشرق الأوسط لدفع حماس لقبول اقتراح هدنة في الحرب الدائرة بلا هوادة منذ أكثر من ثمانية أشهر بين إسرائيل وحماس.
شمالا، أعلن حزب الله استهدافه مواقع اسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا "رداً" على "اغتيال" قيادي في صفوفه ليلاً في جنوب لبنان، يُعد الأبرز منذ بدء التصعيد عبر الحدود، قبل أن يتوعد بزيادة عملياته ضدّ اسرائيل "كمّاً ونوعاً".
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، إن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها لسد الفجوات و"إتمام اتفاق" وقف إطلاق النار في غزة، مضيفاً أن مطالب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ليست كلها مقبولة.
وتوجه بلينكن الأربعاء إلى قطر، الوسيط الرئيسي، بعد أن قدمت حركتا حماس والجهاد الإسلامي ردهما على مقترح الهدنة، بينما أكدت القاهرة والدوحة أن جهود الوساطة مع الولايات المتحدة ستستمر حتى التوصل إلى اتفاق.
واقترحت حماس في وقت متأخر من الثلثاء تعديلات ردا على الخطة التي طرحها الرئيس جو بايدن في 31 أيار، تشمل جدولا زمنيا لوقف إطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وفقا لمصدر مطلع على المحادثات. وقالت واشنطن إنها "تدرس" رد الحركة.
وصرح بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، بأن الولايات المتحدة راجعت الاقتراحات التي قدمتها حماس الثلثاء، مضيفاً أن "بعض التغييرات قابلة للتنفيذ، والبعض الآخر ليس كذلك".
وأشار الى أن واشنطن ستقدم "أفكارًا ملموسة" بشأن غزة ما بعد الحرب، في الوقت الذي تضغط فيه على إسرائيل من أجل وضع خطة. وأكد أن الولايات المتحدة ستقدم "في الأسابيع المقبلة... عناصر رئيسية لخطة اليوم التالي، بما في ذلك أفكار ملموسة إزاء كيفية إدارة الحكم والأمن وإعادة الإعمار".
من جهته، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن هناك دعوة واضحة وحازمة لإنهاء الحرب في غزة.
ورأى أن المقترح الحالي لوقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني هو الطريقة المثلى لسد الفجوات بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تريد ضمانات مكتوبة من الولايات المتحدة لوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة من أجل التوقيع على اقتراح هدنة تدعمه واشنطن.
وقالا الى جانب مصدر ثالث مطلع على المحادثات، إن حماس لديها مخاوف من أن المقترح الحالي لا يقدم ضمانات صريحة بشأن الانتقال من المرحلة الأولى من الخطة، التي تشمل هدنة لستة أسابيع وإطلاق سراح بعض الرهائن، للمرحلة الثانية التي تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار وانسحاب إسرائيل.
وقال المصدران المصريان إن حماس ستقبل بالخطة إذا حصلت على ضمانات وإن مصر على تواصل مع الولايات المتحدة بشأن ذلك المطلب.
وذكر المصدر الثالث "تريد حماس تطمينات بشأن الانتقال التلقائي من المرحلة الأولى لما بعدها وفقا للاتفاق الذي أعلنه الرئيس بايدن".
أ ف ب
- صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل -
ومع استمرار الحرب في غزة، تجددت المخاوف الأربعاء من اتساع نطاق التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.
ونعى حزب الله بعد منتصف ليل الثلثاء الأربعاء "الشهيد المجاهد القائد طالب سامي عبدالله" مع ثلاثة مقاتلين آخرين. وأفاد مصدر عسكري لبناني أن القيادي هو "الأبرز" في صفوف الحزب الذي يُقتل بنيران إسرائيلية منذ بدء التصعيد.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه نفذ غارة على "مقر قيادة" حزب الله في منطقة جويا، قُتل فيها عبد الله الذي قال إنه "على مدار سنوات، خطط وأشرف ونفذ عدداً كبيراً من الهجمات" ضد إسرائيليين.
وصباح الأربعاء، دوت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل مع إطلاق صليات ضمت نحو 160 صاروخا.
وشّن الجيش ضربات على جنوب لبنان، قال إنها طالت منصتي إطلاق في يارون وحانين، و"بنى تحتية" في أربعة مواقع تابعة لحزب الله في ياطر.
وأدى إطلاق القذائف من جنوب لبنان الى اشتعال حرائق في شمال إسرائيل.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حذر الأسبوع الماضي أن الدولة العبرية "جاهزة لشن عملية مكثفة للغاية" على الحدود مع لبنان.
-"جرائم حرب"-
يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه وعملياته البرية داخل قطاع غزة، حيث قتل سبعة أشخاص في غارة فجرا على منزل في مدينة غزة، بحسب ما اعلن المستشفى الأهلي المعمداني.
في جنوب القطاع، أعلن مسعف في مستشفى ناصر عن مقتل طفل واصابة آخرين في قصف استهدف منزلا في رفح. ويتواصل القصف الجوي على مدينة خانيونس.
بينما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قضى الثلثاء على خلايا مسلحة خاض معها معارك، في رفح، وأن طائراته ضربت "أكثر من 30 هدفا" في مختلف أنحاء قطاع غزة.
في جنيف، خلصت لجنة تحقيق أممية إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في غزة بما يشمل "الإبادة" فيما شددت على أن الدولة العبرية ومجموعات مسلحة فلسطينية ارتكبت جرائم حرب.
وقال تقرير "لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلّة" إن السلطات الإسرائيلية من خلال ممارساتها في غزة "مسؤولة عن جرائم حرب مثل التجويع كوسيلة حرب".
وخلصت اللجنة إلى ان "أفرادا في المجموعات الفلسطينية المسلحة... قتلوا وجرحوا وعذبوا وأخذوا رهائن بما في ذلك أطفال وارتكبوا العنف الجنسي والجنساني ضد مدنيين وضد أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية بمن فيهم جنود".
وسارعت إسرائيل إلى رفض ما خلص إليه التقرير متهمة اللجنة بممارسة "تمييز منهجي" في حقها.
أ ف ب
- خطة بايدن -
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول بعد شن حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية خلف 1194 قتيلا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى معطيات إسرائيلية رسمية.
خلال هذا الهجوم احتُجز 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37164 شخصا في غزة معظمهم مدنيون وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
وتنص خطة بايدن التي تبناها مجلس الأمن الدولي، في المرحلة الأولى على وقف فوري لإطلاق النار لستة أسابيع والإفراج عن رهائن مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، و"انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة".
ويسعى بايدن إلى إنهاء الحرب التي تسببت بخسائر فادحة في صفوف المدنيين وقلبت أجزاء من القاعدة الانتخابية في حزبه الديموقراطي ضده قبل أشهر من الانتخابات.
يتعرض نتنياهو لضغوط شعبية شديدة لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، لكنه يواجه أيضا تهديدا سياسيا كبيرا من المتطرفين اليمينيين في ائتلافه الحاكم.
وهدد الوزيران من اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من حكومة نتنياهو الائتلافية إذا مضى قدما في مقترح الهدنة.
وقام بلينكن بإرسال مستشارين كبار للنظر في رد حركة حماس مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، بحسب ما اعلن مسؤول اميركي.
ومن المقرر أن يلتقي بلينكن في الدوحة أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس وزرائه الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي يشغل أيضا منصب وزير خارجية قطر.