بعد الإحرام والطواف والسعي والتروية والوقوف على عرفة، أكمل الحجاج، الأحد، آخر الشعائر مع رمي الجمرات في منى تحت شمس حارقة، إيذاناً ببدء أول أيام عيد الأضحى.
ومع ساعات الفجر، تقاطر الحجاج إلى وادي منى قرب مكة لرمي الجمرات الثلاث بسبع حصيات جمعوها في مزدلفة، قبل العودة مجدداً إلى مكة للأضحية وأداء طواف الوداع في المسجد الحرام.
وعانى الحجاج الذين وصلوا سيراً في وقت لاحق الأحد درجات الحرارة المرتفعة، والتي تجاوزت 40 درجة مئوية، وخصوصاً من كبار السن.
وشوهد اثنان منهم على الأقل وقد أنهكهما الإرهاق فاحتميا قرب مبان أو سيارات إلى جانب الطريق، على بعد بضع مئات من الأمتار من الجمرات.
وقال أحمد السيد عمران المتقاعد المصري البالغ 70 عاماً، وهو يجلس على الرصيف إن "الأمر صعب للغاية، لم نتمكن من العثور على وسيلة نقل، ولم أعد أستطيع النهوض".
وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية في بيان الأحد عن 14 حالة وفاة بين الأردنيين الذين يؤدون مناسك الحج في السعودية، بينما البحث جار عن 17 آخرين مفقودين، فيما أشارت إيران إلى وفاة خمسة أشخاص، من دون أن يذكر البلدان الأسباب.
ولم تعلن السلطات السعودية عن عدد حالات الإرهاق جراء ارتفاع الحرارة التي لوحظت بين الحجاج، بعد ثلاثة أيام من أداء المناسك في مكة وضواحيها.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية محمد العبد العالي إنه تم تسجيل أكثر من عشرة آلاف حالة من الأمراض المرتبطة بالحر العام الماضي أثناء الحج، بما في ذلك 10 في المئة من ضربات الشمس، وهي أخطر أشكالها.
وبحسب البيانات المنشورة في العام 2023 من قبل دول مختلفة، ولا سيما إندونيسيا، فقد توفي 240 شخصاً على الأقل خلال موسم الحج، بدون تحديد الأسباب. ولم تعلن المملكة الخليجية عن أرقام الوفيات.
أ ف ب - "متساوون" - وتحولّت شعيرة الرجم مأساة في العام 2015 عندما أدى تدافع إلى مصرع 2300 شخص، لكن الموقع شهد منذ ذلك الحين تطوّرات كبيرة لتسهيل حركة الحشود.
وكانت الطرقات المؤدية إلى الجمرات مزدحمة بالحجاج الذين يسيرون تحت أشعة الشمس الحارقة. وقالت امرأة من الأردن، لم ترغب في ذكر اسمها، إن "الجو حار جداً".
وليلة السبت، جمع المؤمنون الحصى وباتوا في سهل مزدلفة، على بعد بضعة كيلومترات من منى، بعد قضاء النهار في الصلاة وتلاوة القرآن على جبل عرفة، في ظل درجات حرارة وصلت إلى 46 درجة مئوية.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فقد تلقى العديد من الأشخاص العلاج جراء الإرهاق المرتبط بدرجة الحرارة خلال النهار.
وعلى الرغم من درجات الحرارة المرتفعة في واحدة من أكثر المناطق احتراراً في العالم، فإن الوقوف على عرفة الذي يعتقد المسلمون أن النبي محمد ألقى فيه خطبته الأخيرة، كان له أثر إيجابي لدى كثيرين.
وقالت أمل محروس الآتية من مصر والبالغة 55 عاماً إن "هذا المكان يبيّن لنا أننا جميعاً متساوون، وأنه لا توجد اختلافات بين المسلمين في العالم".
وكما في العام 2023، أدى أكثر من 1,8 مليون حاج المناسك هذا العام، بينهم 1,6 مليون من خارج المملكة، بحسب ما أعلنت السلطات السعودية السبت.
أ ف ب - عيد وحرب - تؤدى شعيرة الرجم في اليوم الأول من عيد الأضحى، ويشهد إقدام الحجاج على ذبح خروف عادة، وتوزيع لحمه أضحية للمحتاجين.
لكن العيد الذي يكون عادة مدعاة احتفال وفرح، يتزامن هذا العام مع احتدام الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأول بعد شن حماس هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية خلف 1194 قتيلا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى معطيات إسرائيلية رسمية.
خلال هذا الهجوم احتُجز 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37296 شخصا في غزة معظمهم مدنيون وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
وقال المصري نجم نوار البالغ 43 عاماً "لا نشعر بعطلة العيد لأن إخواننا في غزة مظلومون تحت الاحتلال (الإسرائيلي)".
وأصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أمراً باستضافة ألف حاج "من أسر الشهداء والجرحى من قطاع غزة"، ليرتفع عدد الحجاج الفلسطينيين لأداء مناسك هذا العام إلى ألفي شخص، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
في المقابل، حذر وزير الحج السعودي توفيق الربيعة الأسبوع الماضي، من أنه لن يتم التسامح مع "أي شعارات سياسية"، لكن ذلك لم يمنع الحجاج من إبداء تعاطفهم وتضامنهم مع الفلسطينيين.
وقال الحاج السعودي وديع علي خليفة (32 عاماً) "ندعو لهم (...) ومن أجل تحرير فلسطين، ليكون لنا عيدان بدلاً من عيد واحد".