أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه ينفّذ عمليات بتغطية جوية في شمال غزة أدت إلى مقتل "عشرات" المسلّحين في حي الشجاعية الذي أعلن سابقا أنه بات خاليا من مقاتلي حركة حماس.
وأفاد شهود عيان ومسعفون عندما بدأت عملية الشجاعية الخميس بأنها أدت إلى سقوط إلى العديد من الضحايا.
كذلك واصلت القوات الإسرائيلية توغلها في جنوب قطاع غزة، فيما قال مسؤولون فلسطينيون في قطاع الصحة إن قصف الدبابات في رفح أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصا.
وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إن الدبابات تقدمت أكثر نحو الغرب إلى حي الشاكوش في رفح، مما أجبر آلاف النازحين هناك على ترك خيامهم والتوجه شمالا إلى خان يونس القريبة.
وقال أحد السكان عبر تطبيق للتراسل إنه يجري تكديس الرمال بواسطة جرافات في حي الشاكوش حتي يتسنى للدبابات الإسرائيلية التمركز خلفها.
وأضاف "بعض العائلات اللي عايشين في المنطقة اللي فيها الاجتياح محاصرين هالوقت بواسطة قوات الاحتلال".
وتابع الرجل الذي نزح شمالا الليلة الماضية "الوضع هناك خطير جدا وكتير من الأسر نزحوا باتجاه خان يونس حتى من منطقة المواصي بعد ما صار الوضع مش آمن لهم".
وجاء تجدد المعارك في شمال غزة بعد تصريحات صادرة الأحد عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أفاد بأن حدّة "المرحلة المكثّفة" من الهجوم الإسرائيلي على غزة تتراجع بعد نحو تسعة شهور.
ويتوقّع خبراء أن يطول أمد المرحلة المقبلة.
وأفاد الخبير العسكري في "معهد القدس للاستراتيجية والأمن" عمر دوستري بأنه يتوقّع أن يخفض الجيش حضوره الميداني ويزيد اعتماده على المسيّرات والطائرات المقاتلة "لمواصلة تفكيك حماس".
وكان مراسل فرانس برس في الشجاعية شاهدا الجمعة على ضربة جوية حيث رأى الدخان يتصاعد ليُسمع بعد ذلك دوي القصف المدفعي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنه خلال ليل الخميس بدأ الجنود "تنفيذ عمليات مستهدفة" في منطقة الشجاعية في إطار عملية بدأت في وقت سابق من اليوم.
وأشارت معلومات استخباراتية إلى "وجود إرهابيين وبنى تحتية للإرهاب في منطقة الشجاعية"، وفق ما أفاد الجيش لدى كشفه عن أولى تفاصيل العملية.
ومع توغل الجنود، قصفت الطائرات الحربية عشرات الأهداف التابعة لحماس، وفق ما أعلن الجيش، بعد ضربات "كبرى" أدت إلى مقتل "عشرات" المسلحّين في الشمال.
والجمعة أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي أنها تخوض معارك في حي الشجاعية في شمال غزة وأنها استهدفت قوات إسرائيلية بقذائف هاون.
في الأثناء قال الدفاع المدني الفلسطيني إن قوات إسرائيلية استهدفت مقرّه خلال تقدّمها في غرب رفح.
وأفاد مدير إدارة الإمداد والتجهيز بالمديرية العامة للدفاع المدني بقطاع غزة محمد المغير وكالة فرانس برس بتضرر سيارة إسعاف وآلية حفر تستخدم لإخراج أشخاص من تحت الركام.
أ ف ب
أ ف ب
- ضربات "كبرى" -
ودعا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية افيخاي ادرعي عبر موقع "اكس" سكان الشجاعية الخميس إلى الإخلاء الفوري "من أجل سلامتكم" داعيا إياهم للتوجه إلى المنطقة الإنسانية الواقعة على بعد نحو 25 كيلومترا.
وشاهد مصوّر فرانس برس العديد من الفلسطينيين وهم يغادرون سيرا على الأقدام، حاملين أمتعتهم في الشوارع حيث تناثر الحطام.
وأكدت حماس بدء القوات الإسرائيلية "عملية توغّل" في الشجاعية متحدّثة عن سقوط "أعداد من الشهداء" ونزوح "الآلاف... تحت وطأة قصفٍ واستهدافٍ ممنهج للمدنيين العزّل".
اندلعت الحرب في غزة إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول، أسفر عن مقتل 1195 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 42 يقول الجيش إنّهم لقوا حتفهم.
وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن 37765 شخصا في قطاع غزة، حسب وزارة الصحّة التابعة لحماس.
وأعلن الجيش الجمعة مقتل جندي آخر يبلغ 19 عاما خلال معارك في جنوب غزة. ويرتفع بذلك عدد قتلاه منذ بدء العمليات البريّة في القطاع إلى 314 جنديا.
وفي أجزاء أخرى من القطاع، أعلنت مصادر طبية الجمعة مقتل ثلاثة أشخاص في دير البلح في وسط غزة.
وأظهرت صور لفرانس برس تعرّض مبنى بلدي للدمار فيما أظهرت صور أخرى زملاء أربعة متطوّعين في الدفاع المدني قتلوا في قصف على مخيم النصيرات للاجئين، وهم يصلّون عليهم. ووضعت السترات البرتقالية التي يرتدونها أثناء العمل فوق جثثهم التي لُفّت بالأكفان.
وأفاد شهود عيان الجمعة عن تعرّض النصيرات إلى قصف مدفعي.
- "عتبة" -
بينما تدور المعارك في غزة، تتزايد المخاوف من اتساع رقعة الحرب في المنطقة على خلفية تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله في لبنان. وارتفع مستوى التوتر هذا الشهر بسبب تزايد حدة القصف.
أعرب مسؤولون أميركيون عن أملهم في إمكان أن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى خفض الأعمال العدائية عند حدود إسرائيل الشمالية، لكن شهورا من الوساطة التي شاركت فيها مصر وقطر لم تثمر عن اتفاق.
والخميس، أعلن حزب الله إطلاق "عشرات" الصواريخ على قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل ردّا على ضربات إسرائيلية على لبنان.
وأفاد حزب الله عن مقتل أربعة من مقاتليه فيما ذكر الجيش الإسرائيلي بأن ثلاثة من عناصر حزب الله قتلوا في ضربات جوية.
أُجبر معظم سكان غزة على النزوح ودُمّر الجزء الأكبر من البنى التحتية في القطاع، ما ترك السكان على حافة الموت.
وجاء في تقييم مدعوم من الأمم المتحدة هذا الأسبوع بأن حوالى نصف مليون شخص في غزة ما زالوا يعانون من جوع "كارثي".
ويؤكد الموقع الإلكتروني لـ"التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" بأنه أُنشئ "ليحل محل التدخلات السياسية المحتملة عبر الحياد الفني" وبأن محدداته مبنية على معايير دولية.
لكن متحدّثا باسم الحكومة الإسرائيلية قلل من أهمية التقرير معتبرا أنه "متحيز"، مشيرا إلى أن ذلك يعود جزئيا إلى أنه "يستند لبيانات من مؤسسات صحية تابعة لحماس".
يأتي إعلان نتنياهو عن تراجع حدة القتال الكثيف في وقت يواجه ائتلافه اليميني سلسلة من الضغوطات.
فقد تجمّع آلاف المتظاهرين مجددا أمام مقر إقامته في القدس الخميس مطالبين باتفاق لإطلاق سراح الرهائن، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس.
وفي منطقة تل أبيب، فرّقت الشرطة تظاهرة لمتديّنين متشددين خرجوا للاحتجاج على قرار للمحكمة العليا ينص على وجوب تجنيدهم في الجيش.