في اليوم التالي، وبناءً على قرار رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أوقفت أبوظبي شحن النفط إلى الولايات المتحدة، وهدّد الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز آل سعود بوقف شحنات النفط السعودي تماماً إلى الولايات المتحدة ما لم تتبدل السياسة الأميركية، ولحقت بهما الدول العربية بين وقف ضخّ مثل ليبيا، أو تخفيض إنتاج مثل قطر، أو رفع أسعار مثل العراق والكويت. وما لبثت السعودية أن أعلنت في 20 تشرين الأول (أكتوبر) عن إيقاف تصدير النفط للولايات المتحدة، وحذت حذوها الجزائر. وفي اليوم التالي، انضمت الكويت وقطر والبحرين إلى قرار حظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة الأميركية، كما تم حظر تصدير النفط إلى هولندا بسبب موقفها المؤيد لإسرائيل.
وبعد يوم واحد من تفعيل الحظر النفطي العربي الكامل على الولايات المتحدة، تبنّى مجلس الأمن صبيحة 22 تشرين الأول (أكتوبر) 1973 القرار رقم 338 الذي ينصّ على وقف إطلاق النار، على أن يتبع ذلك تنفيذ القرار 242 الصتدر عام 1967 بكل فقراته، فيما حذر الشيخ زايد بن سلطان من المزيد من إجراءات المقاطعة ضد الولايات المتحدة في حال استمرار واشنطن في مساعدة إسرائيل.
في 26 تشرين الأول (أكتوبر) 1973، أُعلن عن وقف دائم لإطلاق النار، وبدأت طلائع القوات الدولية بالوصول إلى جبهات القتال. وفي اليوم التالي، بدأ تأثير الحظر العربي للنفط يظهر، حيث حضّ وزير التجارة الأميركي فريديريك دانت الصناعة الأميركية على الشروع في برنامج تقنين طوعي في الطاقة، فيما أوفدت هولندا سفيرها في إيران إلى الدول العربية سعياً إلى إيضاح سياسة هولندا الشرق أوسطية، وسط تدابير لخفض توزيع البنزين، ومخاوف من انتشار البطالة، ومنع استعمال السيارات نهار الأحد. كما ألغت شركات الطيران الأميركية 160 رحلة يومية لمواجهة أزمة الوقود، وتكدست الطوابير الطويلة للسيارات أمام المحطات، فيما دعا الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون الأميركيين إلى شد الحزام، واقترح استخدام الفحم.
في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973، بدأ الاجتماع الثاني لوزراء دول منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط في العاصمة الكويتية، وقرروا زيادة خفض الإنتاج من جديد بنسبة 25 في المئة، وتم توسيع دائرة الحظر لتشمل، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية وهولندا، الدانمارك وجنوب أفريقيا والبرتغال ودولاً أخرى. وعلى وقع هذه القرارات، بدأت الأسهم تهبط في البورصات الأميركية، وبدأت الحكومة الأميركية أكبر حملة إعلامية لمواجهة أزمة الطاقة، وأقرّ مجلس النواب الأميركي مشروع فرض نظام الحصص في توزع الوقود.
وفي محاولة لتحييد أوروبا نفسها عن هذا الحظر، أصدر وزراء خارجية السوق الأوروبية المشتركة في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973 بياناً طالبوا فيه إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
ومع إعلان البيت الأبيض رسمياً في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) عن مشروع من 6 نقاط بين مصر وإسرائيل لتعزيز وقف إطلاق النار، كان الملك فيصل بن عبد العزيز يؤكد لكيسنجر أن السعودية لن ترفع الحظر عن تصدير النفط إلى الولايات المتحدة الأميركية إلا بعد تأمين الحقوق العربية والفلسطينية.
في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973، وُقّع الاتفاق المصري - الإسرائيلي لوقف إطلاق النار داخل خيمة عسكرية نُصبت في الأراضي المصرية.
في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973، أعلنت منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط أنها ستواصل فرض القيود على إنتاج النفط إلى أن تقرر الأسرة العالمية اتخاذ إجراءات حاسمة وفعّالة لحمل إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلّة، فيما صرّح وزير النفط في أبوظبي أن إنتاج النفط خُفِّض بمقدار 50 في المئة دعماً للقضية العربية، ولضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، فيما دخلت الدانمارك في الإجراءات القاسية للتعايش مع حظر النفط.
في 18 تشرين الثاني (نوفمبر)، وتقديراً من الدول العربية المنتجة للنفط لموقف السوق الأوروبية المشتركة، قررت في نهاية اجتماعها في فيينا تجميد خفض إنتاجها مع مواصلة حجب النفط عن الولايات المتحدة وهولندا والدول الداعمة لإسرائيل بشكل كامل. وأكد وزير النفط السعودي أحمد زكي اليماني أن المقاطعة النفطية العربية ستُرفع عن الدول التي تساعد القضية العربية "في شكل ملموس جداً"، فأعلن وزير التجارة والصناعة الياباني في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) في موقف مغاير للسياسة اليابانية في الشرق الأوسط، أنه "لا يحق لإسرائيل أن تضع قواتها في الأراضي العربية التي احتلتها بالقوة بشكل غير شرعي".
وفي ردّ على تهديد مبطن لوزير الخارجية الأميركي في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) حول اضطرار الولايات المتحدة إلى النظر في إجراءات مضادة إذا استمرت الضغوط النفطية، أعلن اليماني أن بلاده ستفجر عدداً من آبار النفط إذا تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً.
في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973، عُقد في الجزائر مؤتمر القمّة العربية السادس الذي أكد ضرورة مواصلة النضال "بحكمة وتصميم في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تمثل جبهات متكاملة". وأوردت صحيفة "النهار" في 4 كانون الأول (ديسمبر) 1973 المقررات السرّية التي اتخذها المؤتمر وفيها الاستمرار في استخدام النفط سلاحاً في المعركة، وربط رفع حظر تصدير النفط إلى أية دولة بالتزامها تأييد القضية العربية العادلة.
أدرك الرئيس الأميركي رتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر الارتباط المحوري بين حظر النفط وعملية السلام، فبدأت إدارة نيكسون مفاوضات مع مصر وسوريا وإسرائيل لترتيب انسحاب إسرائيلي من سيناء ومرتفعات الجولان بشكل متوازٍ في تشرين الثاني (نوفمبر) 1973. واستجابة لهذا التطور، أعلن وزراء النفط في 8 كانون الأول (ديسمبر) 1973 في الكويت عن استئناف شحنات النفط إلى العالم بشكل تدريجي يتناسب وموافقة إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة. وعلى الرغم من العملية الفدائية المزدوجة في أثينا وروما في 17 كانون الأول (ديسمبر) 1973، عُقد مؤتمر السلام في جنيف في 21 كانون الأول (ديسمبر) بمشاركة مصر والأردن وإسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والأمم المتحدة. وفي إشارة إلى الأجواء الإيجابية، اتخذ وزراء النفط العرب في 25 كانون الأول (ديسمبر) قراراً أعلنوا فيه توقف الخفض الشهري للإنتاج إبتداءً من كانون الثاني (يناير) 1974، عدا الولايات المتحدة وهولندا. كما أعربوا عن ارتياحهم لما وصفوه بتغيّر نظرة الولايات المتحدة إلى النزاع العربي - الإسرائيلي، فيما وصف الرئيس الأميركي القرار العربي بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح".
بلغت المساعي الأميركية التي قادها كيسنجر ذروتها بالتوصل إلى اتفاق فض الاشتباك المصري الإسرائيلي الأول في 18 كانون الثاني (يناير) 1974، فأعلنت الدول النفطية العربية في 17 آذار (مارس) في فيينا رفع الحظر النفطي عن الولايات المتحدة. وفي 31 أيار (مايو) 1974، وقّعت سوريا وإسرائيل اتفاق فصل القوات في قصر الأمم المتحدة في جنيف. وفي 10 تموز (يوليو) 1974، رفعت الدول العربية النفطية الحظر النفطي المفروض على هولندا منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1973 في اجتماعها بالقاهرة، منهية ما عُرف بالحظر النفطي العربي الذي استمرّ تسعة أشهر، بعد حرب أكتوبر 1973.
تسلسل الأحداث
- 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: مصر وسوريا تشنان حرباً ضد إسرائيل، لاستعادة أرض سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية المحتلتين، عرفت باسم "حرب أكتوبر" في رابع حرب تدور بين العرب إسرائيل.
- 12 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عمر السقاف يسلَّم تحذيراً مكتوباً إلى وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر بأن السعودية ستخفض إنتاجها وصادراتها من النفط إلى أميركا إذا قدمت مساعدات مباشرة لإسرائيل.
- 17 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: اجتماع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون مع ممثلي أربع دول عربية (السعودية، المغرب، الجزائر، الكويت) لطرح الموقف العربي الرافض للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
- 17 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: قرار الدول العربية المنتجة للنفط في الكويت خفض إنتاجها من النفط بنسبة 5 في المئة شهرياً، واستمرار خفض الإنتاج إلى أن تتحرر الأراضي العربية المحتلة في عام 1967.
- 18 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: بناء على قرار للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، توقف شحن النفط من الإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة.
- 20 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: السعودية توقف تصدير النفط للولايات المتحدة، وتحذو الجزائر وليبيا حذوها.
- 21 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: الكويت وقطر والبحرين والعراق توقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة.
- 22 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: مجلس الأمن يُصدر القرار رقم 338 الذي ينص على وقف إطلاق النار على أن يتبع ذلك تنفيذ القرار 242 بكل فقراته.
- 26 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: الإعلان عن وقف دائم لإطلاق النار بين سوريا ومصر وإسرائيل، وبدء طلائع القوات الدولية بالوصول إلى جبهات القتال.
- 27 تشرين الأول (أكتوبر) 1973: وزير التجارة الأميركي فريديريك دانت يحضّ الصناعة الأميركية على الشروع في برنامج تقنين طوعي في الطاقة.
- 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: وزراء دول منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط يقررون زيادة خفض الإنتاج من جديد بنسبة 25 في المئة، وتوسيع دائرة الحظر لتشمل الدانمارك وجنوب أفريقيا والبرتغال ودولاً أخرى، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية وهولندا.
- 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: وزراء خارجية السوق الأوروبية المشتركة يطالبون في بيان إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وأخذ حقوق الفلسطينيين في الاعتبار.
- 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون يدعو الأميركيين إلى شد الحزام، ويقترح استخدام الفحم.
- 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: البيت الأبيض يعلن عن مشروع من 6 نقاط بين مصر وإسرائيل لتعزيز وقف إطلاق النار.
- 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز يؤكد لوزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر أن السعودية لن ترفع الحظر عن تصدير النفط إلى الولايات المتحدة الأميركية إلا بعد تأمين الحقوق العربية والفلسطينية.
- 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: توقيع الاتفاق المصري - الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في خيمة عسكرية نُصبت في الأراضي المصرية.
- 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط تعلن عن مواصلتها فرض القيود على إنتاج النفط إلى أن تقرر الأسر العالمية اتخاذ إجراءات "حاسمة وفعالة" لحمل إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
- 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: وزير النفط في أبوظبي يعلن خفض إنتاج النفط 50 في المئة دعماً للقضية العربية، ولضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة.
- 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: الدول العربية المنتجة للنفط تقرر تجميد خفض إنتاجها، مع مواصلة حظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وهولندا والدول الداعمة لاسرائيل بشكل كامل.
- 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: وزير التجارة والصناعة الياباني ياسوهيرو ناكاسوني يعلن أنه "لا يحق لإسرائيل أن تضع قواتها في الأراضي العربية التي احتلتها بالقوة بشكل غير شرعي".
- 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر يعلن أن الولايات المتحدة ستضطر إلى النظر في إجراءات مضادة إذا استمرت الضغوط النفطية.
- 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: وزير النفط والثروة المعدنية السعودي أحمد زكي اليماني يعلن أن بلاده ستفجر عدداً من آبار النفط إذا تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً.
- 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 1973: مؤتمر القمة العربية السادس في الجزائر يؤكد ضرورة مواصلة النضال "بحكمة وتصميم في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تمثل جبهات متكاملة".
- 8 كانون الأول (ديسمبر) 1973: وزراء النفط العرب يعلنون استئناف شحنات النفط إلى العالم بشكل تدريجي يتناسب وموافقة إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
- 17 كانون الأول (ديسمبر) 1973: عملية فدائية مزدوجة في أثينا وروما تؤدي إلى مقتل 34 شخصاً، وتفجير طائرة أميركية، وخطف طائرة ألمانية.
- 21 كانون الأول (ديسيمبر) 1973: انعقاد مؤتمر السلام في جنيف بمشاركة مصر والأردن وإسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والأمم المتحدة، ومقاطعة سوريا.
- 25 كانون الأول (ديسمبر) 1973: وزراء النفط العرب يعلنون عن توقف الخفض الشهري للإنتاج ابتداءً من كانون الثاني (يناير) 1974، عدا الولايات المتحدة وهولندا، ويعربون عن ارتياحهم لما وصفوه بتغيير في نظرة الولايات المتحدة إلى النزاع العربي الإسرائيلي.
- 18 كانون الثاني (يناير) 1974: توقيع اتفاق فصل القوات بين مصر وإسرائيل.
- 17 آذار (مارس) 1974: سبع دول عربية نفطية ترفع في فيينا الحظر النفطي عن الولايات المتحدة.
- 31 أيار (مايو) 1974: توقيع اتفاق فصل القوات بين سوريا وإسرائيل في قصر الأمم المتحدة في جنيف.
- 10 تموز (يوليو) 1974: الدول العربية النفطية ترفع الحظر النفطي المفروض على هولندا.